كثيراً ما تتداخل الخطوط على بعضها البعض، الدراسة على العمل، العمل على الدراسة، الفراغ على الكسل...، ولكن الأمر الذي يبقى ماثلاً في ارتقاب وانتظار الغد هو ما يكون له تخطيط ورسم واضح مسبوق قبله.
وإن لأي فكرة ولمحة خاطر هناك نقاط أولية تنم عن تفكير مسبوق لها، ولكن ما لم يُتمعن فيه يبقى هذا التفكير فكرة ولمحة خاطر تمر على مخيلة الشاب الذي يطمح لتحقيق تلك الفكرة. وهنا نود أن نقف مع نقطة مهمة في طريق الطموح ، ألا وهي نقطة طالما تقع وهي في أول الطريق، وهي عملية الطموح المدروس -التفكير والتخطيط الجاد المتلازم- للطموح، محاولين إيضاح ما ينم عن عملية الطموح المدروس.
- الطموح لا ينمو مع اليأس:
كثيراً من الأحيان ما تمر على الشاب لحظات مملوءة بلسعات الحياة من هنا وهناك من الصعوبات ومن الخفقان في بعض التجارب التي لا خبرة له فيها، ومن فشل أحياناً أخرى في بعض الممارسات والسلوكيات مع الآخر. ولكن يلاحظ خطأ واضح هنا وهو عملية اليأس تلو اليأس للتغلب على صعاب الحياة المرة، رغم إننا لو لاحظنا ما يتم من عملية اليأس لهربنا منها، وذلك لأن فاقد
الشيء لا يعطيه، ولو تأملنا الحفر التي سنقع فيها من خلال تعاملنا مع الصعوبات والفشل باليأس للتغلب على الصعوبات لنظرنا أن الحفر أكبر من حفرة وخطر اليأس، فيا أيها الشاب أحذر أن تقع في خضم (شباب اليأس) فهو أحد مكائد الشيطان، وهو أحد الأركان الهدامة لكمال الحياة ولعملية النمو الإنسانية عامة. ولذلك لا يمكن أن يرتقب من الشاب المتماشي مع اليأس بمده وجزره أن يكون طموحاً ومنتجاً.
ترسبات اليأس أمام طريق الطموح:
- الجمود في التفكير:
إن من ترسبات اليأس لدى الشاب الطموح هو تركه لكل ما يساهم في قوة إرادته وعزائمه، التي من شأنها أن تدفع به للأمام ولكن ما لم يحاول بجد أن يرفع من قوة إرادته وعلو عزائمه سينهار شبابه، وإن لعامل اليأس وترسباته أن يجعل من ذلك الشاب الطموح شاباً جامداً في كافة المجالات، فإنه حين تقل عزائمه وتنهار إرادته فإنه يبقى منزوياً بإحدى الزوايا جامداً في تحركه الجسماني وجامداً في النظر لما حوله فبتالي يتحول هذا الجمود إلى جمود كلي في الفكر، إذ يسلب مما يرى التأمل ليلتقط هذه الخاطرة وتلك الفكرة ليبقى معها ينميها بفكره ويجعلها واقعاً، لا بل يجعل من يقترب منها آيس مثله حتى يحطم له إرادته، وإن هذا الجمود لهو خطر فاقع في المجتمع وبالذات بين أوساط الشباب ، وذلك لأن الثمرة المتعفنة تجعل من الثمار الناضجة متعفنة ما لم يتدارك الأمر، وإن صورة انتشار أمثال هؤلاء الشباب اليائسين كصورة تلك الثمار.
- الجمود العملي:
فغالباً ما يحصل أن ذهنية الشاب المترامي على الكسل وعلى قوارب الفشل واليأس يحب أن يتلاشى عن الأنضار مما يسبب خموله الجسمي وخموله في المشاعر عامة وأهم ما يلاحظ عليه وهو في هذا العمر هو العقل والفكر المتوقد، فإن حصل ورأينا شاباً خاملاً لا يعطي للحياة من فكره الوقاد شيء فإن لديه خللاً في أتزان شخصيته الشابة وإن جموده لم يأتي محض الصدفة ولكن بسبب أنه تماشي مع نفحات اليأس فإنه لا بد أن يقع في خضم بحره الهدام ويكون عنصر نشاطه ألا وهو فكره الوقاد أحد أهم العناصر خمولاً.
ولماذا يكون هذا العنصر أهم العناصر لدى الشاب؟
سؤالٌ ينم عن دقة في الطرح والإستفسار نورد أجابة مختضبة عنه هنا في المقام، ألا وأن فكر وذهن أي شاب هو المحرك الرئيس لنشاط وفاعلية هذه المرحلة من العمر لدى الشاب، وإن حصل وتجمع بسبب خطئ في التفاهم مع متطلبات وصعوبات الحياة فإن جمود الشاب لا محالة أول التفاعلات المرتجاة من جمود ذهنه ولهذا فإن عنصر الذهن هو أهم العناصر التي يرجى الإهتمام بها من بث الوعي والفهم وبث الإرادة والعزيمة به.
- الاتكال في العمل:
إن ما يحصل من جراء الجمود الحاصل من ترسبات اليأس هو عملية الاتكال في جميع مجالات الحياة الفاعلة التي لا يتقاعس عنها إلا من يدخل في نفسه شيء من مرض الدنيا أو يُبتلى بخراب فاقع في عقله فينصرف عن واجباته، وإن من أبرز هذه الواجبات هو العمل، أي العمل بما هو عمل واجب واقع على عاتقه سواء على مستوى رعايته الشخصية أو رعاية أسرته أو رعاية لزملائه أو أصناف بيئته أو مجتمعه.
ويبرز ذلك الاتكال في أولويات الواجبات الملقاة على عاتق الشاب، وإن كان ثمة حل فإنه ضئيل وبسيط يكمن في متابعته للبيئه التي حوله احياناً ما.
التعليقات (0)