شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة الحادي عشر من شهر رمضان عام 1437هـ

واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته لشهر رمضان المبارك لعام 1437 هـ ، و في الليلة الحادية عشر من الشهر الفضيل كانت محاضرته تكملةً لمحاضرة الليلة الفائتة " مبادئ السعادة الزوجية " ، ومنها الشراكة الزوجية ، التقدير الزوجي ، التواصي الزوجي و المحبة الزوجية ، حيث تحدّث سماحته البارحة عن مبدأ واحد للسعادة الزوجية ، وهو الشراكة الزوجية الذي له الكثير من الأثر في روابط العلاقة بين الزوجين ، وقد تحدّث عن ثلاث مستويات للشراكة الزوجية ، المستوى الأول هو شراكة البناء ، المستوى الثاني هو شراكة القرارات ، المستوى الثالث هو شراكة مبادئ وقيم ، وتلك المستويات يكون وجودها ضمانًا لأسرة متحابة ، وتضمن لنا علاقة بعيدة عن الإنفصام ، أمّا هذه الليلة فقد ابتدأ سماحته بآية من سورة التحريم " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " شريعتنا السمحاء طالما اكدت في احكامها على أهمية وموقعية الاسرة في دائرة المجتمع الانساني .
التواصي الزوجي هو عنصر بحثنا في هذا اليوم ، ما هو مفهوم التواصي الزوجي في اطار العلاقة الزوجية وكيف يكون مبدأُ من أهم المبادئ التي تؤسس السعادة الزوجية ، من سورة العصر " والعصر ، إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " من أهم السلالم التي تؤدي الى خروج المرء من قائمة الخسران الى الفلاح هو أولًا الإيمان ، و ثانيًا العمل و ثالثُا التواصي بالحق ، أي يوصي كل واحد أخاه أو اخته أو جاره بالتواصي ، ويذكّر كل واحد منا الآخر بالعمل ، فنخرج من دائرة الخسران الى مقام الفلاح ، هذا الامر شاملٌ لكل مجالات الحياة ، هذه السلالم تكون نافعة لمجال الأسرة ، فإذا أردنا أسرة مترابطة لابد أن تحث أفراد أسرتك على العمل الدؤوب ، التواصي تذكير بخلل موجود على مستوى العمل ، عندما نؤسس للتواصي الزوجي كمبدأ اساسي لحياة الأسرة ، ننطلق من قوله تعالى في الآية التي ابتدأنا بها المجلس ، نجد الخطاب عامًّا للرجل و المرأة وللكبير و الصغير ، فلو صدر فساد من الأولاد ، على الوالدين من منطلق التواصي أن يذكر الأبناء ، ولو صدر الفساد من الوالدين - قد يكون في بعض الأحيان يفوق الابن والداه في مرتبة الورع - ، فيوصّي الابن والداه ، الخطاب عام ، ولكنّ المسؤولية الكبرى تلقى على عاتق الولي ، من سورة طه " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى " التواصي في إطار العلاقة الزوجية صمام أمان لرسوخ الإستقامة والكمال في الأسرة .
التواصي ينطلق من مبدأ الحبّ ، الحبّ المتوازن ، البعض يكون مجحفًا ومقصّرًا في محبّته لأهله ، عن النبي ( ص ) يوصينا أن نبرز المحبة من مكنون النفس الى الواقع الخارجي ، قال رسول الله (ص) : " قول الرجل لزوجته : إني أحبك؛ لا يذهب من قلبها أبدا " ، وهذا تشجيع منه لعامّة المؤمنين ولا سيمّا الرجال أن يعبّر عن محبّته لفظًا ، وقد ثبت من خلال الأبحاث العلمية ان المرأة أقدر من الرجل في التعبير عن مشاعرها لفظًا ، و تبادله ألفاظًا يعجز على مجاراتها ، وهذه تولّد لنا مشاكلًا ، النبي يحفّز الزوج أن يعبّر عن مكنون مشاعره لفظًا ، والنبي ( ص ) كان يأمر الزوج بإلقام زوجته ، فإن له أجر جسيم ، النبي يؤسس لتلك العلاقة الحميمة ، ولو أنّا طبّقنا سنة رسول الله وكيف يتعامل مع نسائه و زوجاته ، سنجد درسا عمليا لإيجاد روابط المحبة ، من أخطر ما تبتلى به المجتمعات اليوم ان توجد نماذج موجعة للأسر العنكبوتية ، " إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت " والمقصود ليس الخيط ؛ لأن الخيط الحريري علميًا يسمى بالفولاذ الحيوي ، الوهن هو الوهن الداخلي وليس الوهن الخارجي ، فهو نمط متقاتل و به علاقة المصالح ، لا محبّة ولا رعاية للوالدين ، ولا تقدير ، هذا النوع ليس مطلوبًا ، كي نتوقى بيوتًا عنكبوتية ، لابد ان نوجد مبادئ السعادة الزوجية ، ونحتاج لمبدأ التواصي لأسباب عديدة ،
أولًا ان الأسرة قد تبتلى بالمناكر الزوجية ، بيوتنا ليست كبيت فاطمة وعلي ، قد تصدر معصية أو خطأ من هنا أو هناك ، لابدّ أن يتحمّل كل واحد مسؤولية التواصي للآخر ، لسنا مع انفصام العلاقة الزوجية لصدور زلة من هنا أو هناك ، يجب أن نعالج الموضوع ، كلاهما محتاج الى من يكون داعمًا لخلاصهم ممّا اعتادوا عليه من المعاصي ، ثانيًا ابتلاء الفرد بالخداع النفسي ، الإنسان يخدع نفسه أحيانُا ، النفس قد تكون أمّارة وقد تكون لوّامة ، وقد تكون النفس مطمأنّة ، العشرة كافية لكشف الحقائق ، ثالثُا الفتور العبادي والروحي ، ولابدّ من تأسيس مبدأ التواصي ، يجب أن يكون التنبيه بلطف ومحبّة ، عنه (ص) " للنفس اقبال وادبار " والتواصي يبدّل حالة الإدبار الى إقبال ، ويبعث روح الحركة والبناء ، رابعًا التعزيز المعنوي ، يمرّ الزوجان احيانًا بضغوط شديدة تورث اكتئابًا في النفس و ضيقًا في الصدر ، وهذا يحتاج الى التواصي للتحفيز ، وتحتاج كلمات لطيفة ترفع المعنويات ، نحن بحاجة الى التقدير ، والتقدير الزوجي يشتكين منه النساء حسب الدراسات بنسبة 74% .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع