من أهم الكتب التي قرأتها مؤخرا وأغناها فائدة كتاب "المعالم الملكوتية في بلدات السنابس"، والذي انتهيت من قراءته قبل يومين، الكتاب يتناول بالتفصيل مساجد قرية السنابس التي تتوزع في مناطقها المختلفة، الكتاب من الحجم المتوسط في أكثر من 200 صفحة من الورق الصقيل والخط البارز والطباعة الجيدة والمنتقاة، وفي نهايته مجموعة من الصور المهمة الملونة التي لها علاقة بالمساجد من حيث الداخل والخارج لكل مسجد بجانب بعض الصور للرجالات المهمة التي قامت بمسؤولية هذه المساجد والقيمومة عليها. وقبل ذلك يجد القارئ عناوين المساجد كلها بتفصيل ممتاز.
وهو تاريخ موثق بالصور والخرائط والمستندات، مع مسح ميداني قام به معدو الكتاب، ولقاءات متعددة مع مجموعة من الشخصيات ذي الشأن. يقوم الكتاب في تناوله بالتدرج من حيث التناول، فيبدأ ببلدة السنابس ثم بلدة مروزان ثم بلدة مني وفي الأخير بلدة جبلة مني (البرهامة). وفي كل بلدة يستعرض مسجدا مسجدا، ويذكر كل ما يتعلق بهذا المسجد من حيث البناء والتاريخ والنشأة والمسمى. بصورة تذهل القارئ من حيث الاستقصاء والتتبع الدقيق، والتفاصيل المتشعبة التي تتناول كل مسجد، بحيث لا يترك الكتاب لا شاردة ولا واردة له صلة بالمسجد إلا وتناولها .. بل إن الكتاب لمن يتصفحه بدقة أكبر من أن يكون كتابا حول تاريخ مساجد قرية السنابس، بل هو توثيق للقرية ذاتها، وفيه إجابات شافية لكثير من التساؤلات التي تشغل بال الباحث حول قرية السنابس، وحول رجالاتها، وحول مسمياتها، وما جرى عليها في الزمن الغابر، فالمسجد ليس بناء مستقلا بذاته، بل هو وثيق الصلة بما حواليه، وبالرجال الذين قاموا ببنائه، ومن أراد أن يستوثق مما أقول فليراجع على سبيل المثال الصفحات التي تتعلق بمسجد المقبرة، فإنه سيقرأ تاريخ السنابس ورجالاتها البررة، وأيامها الحافلة، وليس تاريخا لبناء مسجد فقط.
ولو كان الأمر بيدي لقمت بتكريم معدي الكتاب في احتفالية أدعو لها رجالات القرية، فهم يستحقون كل حفاوة وتقدير وقليل في حقهم احتفالية أو شهادة أو حتى الدعم المادي، فالكتاب حين يوزن ثقيل وثقيل جدا في مادته ونتائجه، ومن كابد عناء الكتابة ومارس البحث في التوثيق في الانثروبلوجيا سيعرف قيمة الكتاب وسيدرك ما أقول. فما قام به معدو الكتاب ليس بالهين في ميزان الكتاية والتوثيق، وإني لأغبطهم على عملهم هذا، وأهنئهم على هذا النتاج المبارك، والذي يضيع في وسط تلك الكتب والإصدارات المتراكمة والتي لا ترقى لمستواه أو قيمته.. ومن هنا أدعو مؤسسات القرية جميعا لتكريم معدي الكتاب وإعطائهم ما يستحقون من الحفاوة والجوائز ليدركوا أن عملهم لم يذهب هدرا وأن أبناء قرية السنابس ليسوا بغافلين عنهم وعن عملهم، وأنهم يقدرونهم كل التقدير ويشكرونهم كل الشكر، وذلك في احتفالية في مأتم من المآتم، أو في مؤسسة من المؤسسات، وفي الاحتفال يقوم معدو الكتاب باستعراض تجربتهم ونتائج عملهم، ويكون هناك لقاء مفتوح مع الجمهور مع دعوات لأصحاب الشأن والمهتمين من الباحثين والصحافة. أتمنى أن يلقى هذا الاقتراح كل الاهتمام من أصحاب الشأن في القرية، وعلى الأخص من الأخ العزيز أستاذي الأستاذ محمد عبد الله منصور في المجلس البلدي.
