قبل 10 أيام من هذا اليوم ، وبالتحديد في 30 يناير 1948 للميلاد ، تتجدد ذكرى رحيل رجل السلام " المهاتما غاندي " عن عمر ناهز الثمانين عاماً ، بعد صراع طويل مع أعداء الحق والإنسانية رافضاً كل أنواع الاضطهاد والتنكيل والقمع الذي تمارسه الأيادي الآثمة على جماجم المستضعفين من أهل الأرض .
المتأمل في سيرة هذا الرجل ، والقارئ لمراحل حياته ونشأته ، يرى بأنه ومنذ نعومة أظفاره كان يطارده هذا الهم الثقيل والذي يكبت على شرايين قلبه ، وهي الحرية ونصرة الفقراء والمعوزين الذين تتلاقفهم الدنيا بلا شفقة ورحمة .
شاهدنا غاندي في الصور وفي الافلام لربما ، قرأنا عنه كثيراً لكننا لم نفقه ماهية حياته ، اللا عندما قرأنا تلك المقولة العظيمة " تعلمت من الحسين أن أكون مظلوماً فأنتصر " ، ربما تلك الكلمة هي التي فتحت الآفاق والسبل للبشرية من أجل أن تتعرف على شخصية غاندي عن قرب ، سيما الذين تربوا في الحسينيات وعند منابر الحسين "ع " .
ولك أن تتسآل أيها القارئ الكريم ، كيف لإنسان بوذي ، من عبدة الأبقار أن يحمل فكراً جماً وزخماً علمياً ، بهذا الشكل! لأننا كنا نظن أن أمثال هؤلاء متخلفين ورجعيين ، ولا يمكن أن يتقدموا أبداً ، فمن يسجد لحيوان في الشارع ماذا تقول عنه ؟ حتماً سيقال عنه أنه مجنون ! لكن الفكرة اختلفت كثيرا عندما عرفنا من هو " غاندي " ، ذاك الرجل الذي إمتلأ بالايمان الإنساني بأن كل من في الأرض يحق لهم أن يعيشوا كما يعيش الآخرين من دون أية فوارق طبقية وطائفية .
فاقتنعت بأن البشر لا يمكن لنا أن نقيسهم على أساس المذهب او اللون أو العرق ، وإنما يقاسون على ما يحملون من فكر تنويري واعي يمكن ان يتقدم بالبشر مئات السنين .
تأمل لكل من حملوا على عاتقهم تلك الرسالة منذ عصر الرسول و إلى يومنا هذا ! ماذا ستقرأ وماذا ستقول؟ عندما تجد أن أمثال هؤلاء هم عمالقة يجب على التاريخ أن يكرمهم ويبجلهم ، وأن لا ترميهم البشرية في مزابل التاريخ وتطمرهم في بطون الكتب ، إذ أن على الأمة أن تكرم أبطالها لا أن تقبرهم وتنساهم إلى أبد الدهر.
فأمثال هذا الرجل ، وغيره من الرجال ، كان لهم صيت رنان يسمعه كل الجبابرة ويهز عروشهم التي يجلسون عليها ، لأنهم خرجوا يزأرون ويهتفون في وجوه الظلمة بأنه يجب أن نعيش ويجب أن يحترمنا العالم .
سأظل متعجباً وسأظل أطرح نفس علامات الاستفهام الكثيرة ، لأقول لماذا تكون نهايات هؤلاء الأبطال دائماً مأساوية ومؤلمة ، فأمير المؤمنين " ع " قتل بالسيف في محرابه وهو الرجل الذي تحفه الدنيا من شرقها إلى غربها ، والحسين "ع " كذلك ، قتل شر قتلة ومثل بجسده الشريف ، وسبيت نساءه وأطفاله ، وأهل البيت وأبنائهم وحتى أصحابهم وذراريهم ، كيف قتلوا وصلبوا على رؤوس الأشهاد ، فمن عصر بنو أمية إلى بنو العباس ، تاريخ دامي ، تثقله الجراح وأنين الثكالى .
وإلى عصرنا هذا الذي تنتهك فيه كل الحرمات والأرواح بلا رحمة ولا شفقة ، فمن مجزرة إلى أخرى ، ومن حرب إلى حرب ، ومن دماء إلى دماء ، والضحية هو الانسان الذي يقتل كما تقتل الحيوانات ، بل وبأبشع الصور وغرابتها .
جيفارا ، قتل حتى الموت رمياً بالرصاص ، وهو الرجل الذي يضاهي غاندي في دفاعه عن المظلومين والمحرومين على هذا الكون ، وكذلك المهاتما ، أغتيل بثلاث رصاصات غادره أردته صريعاً ، وقتلت حمامة السلام التي ترافق روحه أينما ذهب .
هكذا هي كما تبدو نهايات الأبطال والجيفارييون الذين يضحون بأرواحهم من أجل الإنسانية وبكل ما يملكون ، من أجل أن يقولوا للعالم ولكل الطواغيت ، بأنكم تستطيعون أن تقتلوننا وتحرقون أجسادنا بل وتذرونا رمادا للرياح ، تستطيعون أن تغيبوا هذا الأجساد المادية ، لكنكم حتماً لا تستطيعون أن تقتلوا أرواحنا التي تمتلأ بالحب والسلام والحرية .
وكان شعارهم دائماً ... أن مهما فعلتم ومهما ارتكبتم ، سنظل نحفر في الجدار ، إما فتحنا ثغرة للنور أو متنا على وجه الجدار .
التعليقات (1)
المعارض ، عضو في الصرح الحسيني
تاريخ: 2008-02-13 - الوقت: 03:45:47بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الأستاذ الكاتب علي طريف تحية طيبة و بعد ، لقد شاء الله عزّ و جلّ للشيطان أن يقاسم إبن آدم المعيشة في الأرض ، و بذلك سمح لقوى الشر أن توجد لتتحرك بصورة تلقائية لتتحكم في شهوات الإنسان . الشهوة هي كل ما يرغب أن يفعله الإنسان ، و ينظم هذه الرغبة شريعة الدين و قوانين المجتمع و هما قوى إيجابية منهجها مسن لمحصلة جيدة ، و لكن الشهوة ما إن تميل إلى غير الشريعة و الدستور الوضعي ستكون في حالة غير متزنة تدفع إلى حدوث جرائم . الإستعمار هي حب فرض السلطة و التملك ، و طلب الحرية أو بتعبير آخر ( الجهاد) هي العملية الإيجابية المضاد ة للحالة السلبية المفروضة و كل الملل و القوانين الدولية تشرع الجهاد و حق حرية الدفاع عن النفس . المجاهدون هم من يتحملون أكبر عبئ في عملية الجهاد ، و هم لا يبالون بالنصر بقدر ما يبالون بتوريث شعوبهم ثقافة الجهاد . شكراً لطرحك موضوعك ، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته