مأمورونَ باللحاق خلف العلم ...وإذا فرّ إلى الصين نلاحقه لاصطياده ... لاصطياد ما يُسلحنا بالقوة أمام الغد المجهول ... الصباحات مليئة بالمفاجآت ... ولعلنا أن نكون خبأنا في كنانتنا ما نُدافع به عن أنفسنا قِبالَ جبروت المجهول ...ننام لنستيقظ ...
كم من مهمل رأينا الخير فيه ... وكم من متروكٍ عُدنا له فوجدنا فيه الفائدة ... مع بروز عصر الوقفات الذهبي ... قدّمت وقفة ... سيدي قم جدد الأحزان ... وقفة مفرطة في شحنات العنفوان ... تزخ باللهب المُتدفق من الطائفة المُتشوقة إلى ظهور غائبها المنتظر ...
لحن الوقفة أهملته لدي لفترات طويلة ... مُعتقداً ضعفه عن تقديم شيء مُميّز ... الواقع العملي عكس الحسابات برأسي ... سجلت الوقفة نجاحاً منقطع النظير ... أصبحت مقياساً يُقاس عليها مستوى الوقفات ... نهاراً قدّمتها مُعززة بوقفة أُخرى أبياتها بنفس الوزن .. مما سمح لي بإلقاء أبيات الوقفة الأولى في لحن الوقفة الثانية ...
وهذا فنٌ يستطيع الرادود به جلب التأييد لوقفته الجديدة ... حين يتعاطى الجمهور مع الكلمات التي أحبها وانصهر في ترديدها ... تلك الوقفة ...اهتفوا في العزاء ... الأجساد البشرية مكتظةٌ ببعضها كأمواج ٍ بشرية ... الأيدي كالأجنحة في الفضاء ... الأعلام تُرفرف في الحلقة وعلى جوانبها ... زَخَمٌ سيال من الحماس ... وطوفانٌ هادرٌ من الأصوات.
تتعاقب الوقفات آخذةٌ بعصرها الذهبي إلى أوج عرشه ... هيا مع الكرار ... نبكي على الزهراء ... ولا ينقطع جريان الطاقة المنهمر ... وتُقرر الإدارة إحياء ذكرى الإمام الهادي (ع) في 3 رجب ... أقود الموكب بقصيدةٍ من أشهر قصائد الموكب لدينا ... مكتوبٌ على راياتِ الإمام ...
القصيدة اجتمعت لها ظروف النجاح ... النص من النصوص العربية الفصيحة البسيطة ... لا يكدرك ترميزٌ ولا شفرات ... خطابٌ وتوجُعاتٌ يبوحُ بها لسان ألم يبثُ شكوى المؤمنين ... اللحن بمقامه الباكي يأسر الألباب والأفئدة ... إضافة إلى حركة جديدة في الفقرات ... تعاطي وتبادل الدُعاء بين الرادود والجمهور... أقول ... اللهم فانصر المؤمنين ... يُجيبني الجمهور ... اللهم يا إله العالمين ...
هذه الوصلة جعلت الجمهور حاضراً بلُبه وقلبه في كل مراحل القصيدة ... ينتظر شكوى النص ... ويأمن على الدعاء ... ولسانه لاهجٌ بذكر المستهل حين الجواب... نعم في 1409هـ سجلت هذه القصيدة تاريخاً لإحياء موكب وذكرى الإمام الهادي لأول مرة من المأتم ...
كما سجل الرادود عادل الأنجاوي في ليلة التاسع من المحرم لعام 1405هـ تاريخاً لموكب ألغى اللطم السريع واستعاض عنه باللطم المتوسط ... ذلك أثناء قصيدته التي كتبها سيد عيسى شرف ... للأكبر هاي الصرخة ... أثناء هذه القصيدة قرر المعزون إلغاء لطمة وإبقاء لطمة ... فهم يتركون واحدة ويستخدمون الثانية ويدعون ما بعدها ويأخذون الأخرى معَ إيقاع القصيدة ... قرارهم هذا أضفى على القصيدة شحنة حماسية مُضاعفة ... كما أنهم في هذه الليلة ابتكروا اللطم مع نهاية المستهل لأول مرة ...
وتستمر الإبتكارات كأفضل ما يتوصل له ... وكحصيلةٍ لخبرة سنين ...ولا تتورع السلطة عن مطاردتنا بين الفترة والأخرى ... اعتقل حسين سهوان لعدة أشهر ... طبيعتنا في التواصل لا تدعنا ننسى أسرانا ... في ذكرى وفاة الإمام الكاظم (ع) قدمت وقفة ... لا زالت أصداؤها مُدوية للآن ... للكاظم أقبلت شيعته ... في أبياتها إشارات لهجوم زوار الفجر عند غفوة العيون ...
جاؤوا في ظلام الليل ... ماذا يا تُرى يبغون ... وأبيات التفاعل كما أشاء تسميتها في هذه الوقفة أخذت بأزمة القلوب ... قلبٌ مبتلى نادى ... ربي فُكَّ كل مسجون ... نرى سُجناءنا من نافذة الإمام الكاظم (ع) ... ولخطابنا بُعدان... بعدٌ بعيد ... وبُعدٌ قريب ... جمهورنا يعي هذا الفن ... وجمال السبك الشعري ... الخطاب مُوجّه لبني العبّاس ... وعندما تنزع وجه السُلطة العبّاسية ترى خلفها كل سلطة نشاطها يتفق معها ...
في الشعر الحُسيني مُعالجات كثيرة لا تنفك عن الواقع ... كتبت قصيدة لحسن المعلمة ... تعالج القصيدة موضوع التربية بصورةٍ عامة ... القلم يجد مشقة في سلوك الأودية التخصصية ... لكن بطريقة ما نحاول تطويعه ... من التربية الكبرى ... إنطلاقاً من أسلوب الزهراء (ع) في التربية ... واتخاذه نموذجاً ومثالاً يحتذى ...
كذلك نُحاول تدوين مظلومية أهل البيت في التراث الإسلامي ... الإهمال المتعمد لإغفال فضائلهم ... الأيدي المتواطئة على إبعادهم عن حاضر المسلمين ... في ذكرى وفاة الإمام الصادق (ع) 1409هـ وفي قصيدة ... في يوم الأسى والخطب مريع ... تناولت هذا الموضوع باستيعاب ...
وفي هذه الذكرى طبقت عملية انشاد المستهل من قبل الجمهور ... بعد النهوض من الهوسة مُباشرة ... وبمجرد تفوه الرادود به يشترك الجمهور معه ... سابقاً ينتظر الجمهور لإنتهاء الرادود ... فيستلم المستهل منه بعد انتهائه ... بهذه العملية وفرنا وقت مستهل كامل ... وأضفنا نبضة تفاعل إضافية ... وذهبت هذه العملية كأسلوبٍ يُحتذى به لليوم هذا ...
نجد كف الغيب سخية بإلهامنا بالجديد والتطوير ... الوقفات في عهدها الزاهر ذلك تترنم بها النفوس ... وتنشغف بها الأرواح ... أدخلت تطويراً في الوقفة ... حولتها من فردية الأداء ... إلى ثُنائية الأداء ... في وفاة الصادق (ع) ... إنَّ آل المصطفى يبكون ... وقفة عذبة الألفاظ ... رشيقة الألحان ... مقاطعها بألحان متعددة ... لكل مقطع منها لحن معلوم ... أقدم لحنا ويأتي محسن العرادي باللحن الثاني ... لمقطعٍ آخر ... ولحن المستهل واحد ...تؤدي إليه ثلاثة الألحان ...
هذه الطريقة تُعطي الوقفة دفعة من النجاح ...وتُقدم للموكب تجديداً في الوقفة ... كأنها ثلاث وقفات ... يؤديها إثنان ... بينما لا تتطلب جُهداً في الحفظ ...
وفي فترتنا تلك تغلب الموشحات الملتهبة حماساً ... تكثر القصائد ذات الوزن الواحد ... ليلى تنشد أبو اليمه حسينها ... بهذا الوزن نجد قصائد عدة ... تؤدى بلحن واحد ... لحن موشح جوابه ... واويلاه واويلاه يسيدي يبو حسين ... هذا الجواب معتمد لجميع الموشحات من هذا النوع ... يغلب على هذه القصائد هاء النسبة مرفقة بألف الإشباع ...
وهذا فن يفتقده الرواديد الجدد ... فهم مقطوعون عن تلك الفترة ... ولايعرفون من تفاصيلها شيئاً ... إلا النادر القليل ... فلكل نوع من أنواع المواكب مميزاته ... للوقفة والموشح أسلوب ... ولقصيدة الداخل نفس خاص ... ولقصيدة المسير مشاعر مختلفة ... على الرادود البحث ... ليجد أين يوظف قدرته ... وعسى أن يجد قدرته منحصره في الهوسة فقط ... ليس عيباً الإقتصار عليها ... وترك باقي الأنواع ... مادامت لا تناسبه ... المهم أن تكون مبدعاً فيما تقدم ...
خطأ وضع الأحمر مكان الأسود ... الأحمر في مكانه جميل ... والأسود في مكانه جميل ... أن تحب لوناً ... لا يعني تغيير ألوان الطبيعة لتعميم لونك عليها ... وتطبيق رغبتك فيها ....
التعليقات (3)
بوعمار الحايكي
تاريخ: 2008-11-06 - الوقت: 15:53:41بارك الله فيك يا أبا علي
الخوجلي
تاريخ: 2010-02-24 - الوقت: 02:03 صباحاًأين يمكن أن نجد هذه العزايات الآن؟
عبد الحسين عيد بسيرة
تاريخ: 2011-02-13 - الوقت: 11:42 صباحاًأبقى لنا هذا الرجل الحسيني المخلص ، وأرجو من الأخوة الكرام إذا كان متوفر لديهم التسجيل لهذه القصيدة ( للكاظم أقبلت شيعته ، جاؤوا في ظلام الليل ماذا ياترى يبغون ) أن يرسلوها لي على بريدي الالكتروني المرفق ولكم مني جزيل الشكر والاحترام