في الحلقات القادمة سوف أستعرض بعض فصول الكتاب المهمة ليدرك القارئ قيمة الكتاب وليتعرف على هذه الحفاوة التي أبديها للكتاب وتقديري له واهتمامي به كل هذا الاهتمام البالغ. أما موضوعي حول الأستاذ إبر اهيم الطريف فسوف أؤجله لما بعد. و سأبدأ استعراضي لهذا الكتاب المهم بمجموعة من الملاحظات النقدية والتي أتمنى من أصحاب الكتاب النظر إليها بعين الود والمحبة واختلاف وجهات النظر في بعضها. وإني لأحسبهم كذلك، وقد وجدت في مقدمة الكتاب الأسطر التالية:" ونتمنى من القارئ الكريم أن يتفضل علينا بإبداء كامل اقتراحاته ويدلنا على مواضع الخلل منه ".
ملاحظات عامة:
1. أولى هذه الملاحظات والتي أراها أولها وأهمها هو الدافع الذي كمن وراء كتابة هذا البحث القيم الذي أمامنا، وذلك حسب ما جاء في مقدمة الكتاب نفسه، فمن خلال المقدمة نفهم أن الدافع والمحرك لكتابة الكتاب هو ما جرى على مساجد البحرين، يقول :" وقد سعينا بقدر الوسع متحدين بعض الصعاب والمشاكل الكثيرة بكتابة هذه النبذة المختصرة حول تواريخ مساجد إحدى بلدات البحرين العريقة، مساهمة في التوثيق وحفظ جزءا من تاريخنا الضائع المندثر، وكان سبب هذا البحث، هو ما شهدناه هذه الأيام من التعدي السافر الذي طال بيوت الله المقدسة بطرق وحشية، حتى وصل لإزالة الكثير منها ومحوه من الوجود".
وهنا لدي ملاحظتان حول هذا الدافع:
أ- فالكاتب يقر بأن الدافع هو هدم المساجد، فهنا نسأل لولم تتم هذه الحادثة، ولو لم تهدم المساجد ألن تتحرك اللجنة وتقوم بكتابة تاريخ مساجد القرية؟! لم ارتبط التوثيق والحرقة لتأصيل الهوية بحادثة؟! أتصور أن القضية يجب أن تكون أكبر من ذلك بمراحل، فأهمية توثيق تاريخنا بتفاصيله وتاريخ قريتنا لا يجب أن نربطه بأي سبب خارجي، وإنما يجب أن ننطلق من أهمية الحدث نفسه، والذي لا يختلف حوله اثنان. فالكل متفق بأن التوثيق ورصد التاريخ الحقيقي هو الأهم في كل المراحل.. سواء المراحل الساكنة أو المضطربة.
ب- ثم أنه لنفترض أن السبب الحقيقي الذي كمن وراء كتابة هذا الكتاب هو بالفعل كما ذكرت اللجنة حادثة هدم المساجد أكان من المناسب أن يذكر هذا في مقدمة الكتاب؟! أليس من الأفضل أن نتحرك لأن نجعل هذا الكتاب تاريخا وتوثيقا نقدمه للآخرين باختلاف أطيافهم وتوجهاتهم السياسية والمذهبية بكل هدوء بعيدا عن ذلك كله، وكيف يكون ذلك وأنت تذكر في المقدمة ذلك كله؟! بل إن المقدمة تذكر بعد أسطر ما يلي:" ونستغل الفرصة في هذا اليوم، في ذكرى هدم قبور جنة البقيع الغرقد، تلك الفاجعة الأليمة التي طالت بيوت الله التي أمر الله أن ترفع، لنقول أن ما جرى في بلادنا من المساس على مقدساتنا وبيوت الله بكل جرأة وحقد، لهو فرع تلك الفاجعة العظيمة المؤلمة، فذلك أساس هذه المصائب، عندما تجرأ النواصب أمام رسول الله (ص) على ذريته وقاموا بحرث قبورهم وتسويتها بالتراب، فهو عينه ما تعرضت له مساجدنا بكل جرأة على الله ورسوله (ص) وتدميرها وإزالتها من الأساس، وحرث قبور بعض الصالحين فيها، فإن القوم أبناء القوم، وإنا لنرفع ذلك لمولانا صاحب العصر والزمان ونخاطبه بما خاطبه به الإمام المعصوم: لنقول: سيدي أين مستأصل أهل العناد والتضليل والإلحاد، أين هادم أبنية الشرك والنفاق، أين المعد لقطع دابر الظلمة، أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان، أين مبيد أهل الفسوق والعصيان والطغيان" . أرى أن هذه العبارات لا تناسب موضوع الكتاب ، وليس محلها هنا، فالعبارات فيها شدة وغلظة ودعوة للاستئصال والصراع الطائفي والتحريض على القتل، بينما يجب أن نبرهن للآخرين بأننا على خلاف ذلك دعاة مودة ورحمة، وقلوبنا تحمل الحب والألفة والتعايش. ولا نصنع ما يصنع الآخر، ولا نقوم بما يقوم به الآخر. وذلك من أجل أن يتسنى لنا بأن نقدم هذا الكتاب الوثيقة للآخرين بكل هدوء ، ونعرض تاريخنا بكل ذكاء، وليقدمه النائب والبلدي لكل مسؤول وكل زائر من كل التيارات ليتعرفوا على تاريخنا الحقيقي وتجربتنا الرائدة لهذه القرية العريقة.. وهذا ما لايجتمع البتة مع تلك المقدمة الصارخة العنيفة، وتلك الأسطر الدموية.
