واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الثالث من شهر رمضان المبارك لعام 1444 هـ ، وتحت عنوان " بيوت لا تدخلها ملائكة الرحمة " ، ابتدأ سماحته بحديث عن النبي (ص) " إن جبرئيل أتاني فقال: إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تمثال جسد ولا إناء يبال فيه. " النصوص الواردة عنهم عليهم السلام تبيّن علقة وطيدة بين عالم الشهادة وهو عالم الأبدان وبين عالم الغيب وهو عالم الملائكة ، تحدثت النصوص حول الملائكة وبيّنت أن وجود عالم الملائكة هو في عرض وجود الإنسان ، هذا العالم يتواصل مع عالم البشر، وهنا يجب أن نقف قليلًا حيث أن حديثنا الليلة حول الملائكة وهم على نحوين ، ملائكة رحمة وملائكة غضب ، ولهذا ملائكة الغضب أمروا ابراهيم بالخروج ثم نزلوا على قوم لوط .
فنحن نتحدث عن ملائكة الرحمة التي اذا تنزّلت على دار ، انعكست آثار وجودهم ، ومنها أن تحلّ الطمأنينة و السكينة و الراحة النفسية فيمن يسكن تلك الدار ، و عندما ترتفع ملائكة الرحمة لا يعمّ فيه الا الإضطراب و الخلاف والنزاع ، و من مؤشرات وجود الملائكة أن تأمن الدار والبيوت من الفجائع و الطامّات التي قد تنزل لولا وجود ملائكة الرحمة ، أيضًا من آثارهم تسامي الحالة الروحية واقبال لله و تذوٌق للعبادة و ملذتها ، فبدونها يبتلى العبد بالجفاف الروحي ، يصلّي جسدًا و يُعرض قلبًا . أيضًا من آثارهم توافر البركة و سعة الرزق ، وعدم الشعور بالضيق .
ما هي أسباب عدم حضور الملائكة في بيوتنا ، السبب الأول قطيعة الرحم - و العياذ بالله - من الذنوب الخطيرة التي حذّر منها القرآن الكريم ، ان وجد في مجتمع فضلًا عن وجوده في البيت ، الانسان القاطع لرحمه تتنفّر منه ملائكة الرحمة ، عنه (ص): " إن الملائكة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم " ومن سورة محمد " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) " يجب على الإنسان أن يصل رحمه ما استطاع ولا توجد صورة موضوعية للصلة بالكيفية . المهم أن يتواصل المؤمن مع رحمه و هو أمر ضروري ومن المعيب أن يوجد من يقطع رحمه و في وصايا الرسول (ص) في هذا الشهر صلة الرحم ، لنجعل صلة الرحم برنامج عبادي أسري واجتماعي و الا تفارق ملائكة الله بيوتنا .
السبب الثاني لعدم نزول الملائكة في بيوتنا كما في النص الشريف وجود الدمى و التماثيل ، والتمثال ما يكون لذوات الأرواح ، أما لو كان تمثالًا لشجرة أو جبل أو موجود لا روح فيه فلا بأس في ذلك ، أما اذا كان تمثال لما تذب فيه الروح سواء لانسان او حيوان ، فان صناعته كتمثال له حكم على مستوى الصناعة و حكم على مستوى الإقتناء ، من ناحية التصنيع فصناعتها حرام على اجماع العلماء أما النحت أو الحفر لما هو مجسّم فمشهور العلماء في الحرمة كذلك ولو كان ناقصًا . أما الرسم أو التلوين فلا اشكال فيه . اختلفوا في كون الرسم تامَا . أما اقتناؤها فهو مكروه أي أنه جائز لكن على كراهة ، وتكره الصلاة في تلك الأماكن ، فلك أن تصلّي في دار أو غرفة أخرى .
السبب الثالث هو هجران القرآن ، يجب أن تكون للأسرة علقة وطيدة مع كتاب الله ، فللقرآن أثرٌ في نزول الملائكة ، عن أمير المؤمنين (ع) " البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض، والبيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله فيه، تقل بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين " ، ولهذا في مثل هذه الأيام تضج و تعج الشياطين ولا يمكن أن تصل الى دور المؤمنين . ولا ينبغي للمؤمنين أن يهجر القرآن عملَا ولا يجب أن تكون علقة صورية فالملائكة تكون مع من ارتبط بالقرآن .
التعليقات (0)