آلة الرياسة سعة الصدور ... علاج المواقف يتطلب رويّة وتأودة ... خفض الجناح يعود بالنفع أكثر من نفخ الأوداج ... ولا تدار رعية بغلظة ويهنأ راعيها ... وبابتسامة طافحة على ثغرك ترسم الرضا في قلوب الغاضبين ... تبرّع باللطف توهب الانقياد لما تقول .
في ذكرى الأربعين وعودة الرؤوس إلى كربلاء على رأي بعض الروايات الواردة ... يخرج الموكب في طريق أطول ... لا تستخدم إلا في يوم العاشر والأربعين ووفاة الرسول أحيانا ... يضاف طول من البداية .. وطول آخر في الوسط ...
يخرج الموكب من الحسينية كطريق ليلة الثالث عشر ... إلا أنه يتجه لأقصى الغرب من السنابس ... في القديم كانوا يذهبون باتجاه بيت مكابيس ... مروراً خلف مسجد الخضر ... وفي هذه السنوات يمرون أمام بيت المادح متجهين إلى الشمال ... منعطفين للشرق في العودة إلى الطريق الأولى ...
يوم الأربعين خرج الموكب ... ونحن برجاء قدوم حسين سهوان ليتسلم موكب المسير ... انتظرنا طويلاً ولا يمكننا الانتظار... فمواكب القرى الأخرى القادمة ستتعطل ... ولا يمكنها الخروج إلا خلف موكبنا ... موكب القدم والديه ومأتم القصاب ...
بقصيدة مخبئة في جيبي أنقذت الموقف ... هُنا تكمن فائدة القصيدة الاحتياطية ... الاحتياطيات لاتكون متوفرة على الدوام ... ولكن التسديد الإلهي له دور في وجودها هنا حين الحاجة.
قصيدة هيد يحادي ظعنى ... سيرت بها الموكب إلى نهاية جدار المقبرة من الغرب بعد عودة حسين سهوان ... إذن أين كان حسين غائباً ... انشغل في موكب التطبير ... موكب التطبير لا تخرج حلقته إلا يوم العاشر من المحرم فقط ... تجد فيه كثيراً من الكبار ... والشباب الذين يعشقون الحسين ...
بمشرط الأطباء يجري المتمكنون من العملية عملية (شنترة الرأس) ... ليس الكل يحلق شعر رأسه... بعد تدفق الدم يعمد المشارك إلى ضرب موقع خروج الدم ليزداد الفوران...وليس الكل يمتلك سيفاً في يده ... البعض يتفننون في اقتناء السيوف وشحذها ... لكونهم يلطمون هاماتهم بشفراتها فتحدث آثاراً دامية...
تلقى حقلة التطبير اقبالاً واسعاً ... واهتماماً متزايداً... فلا ترى إلا أكفاناً بيضاء ... تنحدر الدماء عليها فتحيلها قانية ترهب الناظرين ... لإقتناء الكفن تقدم مبلغاً رمزياً لصاحب الأكفان ... من بيت (الحيدر) ينطلق موكب التطبير (الحيدر) ... من بيت الحاج علي الأنجاوي ... في ظهر ذلك اليوم العاشر ... يفتح أبوابه على مصاريعها ... بساحته الواسعة ترى البياض جنب البياض ... إما لابس للكفن أو متأبطاً للكفن ...
من لايمتلك سيفاً يلوح بعصا ... تحاط حلقة التطبير بحبل سميك يعتني المنظمون بسحبه وتمطيطه للخارج ... كي لاتضيق دائرة الموكب المستطيلة ... وتمشي سيارة الإسعاف بالقرب من حلقة (الحيدر) لإسعاف من يغمى عليهم ويسقطون ... يبادر المتابعون كل ساقط فيحملونه إلى سيارة الإسعاف ... كذلك يتابعون المشاركين ... فبعضهم تأخذه شحنة الإنفعال فيدمي رأسه بطريقة هستيرية...
في مرحلة شباب ماقبل المشاركة كرادود ... شاركت موكب التطبير لمرة واحدة ... بعد أن شق رأسي (حمزة) أستلمت العصا ... وبدأ الموكب بثلاث قرعات سريعة على الطبل بمرافقة الطاسة ... ثلاث ضربات تشبه لطمات اللطميات الثلاث ... ويبدأ الصوت من المشاركين ... مع كل ضربة تنطلق كلمة حيدر بقوة ...
ليس من الخطأ اعترافنا بسلبية ماقمنا به ... ولكن للأسف هناك في السابق مع أول بروز للظاهرة فقهاء كثيرون لم يحسبوا للظاهرة حسابها الحقيقي ... ولو افترضنا أن هذا العمل كان مناسبا لزمن فات ... فينبغي إعادة حسبته لكونه قد لايناسب زمننا الحالي هذا... ومانحن فيه من إعلام مضلل يهاجمنا ... وتصوير يلتقط كل حركة منا ... ونحن بحاجة لقطرة الدم نضخها في أوردة المحتاجين...
مع هذا الإختلاف علينا إحترام بعضنا ... فمن لا يرى جواز التطبير لا يحق له تسقيط المطبرين ... وإقصاءهم من الطائفة لكونهم يتبعون رأيا يخالفه ... كذلك ليس مقبولاً من المطبرين التعرض لمحرمي التطبير والنيل من آرائهم وتقليل شأن إخلاصهم ...
لكل مرجعه ... وفقهاؤنا كلهم لا يصدرون فتاواهم على هوى وعاطفة ... وإلا لكان السابقون أولى بالملامة ... الرأي يناقش بالرأي والفكر ... الغرض من العرض هذا توثيق مرحلة فاتت ... لا أكثر من ذلك ... في هذا الموكب كان حسين سهوان موجودا حين كنا ننتظره...
عند ناصية المقبرة وعند توقف الموكب عاد ... استلم الموكب بقصيدة للشيخ عبدالهادي المخوضر يبدأها ... في أراضي كربلاء ... زينب رمز العلا ... تعرض فيها لدور اسرائيل الخصم للأمة الإسلامية والعربية ... فيها يقول ... إن اسرائيل قد ... حاربت أمتنا ... ومنها ابتدأ الطرح السياسي في الموكب ... بصورة مكشوفة وبالأسماء الصريحة...
لمست كما لمس الكثيرون خللاً كبيرا في إدارات المآتم ... وتعسفاً في تطبيق القرارات ... وابتعادا عن الأهداف النبيلة لما أنشأت عليه المآتم الحسينية ... الموضوع كان محور قصيدتي ... سير على آثار الوصية من محمد ... وخل نساهم ... في المآتم ... في وفاة الرسول الأكرم (ص) ...
طبيعة اللحن من مستهله يحتاج لروية من الجمهور للتمكن من إجادته ... أجاده المعزون باتقان مع مافيه من مد في أول كلمه منه ... اللحن يعد من الألحان الملائية ... المقتبسة من ألحان الخطباء المنبرية ...
أحدهم أخذ القصيدة معجباً بها ... ألقاها في موكبهم ... ولما فيها من حث على تطهير أرض الإدارة ... فيها بيت يقول ... يا إدارات المآتم في ديار المسلمين ... طهري أرض الإدارة من جراثيم البشر ... لهذا البيت بالذات أخرجه أحد أعضاء الإدارة من الموكب قائلاً ... إذن نحن جراثيم البشر ... في آخر الأمر نقول ... إنه معضل نقاسيه في كل مكان وزمان...
التعليقات (1)
المعارض ، عضو في الصرح الحسيني سابقاً
تاريخ: 2008-03-28 - الوقت: 22:45:22بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته حضرة الكاتب الأستاذ عبدالشهيد الثور تحية طيبة و بعد ، مازلنا نتابع بلهفة سلسلة مقالاتك و إسمح لنا بأن نعلق على ما تفضلت به كوننا جزء من الفترة التاريخية التي تقوم بتأريخها في هذا المقال ، مناشداً الأخوة الإدارين في موقع حسينية بن خميس أن يوصلوا تعليقاتنا إلى الكاتب مع الشكر. 1- تفضلت قائلاً : (( لمست كما لمس الكثيرون خللاً كبيرا في إدارات المآتم ... وتعسفاً في تطبيق القرارات ... )) ، إن النقد البناء مطلوب للإعادة الرؤية في عمل ما ، و أنا أحي فيك هذه المحاولة ، و لكن أختلف بأن أطرح المسئلة على العامة مستغل قصيدة العزاء خصوصاً الوصف الغير لائق كجراثيم البشر الذي يعكس في ذهن السامع منتهى إنحطاط الموجه بالإنتقاد ، و قد تكون قَدح لشرارة تؤدي لتأجيج نار الفتنة ، و هم " الإدايون" لم يختلو معك في المسائل العقادية و لا حتى الفقهية و تستطيع أن تعالج بالرجوع إلى العلماء الأفاضل بدل الوصف الشنيع الذي بلاشك سيولد كراهية و لن يحل الأزمة . شكراً مجدداً لمتابعة الكتابة و شكراً للإدارة الموقع لإتاحة الفرصة لنا للإطلاع على ماضينا عبر السير الذاتية للرادود عبدالشهيد الثور. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته