شارك هذا الموضوع

الدرس السادس: النبوة العامة

ماذا تعني النبوة، ولماذا الحاجة الى الأنبياء؟
وما هو الطريق لهداية الإنسان؟
وما هو دور الأنبياء؟ وما هي صفاتهم؟

 
معنى النبوة:
النبوة لغة مأخوذة من النبأ أي الخبر، ونبأه بالأمر أي أخبره، والمقصود هنا بها الإخبار عن الله تعالى بمعنى أن النبي هو الذي يخبر الناس بأوامر الله ونواهيه وكل ما يريد الله تعالى أن يخبرهم به، إذن النبي هو واسطة بين الله تعالى والبشر.
 
الحاجة إلى النبوة:
بعدما ثبت بالدليل العقلي وجود خالق للبشر هو الله عز وجل، يتطلع الإنسان إلى هذا الخالق لمعرفة السبب الذي دعاه إلى خلقه، ويحكم عقله بضرورة شكر هذا الخالق على نعمه الكثيرة عليه وبضرورة عبادته وطاعته على أفضل وجه، ولكنه لا يعلم كيف يطيعه وماذا يحب هذا المولى وماذا يبغض، بل ربما خالف حكم عقله بضرورة طاعة هذا المنعم وشكره، فأنكر ذلك فاحتاج إلى من يقوّم اعوجاجه ويعلمه إذا جهل ويذكره إذا نسي ويهديه إذا ضل.


من هنا أنعم الله تعالى على عباده بطريقتين للهداية:
 
الأولى : النبوة الباطنية
العقل الذي أنعم الله به على البشر هو أحد طرق الهداية، فإنه فيما يتمكن من إدراكه من أمور نبي باطني يهدي إلى معرفة الخالق ويحكم بضرورة طاعته وشكره ويعرف اشياءً كثيرة من خلال دراسة أسبابها  واثارها كالوحدانية والعدل.
 
الثانية : النبوة الظاهرية
بأن أرسل لهم أنبياء من الجنس البشري ليكونوا أقرب للتفاهم معهم، فاختار نماذج من البشر على مستوى عالٍ من الأمانة والصدق ولهم درجة قوية من الصفاء الروحي تسمح لهم بتلقي الوحي المرسل من قبل الله تعالى ليكونوا تلك الواسطة بينه وبين عباده، فيعلمونهم إذا جهلوا، ويذكرونهم إذا غفلوا، ويهدونهم إذا ضلوا.


قال عز وجل: "لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين".
 
دور الأنبياء:
بما أن الأنبياء يشكلون الواسطة والوسيلة في بيان تكليف المولى عزّ وجل لعباده، فالنبي يعتبر الانسان المخبر عن الله تعالى ليهدي الانسان الى الحق والخير، وليقود مسيرة البشرية نحو تحقيق كمالها الواقعي وفق النظرية الإلهية، ولحفظ البشرية من الإنحراف.


ومن خلال هذا يمكن لنا أن نحدد دور الأنبياء بأمرين اساسيين، هما:


الأول: مساعدة العقل على تأدية دوره في هداية الناس، وهذا يتم بتذكيرهم بما تحكم به عقولهم، واستثارة كوامن هذه العقول لتستقل بتحريكهم نحو خلاصهم وكمالهم. من هنا سمي النبي مذكراً ، قال عز وجل: "فذكر إنما أنت مذكر".


الثاني: إخبارهم بما لا يمكن لعقولهم أن يدركوه كتفاصيل الشريعة المقدسة وأحكامها من الحلال والحرام والإخبارات بالأمور الغيبية كالموت وما بعده من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار.
وقال أمير المؤمنين (ع): "فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذروهم منسي نعمته ويحتجوا عليهم بالتبليغ ويثيروا لهم دفائن العقول".
 
دلائل النبوة:
لما كانت النبوة منصباً إلهياً شريفاً كان من الطبيعي أن يكثر مدعوها ومنتحلوها، من هنا كان لا بد من تشخيص علاماتها ودلائلها كي لا يتمكن الكَذَبة من خداع الناس. فمن دلائل صدق النبوة:


   1 - أن لا تشتمل على ما يخالف الفطرة والعقل السوي. كتحريم الزواج وكتعدد الالهة.
   2 - كون النبوة في مجملها دعوةً لخير البشرية وتقدمها الروحي والاجتماعي.
   3 - وجود مؤيدات لها من دعوات الأنبياء السابقين وإخباراتهم بها والمعاجز الدالة على ارتباط صاحبها بالله تعالى. كشفاء المرضى وإحياء الموتى والإخبار بالمغيبات.
 
