شارك هذا الموضوع

مع قُرب انتخابات الرئاسة التاسعة في إيران

جاء ترشيح مُجمَّع علماء الدين المناضلين (روحانيون مبارز) لرئيس الوزراء الأسبق المهندس مير حسين موسمحمد عبد اللهوي (63 عاماً) مُفاجئاً للبعض ومتوقعاً للبعض الآخر؛ مفاجئاً لأن روحانيون (وهي الكتلة الإصلاحية الأقرب إلى نواة السلطة) قد أعلنت سلفاً عن ترشيح أمينها العام ومستشار المرشد الشيخ مهدي كروبي لمعترك انتخابات الرئاسة، لذا فإن ترشيحها لموسوي قد جاء مُغايراً للرغبة المُعلَنَة من قِبَلِها، إلاّ أن البائن هو أن تلك الخطوة ما هي إلاّ تكتيك حذر لاستحصال عدة أوراق مُهمّة لخوض المعركة، وقد يكون من البائن أيضاً أن روحانيون تعي بأن الرجل يحظى بشعبية نظيفة في ذاكرة الإيرانيين وفي أوساط المثقفين والقوى الدينية وبالتالي فإن فرصة فوزه في الانتخابات ستكون ميسورة الحال، كما أن فرص تخطيه الغربلة الدستور (مجلس الصيانة) شبة أكيدة وتحصيل حاصل، بالإضافة إلى أنه يُلبّي جانباً كبيراً ومتوافقاً مع برامجهم الاقتصادية باعتبار أن موسوي هو مهندس اقتصاد الحرب وإيران لعقد كامل، وقد أعلن كروبي في تصريح لوكالة أنباء الطلبة أن حزبه سيجتمع إلى موسوي قريباً لكسب موافقته للترشح وخوض الانتخابات ممثلاً عن روحانيون، وأنه تقرر أن يُنتدب لذلك كل من آية الله محمد توسلي وآية الله محمود موسوي بجنوردي وهما عضوان بمجلس خبراء القيادة بالإضافة إلى اللجنة المركزية لمجمّع علماء الدين المناضلين (روحانيون مبارز) .


أما فكيف جاء متوقعاً فلأن المهندس موسوي قد طُرِح اسمه قبلاً لانتخابات الجمعة 23 مايو1997 قبل أن يتنحى لصالح مرشح التيار الإصلاحي المُجْمَع عليه سيد محمد خاتمي، لكن اللافت بشكل مُريب هو التحفظ المكتوم الذي أبدته بعض أوساط جبهة المشاركة الإصلاحية المتطرفة خلال اجتماعاتها الخاصة في المؤتمر السنوي السابع للحزب الذي بدأ أعماله مؤخراً إزاء دعم موسوي؛ فالأخير ذو توجهات متباينة جداً مع برامج وأجندة الجبهة فهو أولاً مُعارض للتوجهات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وللعلاقة مع واشنطن، ومُعترض على السياسة الثقافية المأخوذة من الغرب، وما التأييد الذي أبدته الجبهة على لسان عضو الشورى المركزية لها علي شكوري حول دعم موسوي سوى خطوة في اتجاه عدم تفتيت الجبهة الإصلاحية خصوصاً وأنه لم يبق سوى ستة أشهر على بدء عملية تسجيل المرشحين .
في الجانب الآخر يبدو أن التيار المحافظ لديه عدة خيارات في ذلك أولها ترشيح أمين مجلس الأمن القومي الأعلى حسن روحاني، والخيار الثاني هو مستشار المرشد للشؤون الدولية ووزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي والخيار الثالث هو عضو مجلس الأمن القومي الأعلى ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق علي لاريجاني، وهناك أحاديث غير مُؤكَّدة تتحدث عن ترشيح رئيس بلدية طهران أحمدي نجاد وكذا أحمد توكلي الحائز على ثاني أعلى نسبة من الأصوات في انتخابات المجلس النيابي السابع .


المهم من كل ذلك التوصيف هو أن موسوي قد يكون الأوفر حظاً للفوز في حال موافقته على ذلك، وإذا فاز فسوف ينعكس ذلك على لعبة التوازنات الداخلية الخارجية، فداخلياً يُمكنه أن يلعب دور الرئيس الإصلاحي الذي يسمك الدفة من مكانها الصحيح من دون أن يكون لديه حراجة من أغلبية ما تُعيّره بوجودها القوي لتفرض عليه معادلتها في السلطة التنفيذية، ورغم أن الرجل هو الآن رئيس لجمعية فنون تشكيلية تهتم بالفن (وهي هوايته) إلاّ أنه لم يبتعد كثيراً عن هموم الدولة وأجهزتها، حيث كان (ولا يزال) عضواً دائماً لعدة سنوات في مجمع تشخيص مصلحة النظام بأمر من الإمام الخامنئي وهو ما أتاح له فرصة مراقبة الوضع العام في الساحة الإيرانية حيث حقبة الصراع وحرب الاستقطاب بين الإصلاحيين والمحافظين وأن يعي حقيقة التوازنات ومكامن القوى في النظام باعتبار أن المَجْمَع هو الجهة التي تمرّ عليها أدق تفاصيل الأحداث والوقائع، بالإضافة إلى أنه كان مستشاراً غير رسمي للرئيس خاتمي، كما ساهم في وضع اللائحة العامة لجبهة الثاني من خرداد بمعية محتشمي وهادي خامنئي قُبيل تشكله .
على أية حال فإن المرحة القدامة ستكون حبلى بالأحداث وردود الأفعال في حال قَبِلَ موسوي العرض أم رفضه لأن الساحة الإيرانية غير معنية في شدة ديناميكتها وحيويتها الفوّارة برغبات الأشخاص أو همومهم الخاصة .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع