في بحريننا لا يمكن أن تنتج القطيعة بين الشعب والحكم نمواً وازدهاراً، وإنْ ظن البعض أن المشاركة مع النظام في كافة مؤسساته مضيعة للوقت، وانصهار في بوتقته دون مردود يذكر، ذلك لأن المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وما ينضوي تحت كل منها، بمثابة النوافذ التي يُطل مــن خلالها علـــى ما في جعبة النظام الحاكــم، كما يقــوي أواصر اللقاء ـ بنسبة ما ـ بين رموز الشعب وأركان الحكم، ومقابل هذا الخيار أن يظل الرموز مجرد ظاهرة صوتية تعلوا في أماكن لا يصغي لها إلا من لا حول ولا قوة لهم في التغيير.
أذكر ذلك لأن المعارضة (الإسلامية الشيعية) ظلت ردحاً من الزمن تؤمن بنظرية القطيعة، لهذا كانت تعرض عليها بعض المواقع في مجلس الشورى، والقضاء، والأوقاف، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.. وغيرها، وكانت ترفض المشاركة لأسباب تسوقها ليس هنا مكان سردها، وعليه أخذ النظام يحشو تلك المواقع بالموالاة.
المشكلة أن المعارضة لما آمنت بكسر القطيعة شاركت بـ (دفاشة)، كما قاطعت بتشدد، وإن نسيت فلست أنسى ذلك الصخب الذي صاحب الانتخابات التشريعية السابقة (2006م)، فقد كان مثيراً للإشمئزاز خاصة لما استخدمت كل الوسائل لجر القرص لنار المعارضة، وعلى رأس تلك الوسائل الفتاوى، وبعض العناوين الإسلامية مثل (دفع الضرر) الذي لم يُدفع.
أمام القطيعة، والمشاركة (الدفشة) نحتاج إلى موقف وسط يعطي التجربة البحرينية ما تستحقه من حجم، فلا إلى ديماغوجيا الانتخابات الكاذبة، ولا إلى التحذير من المشاركة وكأنها رجس من عمل الشيطان، فإن البرلمان لا يعدو كونه (دريشة) نطل من خلالها على النظام.
والآن بعد أن فازت المعارضة بما يقرب من نصف عدد المقاعد أين هي الآن! لا أعرف مبرراً لهذا الصمت من قبل المعارضة على أهم الملفات التي خرَّبت بحريننا، وكأن الحكومة أجلستهم على مقاعد متطورة كاتمة للصوت. أين هذا الصمت من ذلك الصخب الانتخابي الذي كنت أجول بين الخيم الانتخابية وأسمعه؟ أينه من تلك الخطب المسجدية وغير المسجدية!
إنني لمَّا أتذكر أداء بعض البرلمانيين في برلمان 2002، ومنهم (كتلة الديمقراطيين) آسف لأنهم خرجوا من السباق الانتخابي بنسب تجحد ذلك العمل الدءوب الذي قاموا به من أجل الوطن، لا لشيء سوى لأنهم لا ينتمون للإسلام السياسي.
البرلمان الكويتي ـ مثلاً ـ على ما فيه من علاَّت وعلى رأسها الصدام الدائم مع الوزراء، إلا أنهم لا يصمتون على المظالم، وإن صار أنْ انتصرت الحكومة لرأيها في نهاية المطاف فإن النائب يتحدث بلسان واضح يشفي غليل أصحاب الحق،أما هنا فنصـــوم طويلاً ثم نفطـر على بصلة الـ ( 1%)، أو حماسة النواب لبناء الإسكان العمودي.
أخيراً.. إذا كان من المبكر تقييم التجربة البرلمانية للمعارضة، فإننا تأخرنا في تقييم تجربة الانتخابات، ولابد من وضعها في دائرة الضوء؛ لنقول راياً فاصلاً في العينات التي قدمت، وفي التحالفات كيف كانت، ولماذا أهملت مع قوى أخرى، وفي الخطاب الانتخابي...الخ.
ختاماً.. هذا الضعف الذريع في أداء المعارضة سواء بسببها، أو بسبب الحكومة التي تعيق التجربة، فإنني أستشرف المستقبل ـ متمنياً أن أكون على خطأ ـ الذي سيعيد المقاطعة من جديد في (2010م)، مما سينجم عنه انقطاع التجربة من جديد، وعدم تراكم الخبرة.
التعليقات (4)
أبو آلاء
تاريخ: 2007-10-26 - الوقت: 11:54:46إن التجربة البرلمانية الحالية وإن كان الحديث عنها مبكرا إلا أنها أفشل من سابقتها من حيث الطرح والقوة فمع وجود كتلة معارضة داخل البرلمان وتمثل الأكبر وحتى الأقوى إلا أنها عاجزة تحريك أي ملف حتى وإن كانت خيوطه صغيرة، لذلك أقول أن التجربة خاوية وفاشلة ولا تحقق شيء معك أستاذ ياسر فيما ذهبت إليه فالمقاطعة في 2010 محتومة وعنوانها ندم الشيخ علي سلمان لمشاركته في التجربة الحالية
ابو فاضل
تاريخ: 2007-10-26 - الوقت: 16:46:11موضعك مر ياابوعمار ولكن هذا الواقع لا اريد ان اقلل من شأن المعارضه ولكن اقول هذه الحكومه وسياسته القذره التي تراوغ لا اتمنى ان يخلو البرلمان لناس اصلا ليسوبقدر الثقه اصلا ... ((اتنمى ان لايدوم هذا الحال 0
المعارض ، عضو في الصرح الحسيني
تاريخ: 2007-10-27 - الوقت: 07:40:04بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الأستاذ الكاتب ياسر خميس المحترم ، تحية طيبة و بعد ، إن التغيرات السياسية الإقليمية و الدولية دفعت أنظمة دول الخليج إلى الإنفتاح على شعوبهم . و لكن هذه الحكومات الصحراوية الجلفة جعلت من الدمقراطية فلكلور سياسي متمثل في برلماناتهم المخصية ، و القضاء الذي مازال منوطاً بوزارة تقيده . الإصلاح هو تغير الخطأ و الخلل ، لا تحديث شئ مبني على الخطأ ، إن مشروع الإصلاح السياسي المزعم المسمى بالميثاق الوطني كان من الأجدر أن يغير في الكوادر التي فشلت في سياستها لإدارة السلطة التنفيذية ، لا تجاهلها و تجديد العهد لها ، لا إصلاح مع من أخطأ في حق الشعب . و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لم توفق في كتابت هذا المقال اخي ابو عمار لانك لم تعرف حتى معنى الانتخابات وطرق جذب الناس ووصفت المعارضه بالمثيرة لاشمزاز وبانها وراء الفتاوي ووراء العناوين الاسلاميه دفع الضرر بختصار اتهاماتك غير مبرره