واصل سماحة السيد عدنان الكراني سلسلة مجالسه الحسينية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة التاسع من شهر محرم الحرام لعام 1443 هـ ، و تحت عنوان " ذكر الله تعالى " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة البقرة " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)" ، تطرقت الآية الكريمة الى موضوع حساس بالنسبة للجانب العقائدي للفرد المسلم ، فما هو الذكر ؟ يقول العلماء أن ذكر الشيء هو استحضار الشيء أو معناه في الذهن و لا يكون الا عن طريق وجود معلومة سابقة في ذهنه تم تخزينها مسبقًا ، و يعمل في التذكر على البحث عن تلك المعلومة ، و الانسان يتحصّل على المعلومات انطلاقًا من المدخلات الخمس ( الحواس ).
هل يمكن أن نطلق على الذهن بانه ذاكرة ، حقيقة الأشياء التي يتصورها الإنسان في ذهنه غير واضحة المعالم ، وهذا العقل مقارنة مع صغر حجمه يمتلك قدرة هائلة على تخزين المعلومات . الآية الكريمة تقول " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " فالله لا ينسى وانما معناه تقابل لفظي وليس معنوي ، فإن الله لا يظل ولا ينسى وهذا في باب علم البلاغة ، علم البديع الذي يدرس الصور اللفظية و المعنوية التي تعطي الكلام جمالًا و حلاوة ، وهذا من باب التقابل . العلم علمان ، حضوري وهو من قبيل علم الله ، و علم حصولي كعلم الإنسان . يأتي من تكسبه و تفاعله. و الآية الكريمة جاءت من حيث تقابل اللفظ .
نرجع الى بعض المفسرين في فهم الآية ، وهو كتاب تفسير النور للشيخ محسن قراءتي ، وتحدث عن عدة معانٍ من ضمنها : يا عبدي اذكرني في وفور النعمة ، أذكرك في الصعاب ، نقف عند الحديث المروي عن الإمام الباقر : " من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة:صوت معروف ولم يحجب عن السماء، ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه." ، لطيف أن يلجأ الإنسان الى الله في الشدائد لكن ينبغي ان لا يعرض عنه بمجرد انكشاف المحن ، من سورة يونس : " وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) " ، وفي حديث عنه ( ص ) " من سره أن يستجيب الله له في الشدائد والكرب فليكثر الدعاء عند الرخاء. "
من ضمن الآراء في معنى " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " أي اذكرني في حياتك لأذكرك في موتك ، ويرويه الكثير من المفسرين من ضمنهم الجبائي ، لابد للإنسان أن يذكر الله في كل حياته ، حتى حين يخرج من الدنيا يذكره الله في عالم الآخرة ، و الفرصة مفتوحة هنا ، و بمجرد أن يتوقف نفسه تغلق صحيفته .
التعليقات (0)