في الخامس والعشرين من شهر رجب الاصب عام 183 هـ يحي المؤمنون ذكرى شهادة الكوكب السابع من كواكب الهداية المحمدية الامام موسى ابن جعفر الكاظم (ع).
ومما هو معروف فان الامام جعفر الصادق عليه السلام اسس مدرسة اهل البيت والأساس العلمي للعقيدة الاسلامية الصحيحة ,وبعد رحيله عليه السلام فان هذه الجهود وهذه المدرسة قد تحولت تحت رعاية الامام الكاظم الذي ربى شخصيات علمية كبيرة والذين كانوا يتصاغرون امامه لمعرفتهم بفضائله الاخلاقية وخصاله الانسانية ومنزلته العلمية.
وعلى الرغم من الظرف العام الحرج، و تضييق حكام بني العباس عليه الا ان الامام عليه السلام لم يترك مسؤوليته العلمية.
و لم يتخل عن تصحيح المسار الإسلامي بكل ما حوى من علوم و معارف و اتجاهات، فلقد تصدى هو و تلامذته لتيارات الإلحاد والزندقة لتثبية أركان التوحيد ، و تنقية مدارات العقيدة ، وإيجاد رؤية عقائدية أصيلة تشع بروح التوحيد، و تثبت في اعماق النفس والعقل، كما أغنى مدرسة الفقه بحديثه و رواياته و تفسيره ، وكان بهذه المنهجية يثبت أركان الإسلام، ويعمّق أصول التفسير الإسلامي، و ينقي مناهج الفقه و التشريع، فحفظ بذلك مدرسة اهل البيت (ع)،
و اغنى عطاءها ، و أنمى ثمارها، لقد كانت فترة استلام الامام الكاظم لمهام الامامة فترة عصيبة وسوداء من خلال تسلط وجور حكام بني العباس.
فقد كانت بداية امامته زمن المنصور الدوانيقي الذي يحمل الحقد والبغض ليس على ائمة اهل البيت وأتباعهم فقط بل على كل من يناصر اهل الحق وينصر المظلومين,الى المهدي والهادي وهارون الرشيد حيث كانت فترة فساد ومجون واضطهاد وظلم وانتشار العقائد الضالة المنحرفة التي تشجعها سلطة الحكام العباسيين المنشغلين بفجورهم.
فكان الامام الكاظم عليه السلام وعلماء مدرسته العلمية يتصدون للانحرافات العقائدية ومناصرة الانتفاضات والثورات التي تحدث هنا وهناك ، لقد حاول الحكام الامويون والعباسيون الذين حكموا المجتمع لعدة قرون بسلطة السيف والبطش ان يكون لهم نفوذ وسيطرة على الاجساد المعذبة والنفوس المتعبة لإدامة سلطتهم الجائرة ,بينما القلوب المؤمنة القوية كانت تهوي الى ائمة اهل البيت مثلما احس بذلك الحاكم العباسي هارون الرشيد بان قلوب الناس مع الامام السابع موسى بن جعفر بن محمد الكاظم (ع),الامر الذي ادى الى ان يشخص هارون الرشيد بالإمام الكاظم من مدينة جده الى بغداد كي يكون تحت الاقامة الجبرية وتحت رقابة الحاكم مباشرة.
ولم يكتف هارون الرشيد بهذا بل القى بالامام اولا في سجن البصرة ومنه الى بغداد واخذ ينقله من سجن الى اخر طيلة اكثر من عشرين سنة ، واخر سجن كان فيه الامام هو سجن السندي بن شاهك السجان الشريرالذي لم تدخل الرحمة إلى قلبه ، و قد تنكر لجميع القيم .فكان السجان (شاهك) لا يؤمن بالآخرة و لايرجو لله و قارا، فقابل الإمام (ع) بكل قسوة و جفاء ، فَضيق عليه في مأكله و مشربه ، و كبله بالقيود حتى ذكر الرواة في هذا المجال: "إنه قيده بثلاثين رطلا من الحديد"، الا ان الامام عليه السلام أقبل كعادته على العبادة ، فكان في معظم أوقاته يصلي لربه ، و يقرأ كتاب الله، واخيرا لم يتحمل هارون الرشيد وجود الامام والتفاف الناس حوله رغم انه في السجن فعهد هارون إلى السندي باغتيال الإمام عليه السلام، فدس له سما فاتكا في رطب وأجبره السندي على تناوله فذهب الامام شهيدا مظلوما
فسلام الله عليه يوم ولادته وسلام الله عليه يوم شهادته
وسلام الله عليه يوم يبعث حيا شاهدا على من ظلمه.
التعليقات (0)