واصل سماحة الشيخ جاسم الدمستاني سلسلة مجالسه الحسينية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، وذلك في يوم السادس من المحرم الحرام لعام 1443 ، وهو اليوم المخصص لرثاء شيخ الأنصارحبيب بن مظاهر الأسدي ، وهو من الشخصيات التي أثرت تأثيرًا بالغًا و بالغت في نصرة الحسين ( ع ) ، فكان مصداقًا لقول الله في سورة الأحزاب " مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) " ومصداقًا لقوله في سورة التوبة " ۞ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ " ومصداقًا لقوله الذي نزل في حق أمير المؤمنين " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) " و مصداقًا لقوله في سورة مريم " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا (96) " و صار مثالًا و مصداقا لكل آية نزلت في شأن أولئك الذين جاهدوا مع رسول الله ، و صار منارة و قامة عالية و سامية من أصحاب وجيش و خواص أمير المؤمنين و حملة علمه و آثاره ،
خُص له ضريح عند الحسين ( ع ) و يومٌ في العشرة المباركة ، و خُصت له راية و كان على ميمنة الجيش ، و كان شيخًا للأنصار ، وصار مثالُا للشخصية التي بدأت مشوار العظمة و لم تنقطع . مهما تكلمنا عنه تبقى مواقفه شاهدة في التاريخ ، لم تكن شخصية اعتيادية ، ولم تكن نصرته محل فجأة للحسين ، حيث كان موعودًا بهذه الشهادة حيث ظل على طول الخط يتعهّد هذه الشهادة و يربيها في نفسه ، و يعمل الى بناء هذا المجد الى آخر لحظاته ، فلم يتوانَ و لم يبتعد قيد أنملة .
كان من خواص أمير المؤمنين ، و السيد الخوئي ذكر ما ذكره عن حبيب في رجاله ، و ذكره البرقي في رجاله ، و ذكره غير واحد من الرجاليين و أجمعوا على عظمته وصفاته و صحبته بأمير المؤمنين ، و أما صحبته مع الحسين فهي عظيمة ، وقالوا بأنه سيّد القرّاء وكان يختم القرآن في ليلة ، ولم يكن ذلك لفظيًا فحسب بل أنه طبّق القرآن و قيمه و تعاليمه بحذافيره و نصرته شاهدة على ذلك . ذكره ابن حجر العسقلاني في (الإصابة في معرفة الصحابة) لان به صحبة لرسول الله ( ص ) ،وذكره الشيخ عبدالله البحراني في كتاب ( العوالم ) ، وذكر رواية تحمل دلالات عظيمة على ما قدمنا من كلام ، بل ومستوى ما كان يتعامل مع الإمام المعصوم منذ نعومة أظفاره الى قبل مقتله .
مر ميثم التمار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلف أعناق فرسيهما.ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلح ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الزرق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليه السلام، ويبقر بطنه على الخشب.فقال ميثم: واني لأعرف رجلا أحمر له صفيدتان يخرج لينصر ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة.ثم افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحدا أكذب من هذين، قال: فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رشيد الهجري، فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما؟فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا.فقال رشيد: رحم الله ميثما نسي: ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مائة درهم، ثم أدبر فقال القوم: هذا والله أكذبهم.فقال القوم: والله ما ذهبت الأيام والليالي حتى رأيناه مصلوبا على باب دار عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسين عليه السلام ورأينا كل ما قالوا.
هؤلاء العلماء ضائعون في المجتمع وهم أهل كرامات و عندهم علم المنايا والبلايا ، فلا تستغرب من هؤلاء العظماء ولماذا أعطاه الحسين مقامًا خاصًا وكان على ميمنة جيشه . عندما طلب الإمام الحسين من أصحابه ان يسألوا جيش الحزب الأموي يكفوا عنهم لأداء الصلاة فقال الحصين بن تميم: إنها لا تقبل فقال له حبيب بن مظاهر: لا تقبل زعمت! الصلاة من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقبل وتقبل منك يا خمّار؟ . فكان يتحدث ويخطب و الحسين واقفٌ عنده ، وله مواقف عظيمة .
التعليقات (0)