شارك هذا الموضوع

الوحدة الإسلامية طريقنا الأمثل

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم  - بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا النبي الكريم وآله الطيبين الطاهرين،  اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد


السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون ورحمة الله وبركاته.


سيدي أبا عبد الله أيها الإمام الحق يا خليفةَ من خلفاء الله في الأرض بالحق ، يا أمينا من أمناء الله على وحيه ، يا صفيا من أصفياء الله ، أرواحنا لك الفداء.


وأننا هنا لنحاول أن نستلهم روحيةً من روحيتك ، ووعياً من وعيك ، وصبراً من صبرك ، وإخلاصاً من إخلاصك ، وإصرارا على الدرب اللاحب من إصرارك.


أنتم أيها المؤمنون: يا عشاق أبي عبد الله ، يا من تعيش عزة الإمام الحسين عليه السلام وإبائه وعزمه بين أضلعكم ، وفي تلافيف مشاعركم ، وفي طوايا ضمائركم ، يا زرّاع الخير في الأرض ، يا حملة كلمة الإسلام ، كبيركم وصغيركم ، الرجل والمرأة منكم ، الكل منكم يعطي نموذجا بدرجة ما للشخصية الإسلامية لتلميذ الإمام الحسين عليه السلام لمدرسته ، وشخصٌ يتحمل أمانة أن يمثل الإمام الحسين عليه السلام ليتحمل عبئا كبيرا ، ويختار لنفسه مسؤولية ضخمة ، فلابد أن نرتفع لمستوى المسؤولية الضخمة ، أنت تقول بأنك شيعي أنت تتقدم بالناس على أنك تلميذ لمدرسة أهل البيت عليه السلام ، لا شك أنكم تعرفون أن مسؤولية تلميذ الابتدائية غير مسؤولية تلميذ الجامعة ، فإذا كانت هناك مسؤوليات وآداب وأخلاقيات يجب أن يلتزمها تلميذ الابتدائية فإن هذه المسؤوليات الأخلاقيات والآداب تكبر عند الإنسان الجامعي ، وإذا كانت المدرسة العامة الإسلامية تتطلب وزنا كبيرا في الشخصية إذا كان الانتماء إلى خط العام الإسلامي يحمل الشخصية مسؤولية الانضباط  والالتزام والتضحية والفداء والإخلاص والوفاء ، فإن كل هذا يتركز بدرجة عالية حين يكون الإنتماء إلى الإسلام على خط مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، كل شيعي يمثل الإمام الحسين عليه السلام في الناس فكيف ؟ بأي مستوى ؟ بأي صورة؟ بأي هيئة ينبغي أن يكون هذا التمثيل؟  بقدر ما ننهار في داخلنا بقدر ما تنثلم أخلاقيتنا بقدر ما نخون قضية الإمام الحسين عليه السلام ونشوه قضية الإمام الحسين عليه السلام.


لابد أن نصعد بمستوانا كله بكل أبعاد شخصيتنا من أجل أن نأتي صورة ولو باهته من صورة الشخصية العملاقة شخصية الإمام الحسين عليه السلام.


هذه المؤسسات ، مؤسسة الحسينية مؤسسة أنشأها دم الإمام الحسين عليه السلام ، فدائه وتضحياته ، يتشرف أحدنا فينسب الحسينية التي يبنيها بإسمه لا ليقول بأن الحسينية ملكه هذه النسبة ليست نسبة تمليكية إنما هي نسبة تشريفية حسينية السنابس حسينية الدراز حسينية المؤمن الفلاني عندما ننسبها إلى ذواتنا فلا ننسبها بما هي مملوكة كما يعرفها الكل منا إنما نحن نتشرف بأن تنسب لنا هذه الحسينية ، إذا كان الآخرون يتشرفون بأن ينسبوا لأنفسهم مؤسسات من نمط آخر فنحن نتشرف ايضاً أن ننسب لأنفسنا هذه الحسينية أو تلك ولكن يبقى له المنسوب له الحسينية خادماً للحسينية ويقدم القهوة والشاي للطفل في الحسيينة ، هذا يعني ماذا؟! يعني أن الحسينيات كلها راجعة على مالك واحد هو الإمام الحسين عليه السلام ، هو خط الإمام الحسين عليه السلام ، وجزى الله الأجيال المؤمنة خير الجزاء أن حملت على عاتقها  أن يستمر خط الحسينية وخط الموكب من خلال الجهد والجهاد .


هذا الاستمرار وما ورائه من بذلٌ للمال وبذل للوقت وبذل للجهد يبقى مشكوراً ما دام يمثل خدمة لخط الإمام الحسين عليه السلام ، ويتحرك من وعي أننا خدام الإمام الحسين عليه السلام ، ومن وعي أننا حملة رسالة ، وأننا أصحاب مبدأ ، ونتحمل مسؤولية إيصال هذا المبدأ وإيصال هذه الرسالة إلى الأجيال القادمة ، نحن ورثة وعي ، وورثة رسالة سماوية كبرى ، ورثة ميراث لا تستغني عنه الأرض في حركتها الحضارية ، وكيف وصلنا الإسلام؟ وصلنا عبر الأشلاء ، عبر الدماء ، ووصلنا عبر الفقر والمعاناة والمكابدة والمطاردة ، ونحن نتحمل من كل ذلك ما يتطلبه الإسلام من أجل إيصال هذه الأمانة إلى الأجيال القادمة.


أسأل سؤالاً: أنت أيها الأخ الكريم ماذا تقول لو تطلب لو بُعث الإمام الحسين عليه السلام حياً في الناس ونادى ندائه (هل من مغيث) تبخل عليه بولدك؟ تبخل عليه بنفسك؟ الإنسان الذي لا يبخل على الإمام الحسين بنفسه ، بولده ، بفلذة كبده ، يبخل على استمرار الخط ! ويبخل على تلاحم الخط ! ويبخل على سلامة الخط! ويبخل على متانة الخط! ورص الصف الإسلامي ، بأن يتنازل بعض الشيء عن ذاتياته لأخيه المؤمن؟ يبعد ذلك.


أنتم مؤمنون وأوعى من هذا ، أنت مستطيع أنت مستعد إلى أن تضع ثلاثة أرباع ميزانيتك ، أكثر من ثلاثة أرباع ميزانيتك أن تضع وجودك كله على راحة الإمام الحسين عليه السلام جهادا في سبيل الله.


صدقوني بأن الإمام الحسين عليه السلام يستصرخكم أيها الأخوة ، بحرارة الاستصراخ الكربلائي ، ويستغيثكم بجدية الاستغاثة يوم الطف ، أن تتلاحموا وأن يذل بعض من أجل بعض خضوعا لله سبحانه وتعالى أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، أنت لمّا تذل فيما يتراءى للنفس في قضية إصلاح المؤمنين وتلاحم المؤمنين يجب أن تعي أنك لا تذل له لا يجوز لك أؤكد لك أنه لا يجوز لك أن تذل حتى للمؤمن بما هو في نفسه لكنك هنا تذل للجبار تبارك و تعالى ، لمالك السماوات والأرض ، للذي بيده أمرك و ناصيتك أنت تخضع لله سبحانه و تعالى ، ترجم سجودك في الصلاة يا أخي في صورة تنازل عما تراه عزة و انتماء و ما تراه مصلحة ذاتية أو مصلحة مكانية أو ما إلى ذلك ، أسجد في مواضع الصراع هذه ؟ هل أبقى متمسكاً بمصلحة دنيوية أو بعزة الذات؟ أو بما يتراءى أحياناً أنه كرامة ذات و ما إلى ذلك؟ هل أبقى متمسكاً بذلك أمام المصلحة الإسلامية؟ أم أقدم المصلحة الإسلامية؟


أنت تكون ساجداً حقاً لله عزّوجلّ في مواضع الصراع هذه حين تقدّم المصلحة الإسلامية ، ولمن أنت تتنازل يا أخي؟ أنتم  إخوة ، على كلٍ أنا أشارككم سعادتكم وأشارككم شعوركم بالراحة النفسية وبراءة الذمّة أمام الله عزّوجلّ حين يكون هذا الالتحام أريد أن أصوّر لكم شيئاً.


ليلة تأوي إلى الفراش بعد نزاع مع إخوانك المؤمنين ، واستمساكاً بأمرٍ من أمور الدنيا إلى أقصى حدِّ، و ليلة ترى من نفسك أنك تنازلت لأخيك المؤمن عمّا تراه حقاً لك ، في أيّ الليلتين لو قضى الله عز وجل على عبده وكان نومه هو النوم الأخير، في أي ليلة يكون هو الرابح؟  في الليلة الأولى أو في الليلة الثانية؟ في الليلة الأولى لو انتهيت من الصراع مع إخواني ، و تعصب هو بما يسمّيه هو حقّاً له و تعصّبتُ لما أسميه حقّاً لي ، أنا لما آوي إلى الفراش و تمرّ بي خاطرة الآخرة و تمر بي خاطرة سخط الله و رضوانه ، أرى نفسي أقرب إلى سخط الله أم إلى رضوانه؟ إلى سخط الله أم إلى خسارة الآخرة؟ أم إلى ربح الآخرة؟ قطعاً إلى خسارة الآخرة.


حين أكن أرى نفسي تنازلت أكثر من اللازم فيما يتراءى بما تحدّثني به نفسي و ذاتي و الأنا تقول لي الأنا: تنازلت أكثر من اللازم لأخيك المؤمن ، أعطيته من أرضك فرضاً ، أعطيته مما يسميه الناس ابتزازاً و كرامةً و انتماءات و ما إلى ذلك ، أنا الآن حينما أرجع إلى علاقتي مع الله ، أرى نفسي أقرب إلى الله أم أبعد؟ لا شك أرى نفسي أقرب إلى الله ، هل هنا أنا أنام مستريح من ناحية علاقتي بالله أو أنام قلقاً؟  بل أنام مستريحاً.


كفى صانع وجهاً واحداً يغنك عن بقية الوجوه ، كل العمل هباء ما لم يكن لله عزّوجلّ ودعني أرى أنا في صراعي مع أخي في نفسيتي في أعماقي ، هل يكون هذا الصراع على غضب لله على تشدد من أجل الله؟ أو لا من أجل عناوين أخرى اعتدنا أن تأخذ من مواقع أنفسنا موقعاًً كبيراً في الكثير من قضايانا الثاني؟


على كلّ حال أنتم أكبر من هذا الكلام لأنكم برهنتم عملياً على أنّ توجهكم لله إن شاء الله ، وغفر الله لي ولكم .


والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته


كلمة ألقاها سماحة العلامة الشيخ عيسى أحمد قاسم - في ليلة السادس من المحرم لعام 1420 هجرية

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع