شارك هذا الموضوع

الشيخ إبراهيم الصفا - ليلة الخامس من شهر رمضان المبارك 1438هـ

أكمل سماحة الشيخ إبراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية ، وذلك لليلة الخامسة من شهر رمضان المبارك لعام 1438 هـ ، وتحت عنوان " أولادنا رياحين الجنة " ، إبتدأ سماحته بحديث للرسول الاكرم ( ص ) : " الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنّة " الشريعة الاسلامية ، ومن خلال أوامرها و أحكامها ما تركت جانبًا من جوانب حياة الإنسان الا وعالجته ببيان أحكامه و آثاره ، ومن ضمن تلك المجالات المجال التربوي ، وبالخصوص تربية الأبناء ، هذا المجال الذي يُعتبر من أهم المجالات ، وقد أعطته الشريعة عنايةً واسعةً ورعايةً خاصةً ، تربيةُ النشأِ وإعدادهم بالصورة التي يريدها الله ، وظيفة عظيمة وخطيرة ، المساحة الأوسع في تربية النشأ مساحة تحتاج للتعلم و التكسّب ، الجانب الفطري حالة الحبّ و الإنجذاب و العطف ، لا ريب أن الصبي عندما يولدُ بين أبوين فإن العاطفة المتفتقة من قلبهما لا تحتاج الى تعلّم وتكسّب بل هي عاطفة غرائزية فطرية ، هذا جانبٌ لا يحتاج الى تعلّم ، وهو أمر موجود في الإنسان بالقوة ، كامنٌ في داخلهِ ، متى ما وُجد الأبناء خَرجت الرّحمة و العطف من عالم الكمون ( القوة ) الى عالم الخارج ( الفعل ) ، البُعد الآخر و المساحة الأوسع هي المهارات التربوية التكسّبية ، إن الإنسان لا يخرج من بطن أمّه وهو متقنٌ لها ، بل يحتاج أن يتعلّمها و يدرسها ، حتى يتكسّب تلك المهارات ، أو يتكسّبها من أبوه و امّه ، التربية ومع تقادم الأيام بدأت تكون أصعب ، فهي من جانب لطيفة جميلة رائعة ؛ و من جانبٍ آخر هي مهمّة صعبة يضجّ منها بعض الآباء و الأمهات .
الشارع الشريف تدخلّ تدخلًّا علميًا دقيقًا ليخفّفَ من تبِعات تلك المسؤولية الكبيرة ، كيفَ عالج الإسلامُ الحنيفُ تلك الصعوبة الموجودة في التربية و أبعادها ، تدخل بتغيير المفاهيم ، عندما تغير المفهوم تتغير تبعا للحالة النفسية ، التربية مع مشاقها و أتعابها و عنائها ، من سهرٍ للأمهات قي الليل و جهد وتكلّف للأب في النهار وغير ذلك من تعب ومتابعة الأبناء في حاجاتهم الجسمانية و العاطفية والعقلية ، هنا الإسلام يضع مفهوم آخر للتربية بمنعطفاتها لتأخذ مسارًا آخر ، المفهوم الأول أنه غيّر مفهوم التربية الى مفهوم الهداية كما قال ( ص ) للإمام علي عليه السلام " لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم " ، عندما تعد أولادك اعدادًا تربويًا صحيحًا فقد هديت نفسًا وطبّقت الحديث الشريف ، من الأسالب أن نقوّي سلوكهم ، حين لا يمكنك ذلك - لظروفٍ أو مشاكل حياة - فأوصلهم الى من يقوم بدلًا منك على ذلك ، من جمعيات تعليمية أو مراكز او أي مكان يسعى لإصلاحهم ، عنه ( ص ) " إن المعلم إذا قال للصبي بسم الله فقالها كتب الله براءة للصبي ، وبراءة للمعلم ، وبراءة لأبويه من النار " المعالجة الثانية أن الشارع الشريف قَلَبَ مفهوم التربية وأطّره بإطار مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كما أنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من الواجبات الكفائية التي أجرها جسيم وهي معيار تفاضلٍ للأمم ، من سورة التحريم " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " .
المعالجة الثالثة هي مفهوم الإختبار ، الناس خُلقوا في الدنيا ليمحصّوا ، الذرية من جانبٍ نعمة ومن جانب آخر اختبارٌ للوالدين ، هذا الصبي أمانةُ الله عندك ، فكيف تقوم بحفظها واعدادها ؟ عنه ( ص ) " ويلٌ لأولاد آخر الزمان من آبائهم ، فقيل يا رسول الله من آبائهم المشركين ؟ فقال لا من آبائهم المؤمنين لا يعلمونهم شيئًا من الفرائض و إذا تعلّموا أولادهم منعوهم و رضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا فأنا منهم بري‏ء و هم مني براء " ، المعالجة الرابعة ، الشارع الشريف جعل الولد مكسب آخرتك ، و متاجرة مع الله ، الإنسان اذا مات انقطع عمله ، الصدقة الجارية أشبه ما يكون بنهر منشأه الدنيا و آخره الآخرة ، عنه ( ص ) " اذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " هذا الولد الصالح أعظم من الصدقة الجارية ، مشروع التربية هو مشروع تجاري بينك وبين الله ، البضاعة هو الولد ، فأحسن بضاعتك ، أحسن تربيته و إيمانه وخلقه فإنه ينفعك يوم القيامة . المعالجة الخامسة ، حوّل مشروع التربية الى مشروع التمهيد ، اننا موعودون لظهور مولانا صاحب العصر و الزمان ، وموعودون بدولة كريمة لا ريب ، هذه الدولة الموعودة لن تقوم بصورةٍ إعجازية ، هناك حربٌ ودماء ، و تضحيةٌ ولواء مرفوع قائده إمام الزمان ( عج ) ، و الناس ممّن خصهم الله بنصره يسيرون من خلفه ، أنا و أنت - كآباء - فلنؤطر مفهوم التربية بإطار التمهيد ليكون الولد مناصرًا للإمام .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع