شارك هذا الموضوع

المسلمون والمسيحيون تحت راية المهدي (عج)‏

يهيِ‏ء اللَّه جلَّ وعلا الظروف الموضوعية للقيادة العالمية الواحدة والعادلة للإمام المهدي (عج)، وعلى الرغم من الاختلافات البشرية الحادَّة، والظاهرة اليوم على المستوى الديني بين المسلمين والمسيحيين، فإن ظهور السيد المسيح (ع) في آخر الزمان يُعتبر خطوة جامعة للمسيحيين تحت لوائه، وبما أنهم ينتظرون مجيئه كمخلِّص لهم، فإنَّ انقيادهم له يكون سهلاً، فهي عودة لهم إلى ما ورد في إنجيلهم من قيامته وعودته.


ثم تكون بيعة المسيح (ع) للإمام المهدي (ع) وصلاته خلفه في القدس إعلاناً صريحاً بوحدانية قيادة المهدي (عج)، والالتحاق به من جميع المؤمنين بالمسيح (ع) والإمام (عج)، فيجتمع بذلك المسلمون والمسيحيون تحت لواء واحد، ليسود العالم منهج واحد ودين واحد.‏‏


قال رسول اللَّه (ص): ؤلو لم يبق في الدنيا إلاَّ يوم، لطوَّل الله ذلك اليوم، حتى يخرج فيه ولدي المهدي (ع)، فينزل روح الله عيسى بن مريم (ع) فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربِّها، ويبلغ سلطانه المشرق
 
والمغرب«(1)، ومن الطبيعي أن يملأ الإمام الدنيا، وأن يبسط سلطانه على المعمورة بأسرها، طالما أنَّ الجميع منقاد له، وأنَّه ناجح في معاركه ضد الكفر العالمي والإقليمي، وقد أجمعت الآيات والروايات على وعد اللَّه بنصره الأكيد والشامل "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ« )الأنبياء: 105).‏‏


كيف يبدو المشهد عند الظهور؟‏‏
يهزم الإمام (عج) بني إسرائيل ومعهم كل من يساعدهم، فيتفاجأ الغرب المسيحي بذلك، ويعلن الحرب على الإمام(عج). في هذه الفترة يظهر السيد المسيح (ع) ويصلي خلف الإمام (عج) في القدس، ثم يدعو العالم المسيحي إلى الالتحاق بقيادة الإمام(عج) الحكيمة والعادلة. وفي رواية عن أمير المؤمنين علي (ع) يتحدث فيها عن صلاة المسيح (ع) في القدس خلف الإمام(عج): "ويدخل المهدي (عج) بيت المقدس، ويصلي بالناس إماماً، فإذا كان يوم الجمعة، وقد أقيمت الصلاة، نزل عيسى بن مريم(ع) بثوبين مشرقين حمر، كأنما يقطر من رأسه الدهن، رجل الشعر، صبيح الوجه، أشبه خلق الله عزَّ وجل بأبيكم إبراهيم (ع) خليل الرحمن، فيلتفت المهدي (عج) فينظر عيسى(ع)، فيقول لعيسى: يابن البتول، صلِّ بالناس. فيقول: لك أقيمت الصلاة، فيتقدم المهدي، فيصلي بالناس، ويصلي عيسى خلفه، ويبايعه«(2).‏‏


إنه وعد اللَّه تعالى في أن يعم العدل العالم، وتنعم البشرية برسالة الإسلام الحقَّة، وببركات وقيادة صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء. إنَّها اللحظة التي ينتظرها المؤمنون حيث تسقط فيها طواغيت الأرض وفراعنتها، وينهزم الكفر وأعوانه، ليعلو صوت الاستقامة والإنسانية والفلاح. إنها مرحلة الحسم للمعركة الطويلة منذ خلق آدم (ع)، بين الحق والباطل، بين العدل والظلم، بين الإيمان والكفر، حيث كانت لكل منها جولات عبر التاريخ، لكن جولات الباطل أطول وأقسى، فتحلُّ الجولة الأخيرة محل كل الآلام والمرارات، وتعلو كلمة الله على ما عداها: "وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ« )التوبة: 40).‏‏


كل مؤمن ينتظر هذا الانتصار العظيم، وهذه الوحدة الرائعة بين ركني الرسالات السماوية المهدي (عج) والمسيح (ع)، وهو ينظر إلى تطورات العالم اليوم تتجه إلى المزيد من الظلم والكفر من جهة، وإلى إشراقات الإيمان والحق التي تبرز من خلال الإسلام المحمدي الأصيل على درب الولاية من جهة أخرى، فإذا اتجهت الأمور نحو الإيمان العالمي، لا يقف شي‏ء أمام سنة الله على الأرض، وحينها ما أجمل ذلك المشهد حيث يعم الإيمان الأرض. عن الإمام الباقر(ع) في قوله تعالى: "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً«، قال: إن عيسى (ع) ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهل ملّة، يهودي ولا غيره، إلاَّ آمن به قبل موته، ويصلي )عيسى( خلف المهدي (عج)«(3)، يحصل هذا بعد هزيمة بني إسرائيل.‏‏


بعد أن يؤدي السيد المسيح (ع) مهمته، يموت في هذه الدنيا، وهو الذي رفعه الله إليه قبل ذلك وادَّخره لهذه المرحلة العظيمة، "ثم يموت عيسى، ويبقى المنتظر المهدي من آل محمد(ص)، فيسير في الدنيا وسيفه على عاتقه«(4) كما عن رسول الله، ليملأها قسطاً وعدلاً، بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، فهنيئاً لمن أعدَّ نفسه والتحق به ليفوز فوزاً عظيماً.‏‏







الهوامش:‏‏
(1) الشيخ الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى، ج‏2، ص‏174.‏‏
(2) الشيخ الكوراني، معجم أحاديث الإمام المهدي (عج)، ج‏3، ص‏122.‏‏
(3) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج‏9، ص 195.‏‏
(4) الشيخ الكوراني، المعجم، ج‏3، ص‏121.‏‏

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع