المنامة - محمد حميد السلمان
يقول المستشار (تشارلز بلغريف) في مذكراته اليومية: «حين وصلت إلى البحرين العام 1926 لم يكن هناك هيكل حكومي أو إدارة رسمية... أما القوانين والأنظمة فقد كانت مبهمة وغير واضحة». ولذلك فقد بدأ المستشار بوضع حزمة تدريجية من القوانين والأنظمة الإدارية لإمارة صغيرة في الخليج تسمى البحرين، وكان من ضمنها أنظمة خاصة بالمآتم والحسينيات كما تعرفنا عليها، ونكمل متابعتها ضمن القوانين والأنظمة العامة للبلاد.
ذكرنا خلال الأسبوعين الماضيين بعض التنظيمات الإدارية التي ابتدعها المستشار (بلغريف) ومازال يُعمل بها إلى اليوم، والخاصة بالمآتم والخطباء الذين يفدون من خارج البحرين، وخصوصاً من العراق وإيران، للخطابة فيها. ومنها استمارة دخول الأشخاص للبلاد، التي بين أيديكم اليوم، وقد تم تعديل بنودها أكثر من مرة كما هو مبيّن في المرفقين. وقد كان يُطلق على هذه الورقة حتى قُبيل العام 1970 «شهادة دخول»، وتصدر باللغتين العربية والانجليزية، ويُكتب في أعلاها:
«شرطة حكومة البحرين
دائرة الهجرة
شهادة دخول رقم:......
وعبارتان هما: هذه الشهادة سارية المفعول لمدة ثلاثة شهور من تاريخ صدورها.
يرجى من السلطات التي تمنح التأشيرة أن تبين رقم هذه الشهادة عليها، وان تحتفظ بنفس الشهادة. يجب ألا تُعطي التأشيرة في حالة اختلاف تفاصيلها والتفاصيل المذكورة في الجواز. يجب طبع التأشيرة في الجواز أو في أية وثيقة سفر أخرى معتبرة.
ثم تتبعها ملاحظة أخرى وهي: «ليس لدينا اعتراض في منح تأشيرة دخول البحرين للشخص المذكور».
وكانت استمارة ما قبل 1970، تتضمن استمارة التأشيرة ست خانات فقط من البيانات المعتادة، وهي: (الاسم، العنوان، الجنسية، العمر التقريبي، رقم الجواز، مصحوباً بـ..). والوثيقة المذكورة هنا صدرت للخطيب الشيخ باقر المقدسي، بتاريخ (28 فبراير/ شباط 1966)، وبتوقيع مدير دائرة الهجرة عن الرئيس العام للشرطة والأمن العام، ولم يسمح للخطيب بالبقاء في البحرين أكثر من شهر واحد فقط. والغريب هو تلك الملاحظة المذكورة في أسفل الوثيقة بعد التوقيع الرسمي عليها وتقول بالحرف: «مهم: ان هذه الشهادة لا تخول حاملها دخول البحرين بل يجب تبديلها بتأشيرة دخول البحرين من قبل اية سلطة بريطانية مرخصة لإصدار هذه التأشيرة».
أما الوثيقة الثانية، وهي نسخة معدلة من الوثيقة السابقة لها، فصدرت في العام 1971 ولذلك تغيرت اسم الجهة الصادرة لها إلى الآتي: (حكومة البحرين - دائرة الأمن العام إدارة الهجرة). وصارت تسمى (طلب رخصة الدخول)، كما تمت زيادة خانات البيانات المطلوبة إلى عشر بدلاً من ست، من باب التدقيق الأوسع، كما يبدو، للقادمين إلى البلاد، وذلك بإضافة خانات (صلته بالكافل، الغرض من الزيارة، مدة الإقامة المطلوبة في البحرين، تاريخ الزيارة السابقة والغرض منها، إن كان مصحوباً بآشخاص آخرين، اذكر أسماءهم وأعمارهم وقرابتهم بصاحب الطلب). كما أُضيفت بيانات عن الكفيل وأوصافه كاملة، وعبارة مهمة جدّاً تلزم الكفيل ترحيل الخطيب متى طُلب إليه ذلك في أي وقت بواسطة السلطات المختصة.
وللعلم، فهذه التصاريح ليست خاصة بخطباء المآتم فقط، لكننا نورد هنا ما يخص منها بأسماء من منُحت لهم من الخطباء لصلتها بموضوع التنظيمات الإدارية في البحرين حول الأشخاص الراغبين في دخول البلاد وطريقة جمع البيانات عنهم. والوثيقة الواردة هنا، هي طلب رخصة الدخول للخطيب جاسم عبدالهادي الموسوي، وصدرت بتاريخ (10 فبراير 1971). وكلا الخطيبين، المقدسي والموسوي، كانا من أهم خطباء المجالس الحسينية لمأتم بن خميس بمنطقة السنابس. وللصدفة وحدها دور في أن يكون الخطيب الموسوي نفسه على مدى عامين، (1970 و1971)، في مأتم بن خميس وفي شهر فبراير تحديداً.
وأهم ما في الوثيقة الثانية، هو وجود التوقيع المباشر للكفيل في تلك الاستمارة وهو المناضل الوطني حسين بن أحمد خميس، وختم الطباعة الذي كان يستخدمه، كما يبدو، في معاملاته التجارية.
التعليقات (0)