شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة الثامن من شهر رمضان لعام 1437 هـ

تواصلت محاضرات سماحة الشيخ ابراهيم الصفا وذلك لليلة الثامنة من شهر رمضان المبارك لعام 1437 هـ ، و تحت عنوان " استراتيجيات الهيمنة على الشعوب " ابتدأ سماحته بآية من سورة القصص " إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين " . تحدث القرآن الكريم في الكثير من آياته عن شخصية تمثل رمز للظلم و العدوان ، الا وهو فرعون ، الذي عاش في زمن نبي الله موسى ، كانت شخصية فرعون نموذجًا للحكام الطغاة ، الذين مارسوا سياسة الإرهاب في الأرض بمختلف ألوانها وأشكالها ، وقد تحدّث القرآن عن جريمة فرعون وسياسته الإجرامية في ادارته لطبقات الشعب في زمانه ، وخرج من كونه شخصًا و تحول الى كونه رمزا ، كل طاغ من الحكام والسلاطين ممن مارسوا سياسة العدوان على شعوبهم ، فهم فرعون زمانهم . " علا " تعني أن الشعوب مستضعفة .
النبي محمد ( ص ) يخاطبه المولى " فذكر إنما أنت مذكر ، لست عليهم بمسيطر " ، عباد الله لا تملك السيطرة عليهم ، السلاطين والطغاة عندما يمارسون سلطة يستعبدون فيها عباد الله ، فإنها سياسة فرعونية ، " شيعًا " يطلق عليها اليوم بالطائفية وهي من أخطر الوسائل التي يمارسها الطغاة لتمزيق الشعوب وتكون سهلة ، الشعوب المتكاتفة تصل الى هدفها ، من سورة الأنفال " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " ، " يستضعف طائفة " ، لابدّ أن تكون طائفة مستضعفة و طائفة مقربة ، فلا يصيروا على قلب واحد ، " يذبح " تعني اراقة الدماء و القتل ، " ويستحيي " أي تكون الأعراض رخيصة . الحكام المفسدون على مرّ العصور يتّخذون وسائل وأدوات واستراتيجيات لبسط هيمنتهم في الأرض ، ومن أجل استعباد عباد الله ، ولهم العديد من الوسائل ، والقرآن ذكر نموذجُا لسيرة فرعون ، وسنتحدث في هذه الليلة عن بعض الأدوات و والوسائل التي يأخذها الظلمة من أجل الهيمنة على الشعوب .
الوسيلة الأولى ، تسخير القوى المؤثرة في المجتمع ، القوى الفاعلة التي لها وقعٌ على قلوبِ وعقولِ النّاس ، تُسخّر على يد النظام ، وعلى رأسهم رجال الدين و العلم و العلماء ، عن علي عليه السلام " صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس : العلماء والأمراء " ، لأن العالِم يمثل مظهرًا لأعلى قيمة عقائدية عند الإنسان فالقيم متفاوتة ، و وتر القيم مؤثرٌ جدًا في قرارات الفرد والمجتمع و الأمة ، فنجدها أحيانا في سبات ، ولحظة ما يُعتدى على دينها تهب في كل مكان ،، عندما يوجد حاكم ظالم ومستبد ، ما أحوجه الى من يُجمّل صورته ويُبيّض سَواد وجهه .
الوسيلة الثانية ، التجهيل الثقافي و العلمي ، المجتمع هيبته و قوته بعلمه ، وكّلما تسلل الجهل في مجتمعاتنا ، كلما صار المجتمع ضعيفًا هشًّا و لا يقوى على أن يقارع ظلمًا ولا باطلًا ولا فسادًا ، ولذلك قال ( ص ) : " اطلبوا العلم ولو بالصين " ، النبي يُعبّر تعبيرًا كنائيًا عن أهمية العلم و ضرورة أخذه ، الأمة و الحضارة اذا ارادت العيش فلابد من العلم ، قال ( ص ) : " من أراد الدنيا فعليه بالعلم ، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما فعليه بالعلم " العلم سُلمًا من سلالم الرقي و الرفع في كل موطنٍ أخروي ودنيوي ، سياسة التجهيل من أخطر السياسات ،و ما اسرع أن تتفشى الأباطيل و الاكاذيب و الخزعبلات والفتن في الأمم الجاهلة بسبب قصور العلماء ، أمّا اذا كان المجتمع من أهل العلم ، يكونوا متيقضّين للفتن ، هناك عدة طرق يسلكها الطغاة للتجهيل ، طم منابع العلم والمعرفة ، سواءً العالم الأكاديمي أو الشرعي ، فهم مصدرُ فخرٍ وعزٍّ للأمة ، ويمثلون قلقًا للسلطة ، و التاريخ يتحدّث عن الأنظمة الظالمة و الطاغية كيف طردت وقتلت و اعتقلت وعذّبت العلماء ، و تلجأ الى أن تتعاطى تعاطياً سلبيًا معهم .
الوسيلة الثالثة ، التضليل الإعلامي و تجنيد الإعلام ، و يأخذ مساحة واسعة في قرارات أبناء المجتمع ، لابد أن نكون متيقضين للإعلام ، فقد يكون مأجورًا من وراء تلك الاشاعات ، الإعلام يمثّل السّلطة الرابعة في المجتمع العربي و سلطة أولى في المجتمع الغربي ، قد يكون اعلامًا شخصيًا او اعلامًا على وسائل التواصل الإجتماعي ، وقد يكون على مستوى المؤسسات الإعلامية للدول ، وتقوم بقلب الحقائق و تستهدف عقائد القوم و تغيير القرارات السياسية .



التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع