بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا كل هذا الحث من المفكرين والأدباء على فتح كل نوافذ الثقافات والإطلاع عليها ؟ في ظل أن هناك أعراف وحضارات وتشريع يحد من الإطلاع الغير سليم ، سؤالٌ يطرح نفسه ، من كل إنسان !.
إن الإنسان المسلم الذي تربطه رابطة قوية ولديه إطلاع متوسع بالثقافة الإسلامية لا تَزِلُ رجلهُ لثقافةٍ شرقيةٍ أو غربية ! ، فقط لأن مورثه الإسلامي كفيل بتثقيفة وتحصينه ليحمل ثقافة مجتمعه و حضارته و معتقدات دينه . فعندما يَطَلِع على اطروحات أيًّ من المفكرين من أصحاب ديباجة الثقافة، فأنهم من حين إلى آخر يحثونه بصفته المتلقي ( القارئ ) على فتح نافذة الثقافات الغربية أو الشرقية للأطلاع عليها ولا يوعز له أيشيء ليحصنه ثقافياً وفكرياً وعقائدياً ، فمن عدم التحصين تحصل حالات نفسية إجتماعية مثل مَن يتمسك بهذا المفكر – لشخصة – فقط ، وذاك يدافع عن أديب وعن معتقادته وأحواله الخاصة وليس في ذلك شيء مِن الصواب لذا أو ذاك من المفكرين أو الأدباء ! ، وأخر يوافق على إطروحات المفكر من غير إطلاع عليها أو لكسب الغير ، وبناء فكره أو نظره وهذا غير سليم !
وهناك من يتمسك بشخص المفكر أو الأديب ، ولكن لا يتمسك بفكره ونصائحه ، فإن هذا الإنسان ليس لديه ( إطلاع كامل على ثقافته )– الدينيه – بالأخص ، وثقافات حضارته العقائدية و الاجتماعية ، لذلك لم يكن لديه حسن تصرف مع كل الثقافات الغير اسلامية ، مع عدم تمسكه وإطلاعه على تراثه الاسلامي ! ، ولكن أقول : لكل من يتصفح الثقافات عامةً بأن يسائل نفسه سؤال المثقف ، لماذا قال هذا أو ذاك من المفكرين والادباء كذا من إطروحه وكذا من فكرة !؟ .. ، يجب تحليل مبتغى المفكر ، لماذا هذه الفكرة هنا وأخرى هناك وتلك النصيحة وهذه النظرة ومعظم الأفكار.
إن الإطلاع على الموروث الإسلامي يجب أن تكون شاملاً كاملاً ، لكي تأمن مِن الإبحار في بحر الثقافات الغربية ، من غير أن يترك في عقلك شبهه أو رؤيه مشوهه ، لأنك مطلعٌ على أهم شيء وهو الموروث الإسلامي الثقافة الدينية لأنها تأمنك من الضياع والغرق في بحرٍ ليس آمن ! ، وإن من يكون مطلعاً على ثقافته بشكلٍ تام لا مجال لأن يضيع أو يتشوه فكره ، وإنه يُحسن التصرف في الإطلاع على الثقافات الدخيلة مما وضفه من ثقافته الأصيله التي تمنعه من الغرق وتحصنه ، - بمعتقدات دينه وحضارته ومجتمعه – ويكون بالإمكان أن يبحر في أي ثقافة أُخرى .
وإن الإطلاع والتصفح الذي يحث به المفكرون والأدباء ومنهم طه حسين حينما ( عاد المصريين في الخمسينيات للإطلاع على الأدب الأميركي ) وأيضاً حينما كان يترجم بعض الثقافات الفرنسية في عام 1923م ( في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تستعمر سوريا ولبنان ) ، وكذلك الشاعر أمل دنقل المصري يقدم الدعوة على الإطلاع للثقافات العالمية فيقول : ( إن الإنتماء للتراث العالمي واجب الشاعر ) فمن يراد منه غدٌ مشرق بنظره منفردة لمن يكون لديه الثقافة الأصيلة وترثه الإسلامي ، إذ أن المتمسك بثقافته المطلع على موروثه الإسلامي يكون قادر على إختطاف خيرات الثقافات سواء بمنهجية الإطلاع أو طريقة التثقيف أو معلومات عامة كل هذا يكون سلينم إذا كان مطعماً بثقافةٍ اصيلة ، وخيرٌ لك أن تنهل من كل بحر خيراً لتستفيد به لثقيف نفسك ولتكون مثل هذا الأديب عندما قال : ( تأثري بالمستشرقين شديد جداً ، ولكن لا بآرائهم ، بل بمنهجهم في البحث وهذا يوصلني أحياناً إلى أن أستكشف كثيراً من الخطأ في أرآئهم ) ( 2 ) ، أعلم يا أخي إن هذا التأثر المنهجي بعد الإطلاع على الموروث الإسلامي ووالإطلاع على الخيرات من الثقافات عامةً لا بُدَّ وأن! يُوصلنا إلى مستوى أكبر من هؤلاء المفكرين والأدباء والعلماء بعد الإطلاع لكل الثقافات
وهنا هو الأديب والشاعر السوري أدونيس في كتابه كلام البدايات يشير إلى نقطة تبدو لي مهمة : ( إن أمرأ القيس ليس رومنطيقياً ، إن ذاته لا تذوب في الطبيعة ، كما هي الحال بالنسبة إلى الشاعر الرمنطيقي ، وإنما تظل منفصلة ، وعلى مسافة ) هنا نرى أن المطلع على الثقافات عامةًَ لا بد وأن يكون على مسافةٍ منها أي يكون محصناً ، حيث يمكن أن تأخذ وتقتبس منها ، ولكن تظل أنت منفصل عنها وعلى مسافة منها وكما هو الحال مع من ينهل ويأخد منها ، و يشير الشاعر الإنجليزي كولردج إلى هذه النقطة للشعراء ( تفحص الطبيعة أيها الشاعر بدقة ولكن أكتب مما تذكره ، ثم ثق في خيالك أكثر مما تثق في ذاكرتك ) ، فعليه يحتم عليك أيها المتصفح للثقافات أن تتصفح بدقة لمبتغاك ، وفي حال العطاء والنتاج والكتابة عليك أن تتفحص جيداً ما لديك من الثقافات عامةً ، لسلامة ثقافتك التي بالتالي ينتج فكر وعقل نقيٌ لديه نظرتة المنفردة ، ليست مشوهة بأفكار دخيلة وفاسدة ومعتقدات مشبوهة . وهذا كله ينتج من الثقافات بالإطلاع عليها اولاً ومن ثم التوفق في الإطلاع والنهل من الثقافة الدخيلة ، ويكون لدينا من حب للأستطلاع والكمال أن ما يُراد أضافته إلى الثقافة الأصيلة من منهجية و معلومات مكملة ألخ ... فإنه بذلك يكون لديه فكر مزدوج سليم موفق بالثقافات السليمة التي أعتمدت في توجهها على أسس الثقافة الأسلامية لهذا كانت سليمة ، وإن هذا محصول بحث وجهد ودراية ونظرة سليمة ، وهذا فإن النتاج من هذا العقل يكون زاخراً بالكثير من المعلومات السليمة والأفكار الثاقبة لأنه ذو اطلاع تام لموروثه أولاً والثقافة العامة ثانياً وإنه حينما يقرأ في ما بعد أحد على ثقافة وفكر واطروحات هذا المطلع ذا الموروث الإسلامي و الثقافي يكون محظوظاً لأنه يطلع على خير وفير ، ومن نظرة هذا المفكر يمكن أن نطمئن للدخول إلى الثقافات الدخيلة . ومن هنا فإن أهم نقطة هي الإطلاع على الموروث الإسلامي قبل الإبحار في بحر الثقافات.
التعليقات (0)