يا ترى مَن لمن يُرهقون أنفسهم في صناعة غذهم؟ يا ترى من لمن يسهرون الليل لصباح المستقبل؟ ويا ترى هل المستقبل هو الغد أم لا؟ هل إن المستقبل هو فقط للذين يصنعونه أم إنهم يموتون له؟ من لمن أضاعوا اللحظة بالحياة المريرة واللذة المؤلمة؟ من لمن لا يرون الحياة إلا لذة حيوانية ولعباً وتفاخر؟ أيكون الإنسان إنساناً وهو فاقد لكل معنى الواقعية؟ للتعرف على الغد لا بد لنا من أن نضع الكلمة بين حرفين! أي أن نضع الإنسان عند لحظة الموت!
بينما يعيش الإنسان دورة ترحال بين عوالم متعددة محدودة، يمر في ترحاله بمرحلة الحياة الدنيا /عالم الدنيا/ ليحدد موقعه لم يكن باختياره، إنما الذي يكون باختياره هو ما يعمله عقله الذي أقسم به خالقه أنه أفضل ما خلق، فالذي يقره العقل من عمل للخير ويعمل به يجعل له موقعاً متقدماً ومكاناً مشرفاً وعالياً في الرحلة المقبلة، فكلما كان العمل خيراً كان الموقع في الرحلة المقبلة هو / الجنة/ فردوس الأخيار ، وقرار الأبرار ومحط ترحال الأنوار...
سؤال يحمله الإنسان منذ ولوجه في /عالم الدنيا/ من أين أتيت ، لما وجدت ومما، ولاين أصير!! كلها أسئلة يقول عنها العلماء أنها أسئلة تنم عن حب الاستطلاع وحب البقاء ، السؤال الذي لا يفارق صاحبه /الإنسان/ هو لاين أصير لاين أنتقل وأستقر وما هي الرحلة المقبلة وأين موقعي بها ؟ هذا السؤال إما يكون صناعة لمستقبل مزهر أو صناعة لغدٍ أسود !
حين يحمل الإنسان سؤالاً فيه شيء من التعجب وشيئاً من حب الاستكشاف يحمل في قلبه شيئاً من الخوف المختبئ وراء نفسه وراء روحه ولكن كلما كان الإنسان في اتصال مع عقله يُعمله في كل شيء كان خوفه أقل، وقد يتوصل إلى فقدان الخوف إذا ما مارس عملية التأمل وعمل بكل ما يطلبه منه عقله، حينما يتغلب الإنسان على كل ألوان الخوف تكون نفسه روحه عقله، يكون عمله عين عقله، يكون تصرفه نظراته عين عقله، ويكون مسيره للرحلة المقبلة مسير من يحمل الاشتياق لكل مراحلها ونقاط التوقف فيها، وقد يرى بعض مواقعه فيها من خلال تأمل وكثرة اطمئنان نفسه لها.
أرى بعضاً ممن يعملون مرهقين من العمل وكأنهم يريدون تناسي شيء يؤرقهم أكثر من العمل يتعب أجسامهم أكثر مما يتعبهم العمل ومشاقة، يا ترى هل هؤلاء هم الذين لديهم مثل ما لهؤلاء من تساؤل عن الرحلة المقبلة، سؤال المصير سؤال القرار في الرحلة المقبلة، هل هم كما هؤلاء يرون مواقعهم في الرحلة المقبلة من خلال شرودهم أم إن أصحاب الاطمئنان هم الذين أخبروهم بمواقعهم بالرحلة المقبلة، فأثر فيهم فصاروا لا يعبئون بأي مصير ينتظرهم/ الحريق أم الحريق/ لذات طمسُ فيها ولعب غُمسُ فيه فنسى حتى أنفسهم ولكن الذين لن يفارقهم ألمٌ يتبع كل لذة ألم يتماشى مع نبرات صوتهم ألم يتماشى مع نبرات صوتهم ألم مع كل متعة حيوانية وتعسٍ شيطاني ألم وألم، فهل هم من يعرفون إلى أين يكون مصيرهم.
حين يستكشف الإنسان حقيقة موقعه في الرحلة المقبلة، حقيقة مكنونات تأملاته، حقيقة مصيره وموقعه، يا ترى هل يبتعد عن كل إنسان لا يحمل ما يحمله هو، هل يخاطب الناس بما لا يرون ولا يفقهون! هل يكون إنساناً فاقداً لكل ألوان وطقوس الحياة من الأخوة والمعاشرة، أم يكون ملاكاً بينهم ، أم يكون إنساناً صانعاً للإنسانية صانعاً للإنسانية غذها أم يكون مشتاقاً لغدِ البشرية الذي يحمل عبئ أجيال ضحت لذلك الغد!
ذلك السؤال الذي يرهق الإنسان فيه اجتهاده ولبه وكل لحظات وقته فقط يرى الجواب حقيقة حين يرى نفسه ممداً عند فراش الموت...!
التعليقات (0)