التعليقات (6)
ابو مهدي
تاريخ: 2013-05-02 - الوقت: 09:59 مساءًمقال جميل من ملا علي واريد فقط الاشارة لملاحظة : كنت اتصفح الكتاب القيم الذي كتبتم عنه ورأيت ان ملاحظتكم الأولى التي ابديتموها حول الكتاب لم تكن كاملة وقد اقتطعتم مقطعا من مقاطع الكتاب وذكرتموها وعلقتم عليها في حين انه يعرف من قرائة الفقرة كاملة وبتمعن خلاف ما ذكرتم. وسأكتب هنا الفقرة كاملة أولاً (وقد سعينا بقدر الوسع متحدين بعض الصعاب والمشاكل الكثيرة، بكتابة هذه النبذة المختصرة حول تواريخ مساجد إحدى بلدات البحرين العريقة، مساهمةً في التوثيق وحفظ جزءاً من تاريخنا الضائع المندثر، وكان سبب هذا البحث، هو ما شهدناه هذه الايام من التعدي السافر الذي طال بيوت الله المقدسة بطرق وحشية، حتى وصل لإزالة الكثير منها ومحوه من الوجود، ومنها بعض مساجد هذه البلدة، وهو ما فرض علينا كتكليف شرعي في التحرك لإثبات أصالتها وبث ظلامتها، إضافه إلى قلة إحاطة المجتمع بهذه الأماكن المقدسة، والجهل بوجودها فضلاً عن تاريخها وأدوارها المبذولة، وأيضا من أجل أن نزيد من علاقة المجتمع مع صروح نهضته ورفعته والمواظبة على إحيائها وبث روح الحركة فيها، ليكون دافعاً للتحرك على إعمارها مادياً ومعنويا، ولإحياء المتبقي المندثر منها، حتى لا يضيع ويذهب
ابو مهدي تكملة الملاحظة
تاريخ: 2013-05-09 - الوقت: 08:56 مساءًحتى لا يضيع ويذهب في أدراج الرياح). والنتيجة هنا انه يتبين مما ذكرت اللجنة ان السبب الرئيسي الأول الذي اوجب على عاتقهم {{{كفرض شرعي}}} كتابة هذا الكتاب هو هدم بعض المساجد من دون ان يتحرك احد على نهي هدا المنكر وهو سبب مقبول ومهم جدا فنحن نعلم ان من واجبنا توثيق تاريخنا ولكن ذلك الواجب لا يرقى لحد التكليف الشرعي وانما السبب المذكور الذي ذكرته اللجنة هو أوجب من التوثيق لانه فرض ، واعتقد ان اللجنة كانت تحمل هذا الهم وهو توثيق تاريخ المساجد ولكن الذي حتم عليهم الامر وفرضه واسرع عملهم وجهدهم فيه هو التكليف المنصب بعد هدمها فيفهم من هذا عندئذ معنى كونه السبب الاول ثم بعد ذلك ذكرت اللجنة اسباب اخرى وجيهة وهامة لتأليف الكتاب لم يتطرق الكاتب ملا علي حفظه الله لشيء منها الا وهي: 1-قلة إحاطة المجتمع بهذه الأماكن المقدسة، 2والجهل بوجودها فضلاً عن تاريخها وأدوارها المبذولة، 3وأيضا من أجل أن نزيد من علاقة المجتمع مع صروح نهضته ورفعته 4 والمواظبة على إحيائها 5 وبث روح الحركة فيها، ليكون دافعاً للتحرك على إعمارها مادياً ومعنويا، 6 لإحياء المتبقي المندثر منها، حتى لا يضيع ويذهب في أدراج الرياح. وكلها اسباب هامة ووجي
تكملة كلمة ابو مهدي
تاريخ: 2013-05-09 - الوقت: 08:59 مساءًحتى لا يضيع ويذهب في أدراج الرياح). والنتيجة هنا انه يتبين مما ذكرت اللجنة ان السبب الرئيسي الأول الذي اوجب على عاتقهم {{{كفرض شرعي}}} كتابة هذا الكتاب هو هدم بعض المساجد من دون ان يتحرك احد على نهي هدا المنكر وهو سبب مقبول ومهم جدا فنحن نعلم ان من واجبنا توثيق تاريخنا ولكن ذلك الواجب لا يرقى لحد التكليف الشرعي وانما السبب المذكور الذي ذكرته اللجنة هو أوجب من التوثيق لانه فرض ، واعتقد ان اللجنة كانت تحمل هذا الهم وهو توثيق تاريخ المساجد ولكن الذي حتم عليهم الامر وفرضه واسرع عملهم وجهدهم فيه هو التكليف المنصب بعد هدمها فيفهم من هذا عندئذ معنى كونه السبب الاول ثم بعد ذلك ذكرت اللجنة اسباب اخرى وجيهة وهامة لتأليف الكتاب لم يتطرق الكاتب ملا علي حفظه الله لشيء منها الا وهي: 1-قلة إحاطة المجتمع بهذه الأماكن المقدسة، 2والجهل بوجودها فضلاً عن تاريخها وأدوارها المبذولة، 3وأيضا من أجل أن نزيد من علاقة المجتمع مع صروح نهضته ورفعته 4 والمواظبة على إحيائها 5 وبث روح الحركة فيها، ليكون دافعاً للتحرك على إعمارها مادياً ومعنويا، 6 لإحياء المتبقي المندثر منها، حتى لا يضيع ويذهب في أدراج الرياح. وكلها اسبا
تكمله كلمة ابو مهدي
تاريخ: 2013-05-30 - الوقت: 11:16 مساءًوكلها اسباب هامة ووجيهة جدا ومقنعة حسب فكري القاصر هذه ملاحظة بسيطة اردت بيانها وشكرا
سنابسي
تاريخ: 2013-06-02 - الوقت: 01:11 مساءًفي نظري القاصر ان من يقوم بهدم واستئصال بيوت الله يستحق توبيخ وتقريع اكثر مما هو موجود واللجنة لم تذكر شيا الا القليل وهذا مكانه المناب حيث ان الكتاب يتعرض للمساجد ولا ارى في العبارات المذكورة أي هجوم وعنف فالم/ور هو دعاء انت تقرأ كل يوم جمعة اذا عندما تقرأه يعني انك تدعو للعنف والهجوم والشراسة اتمنى التأمل في ذلك؟؟؟ ثم اقول يا ملا علي المفروض ان يتكفل بهذا الامر خطبائنا ويدعون المؤمنين لبناء المساجد لا ان يعترضوا على من يدافع وهو محترق على هدم بيوت الله التي امر الله ان تبنى
سنابسي
تاريخ: 2013-06-02 - الوقت: 01:12 مساءًفي نظري القاصر ان من يقوم بهدم واستئصال بيوت الله يستحق توبيخ وتقريع اكثر مما هو موجود واللجنة لم تذكر شيا الا القليل وهذا مكانه المناب حيث ان الكتاب يتعرض للمساجد ولا ارى في العبارات المذكورة أي هجوم وعنف فالمذكور هو دعاء انت تقرأ كل يوم جمعة اذا عندما تقرأه يعني انك تدعو للعنف والهجوم والشراسة اتمنى التأمل في ذلك؟؟؟ ثم اقول يا ملا علي المفروض ان يتكفل بهذا الامر خطبائنا ويدعون المؤمنين لبناء المساجد لا ان يعترضوا على من يدافع وهو محترق على هدم بيوت الله التي امر الله ان تبنى