صفات الأنبياء (ع)
حيث أن النبوة سفارة يؤدّي فيها النبي أو الرسول عن الله فيفترض تحلّيه بصفات تضمن حُسن تأثيره في الناس، وتورث قطعية أدائه عن الله عز وجل.
وهذه الصفات ملخّصها ما يلي:


   1  الكمال في العقل والذكاء والفطنة، أي كونه أفضل قومه.  
   2  السلامة البدنية من كل منفرّ أمثال العاهات والأمراض.  
   3  الشجاعة والصبر والحكمة في جميع حالاته من شدة ورخاء.
   4  القدرة على البيان في فصاحة وبلاغة.
   5  العصمة عن الخطأ والغفلة والنسيان وإلاّ تطرّق الشك الى دعوته.
   6  العصمة عن المعصية وإلاّ إتُّهم فيما يقوله ويفعله فضلاً عن أنّ عدم العصمة يؤدّي الى عكس الغرض خصوصاً مع كون الناس مأمورين باتباعه والإقتداء به، إضافة الى أن ذلك يؤدّي الى توهين دعوته.
 
الخلاصة:
النبوة هي سفارة بين الله وعباده، ودورها أن تذكر الإنسان بما يحكم به العقل السوي، وان تعلمنا الأحكام التفصيلية للشريعة. ومن دلائل صدق النبوة وجود المعجزات الشاهدة على ارتباط النبي بالله تعالى.
 


للمطالعة


عاقبة النبوّة
إن الطريق الذي يدعو الأنبياء الناس إليه، هو طريق طبيعي ومنسجم مع فطرة الانسان. وحركة الناس في ذلك الطريق حركة طبيعية، ولهذا فانها تتم بسرعة وسهولة كبيرة.


أما الأنظمة الجائرة والجاهلية التي تبعد الناس عن هذا الطريق فهي مخالفة لطبيعة الانسان وفطرته، ولهذا فهي غير مستقرة ومحكومة بالزوال.


ومن هنا يمكن معرفة عاقبة حركة الانبياء والنبوات. فخلافاً للنظريات السطحية والساذجة، لم تكن حركة الأنبياء فاشلة. وبالتالي لم يعترها الباطل. وكان الانبياء الإلهيون عبر التاريخ يحققون النجاح والانتصارات ويهدون الشعوب في مسيرتهم. وسوف يبقى هذا حتى نهاية العالم.


وكل واحد من حاملي رسالة الحق قد تقدم بالبشرية عبر الشريط الممتد للتاريخ. وقد يسروا سير الانسانية نحو الهدف الأساس للخلقة وهو الوصول الى السمو والتكامل وسرَّعوا من حركتها. وبعد سنوات السعي والجهاد المرير رحلوا عن الألم  لأسباب عديدة  وكانت المهمة الأخيرة لهم ايداع هذه الأمانة الالهية  أمانة هداية البشرية  عند رسول أو مأمور من بعدهم ليطووا صفحة الحياة في هذا العالم بالفوز والفلاح..


ونتيجة ذلك، صارت البشرية في هذه المرحلة التاريخية اقرب الى أهداف الأنبياء على أثر الوعي  الذي هو من ثمار دعوة الانبياء أيضاً  وبعد العمر المديد الذي عاشته.


وسوف تستمر هذه المسيرة الطبيعية الى ذلك اليوم الذي تتقدم فيه باخر خطوة على يد اخر الحجج الإلهيين نحو التربية والرشد وتطوي طريق التكامل والعلو الذي لا انتهاء له بسرعة اكبر من كل الأوقات والأزمنة..


النقطة المهمة جداً هنا هي إن الانتصارات والتوفيقات المرحلية كانت وليدة عاملين مصيريين: الايمان والصبر. وكل الهزائم التي حصلت أثناء المسير كانت نتيجة افتقاده هذين العاملين..


مختصر الكلام هنا حول خاتمة النبوات، هو أن دعوة الأنبياء، عبر مراحل التاريخ وفصوله، كلما كانت مصاحبة بالايمان والصبر الكاملين منهم ومن أتباعهم، كان نصيبها النصر والفلاح، والتوفيق في ايجاد المجتمع الصالح والنظام المطلوب وتحطيم الأنظمة الجاهلية.


ولقد استطاع جميع الأنبياء  حتى أولئك الذين واجهوا هزيمة ظاهرية مرحلية  الوصول الى أهدافهم ومقاصدهم في الخط العام لمسيرة النبوة وذلك برفع مستوى الفكر والمعنويات الانسانية وبناء البشرية ليتمكنوا من الوصول الى المرحلة اللاحقة.


ويبين القران الكريم هذه الحقيقة ضمن ايات عديدة سواء عن الحديث عما جرى على الأنبياء، أو عن ذكر الحقائق المرتبطة بعامة الأنبياء لأجل إطلاع وتسلية خاتم الأنبياء (ع) والمسلمين وجميع من سيتبع طريق الأنبياء.


الامام الخامنئي (دام ظلّه)
 


- أسئلة حول الدرس
1- هل يمكن للبشر أن يستغنوا عن الأنبياء ولماذا؟
2 - ما هي المعجزة؟
3- أذكر معجزة كل من الأنبياء (ع) موسى  عيسى  إبراهيم  صالح  النبي محمد (ص).
 


- تمارين
 
حدِّد الصحيح من الخطأ :
1- المعجزة كالسحر لا يستطيع أي إنسان القيام بها
2- معجزة النبي موسى أن سحر العصى أفعى
3- معرفة التشريع وحده لا يكفي بل لا بد من قائد
4  العصمة ليست شرطاً في النبوة

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع