شارك هذا الموضوع

الخطابة ليلة السادس والعشرين من شهر رمضان لعام 1436 هـ

أكمل سماحة الدكتور عبدالله الديهي سلسلة محاضراته بحسينية الحاج أحمد بن خميس و ذلك لليلة السادس و العشرين من شهر رمضان بآيات من سورة النجم " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ" ، الحديث حول الآية المباركة في ثلاثة جوانب ، الجانب الأول ، للروح آفات تؤدي الى مرضه كما للجسد آفات تؤدي الى مرضه ، فكيف نحافظ على صحة أرواحنا ؟ ، الجانب الثاني هو اهتمام القرآن بجوانب مخالفة الأوامر الإلهية و النواهي ، و هناك اصطلاحات عديدة في القران تدل على المخالفات وقد تمكن الدكتور من احصاء حوالي ثمانية عشر منها ، الجانب الثالث ، المراد من اللمم و "واسع المغفرة" .
الإنسان مدنيٌ بالطبع ، وهي ميزة من ميزات الانسان ، و القرآن الكريم يشير الى ذلك في الاية المباركة من سورة الحجرات " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " . أصالة المدنية موجودة في القران الكريم وليست عند الشرق او الغرب ، هناك ضرورتين تقتضيها الحالة المدنية ، الضرورة الاولى هي الضرورة النفسية و تعني العيش ضمن المجموعة الانسانية فلا يمكن للإنسان أن يعيش لوحده ، فأصل كلمة الانسان هو الأُنس ، اي أن الإنسان يأنس لبني جنسه ، الضرورة الثانية هي الضرورة المادية و تعني الحالة المعيشية ، الطاقات موزعة في البشر و كلٌ يحتاج للآخر ، وهناك شئ سلبي و هي المصالح و المنافع ، فنجد البعض يعتدي على الآخرين و ممتلكاتهم بداعي الأنانية ، و الحل هو أن توضع القوانين و التشريعات لمعالجة علاقة الانسان بنفسه و علاقته مع الآخرين ، اذا كان القانون من عند الله يسمّى قانونًا الهي ، و ان كان القانون من وضع البشر فيسمّى قانونًا وضعيًا . كل القوانين - سواءً كانت وضعية او سماوية - تشترط شروطًا ، الشرط الاول هو الالتزام بالقانون و تطبيقه من قبل الجميع لسعادة البشر ، و الشرط الثاني هو عدم المخالفة و التي يسميها الشرع الذنب ، اما القانون الوضعي قد يسميها جناية او مخالفة ، الشرط الثالث هو العقوبة للمخالفين و تحتاجُ الى نصٍ . فهذه المخالفات تسمى آفات وهي تؤدي الى مرض الروح . يجب على الانسان ان يعلم بآفاته و يعالجها لكي لا يضر نفسه و من يأتي من بعده ، فللذنوب و الاثام آثار على الانسان و من ضمن تلك الآفات التكبّر ، و الوله بالدنيا ، و العجب ، و الفخر .
استخدم القرآن ثمانية عشر مصطلحًا يعبّر عن المخالفة ، مصطلح الذنب وهو ماخوذ لغةً من التابع ، و يطلق على كل ما يُستوخم عقباه ، مصطلح المعصية ماخوذٌ من العصيان و هو التعدي و الخروج و التمرّد على الله ، مصطلح السيئة و هي كل قولٍ او فعلٍ قبيح و في مقابلها الحسنة و هي كل قولٍ او فعلٍ حسن ، مصطلح الجرم وهو سقوط الثمرة اما لنضج او لعلّة في الشجرة ، فالجرم يؤدي للسقوط و الانحطاط الاجتماعي ، مصطلح الفحش و الفاحشة ، و هو الزيادة المفرطة و البعد عن الاعتدال ، مصطلح الفسق و هو لغةً خروج النواة عن قشرها ، من يفسق فكأنه تعرّى عن الحصانة و العفّة ، مصطلح الفجور و منه اخذت كلمة الانفجار ، وهو حالة فرقعة ، و الانسان الذي يفجُر هو من يخرُج عن حُدودِ الإستِقامة ، مصطلح الحرام وهو لغةً الممنوع و الحظر ، و يطلق على المُحرم ، و البيت الحرام و الأشهر الحرم ، مصطلح الشطط وهو الخَبط ، مصطلح الحِنف و يتمركز في نقض المواثيق و يعتبر من أكبر الكبائر ، و هناك ايضًا مصطلحات عديدة كالجريرة و التّبعة و الوِزر .
" اللمم " له عدة تفاسير ، التفسير الأول هو القرب من الجرم و الذنب ، بعض الأحيان يقترب المؤمن من الذنب و لكن يمنعه من ذلك ايمانه و خوفه من الله عز وجل ، التفسير الثاني هو الذنب الصغير ، فالذنوب قسمان ، القسم الأول هو الكبائر و قد اختلف العلماء في عدّها و معاييرها ، بعض العلماء قال بأنها كل ما ذكره القرآن و توعّد عليه بالنار ، او دلت عليه الرويات بالأدلة القطعية بالنار ، و البعض يقول هي ما أوجب الله عليه حدًا ، والبعض يرى بانه كل ما اعتبره العقل و ارتكز عليه انه كبيرًا وهكذا ، القسم الثاني هو الصغائر ، و الاصرار على الصغائر و الاستهانة بها من الكبائر .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع