شارك هذا الموضوع

الديهي ليلة 24 من شهر رمضان عام 1436 هـ

أكمل سماحة الشيخ الدكتور عبدالله الديهي سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس و ذلك لليلة الرابعة والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1436 هـ ، حيث بدأ المجلس بسورة القدر " إنا أنزلناه في ليلة القدر ، وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هي حتى مطلع الفجر " حيث سيكون حديثنا لهذه الليلة عن ليلة القدر ويومها و سر عظمتها وشأنها وسبب اخفائها عنا . المقصود من "أنزلناه " هو القرآن و لكنه لم يذكر وذلك بسبب وضوح المقصود و عظمته ، والكناية أبلغ من التصريح ، القرآن الكريم ظرف وليلة القدر تسمى المظروف ، المظروف وضع في الظرف فأصبح عظيمًا ، فنشأت العظمة من نزول القرآن .
هناك اشكال في يوم نزول القرآن ، حيث أن أول ما نزل على النبي ( ص ) حين البعثة آيات من سورة العلق " اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم " ، وهناك ثلاثة جوابات على هذا الإشكال ، الجواب الأول ، هذا التعبير في اللغة العربية يسمّى اطلاق الكل وارادة الجزء ، يعني أنه نزلت في ليلة القدر بعض آيات القرآن ، فاطلق على الكل ، و قيل أن القرآن الكريم نزل في ليلة القدر ، الجواب الآخر ، هناك آيات في القرآن الكريم تمدح ليلة القدر ، من سورة الدخان " إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين " ، " فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا ومن سورة القدر " إنا انزلناه في ليلة القدر" ، لكنّ الرأي الصحيح ، هناك فرق بين الإنزل و التنزيل ، يقول العلماء أن الله أنزل القرآن دفعة واحدة على قلب النبي ( ص ) والبعض يقول أنه عز وجل انزله على البيت المعمور ، ومن ثم نزل منجمًا حسب الحوادث ومناسبات النزول .
الله خلق الخلق واختار لكل صنف منها مختار ، سواءً كانت أمكنة او أزمنة ، أو أشخاصًا ، او حتى الحيوان و الأشجار والنباتات ، هناك قدسية لبعض الأشجار مثل الشجرة التي كلم الله منها موسى ، وحتى الجبل أصبح مقدسأ ، الله يضع القدسية في الأشياء من خلال فعل من الأفعال ، أفضل نخلة قُدّست هي نخلة مريم " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " ، هناك أيضًا بعض الحيوانات المقدسة مثل حمار بلعم بن باعوره و ناقة صالح ففيها نوعًا من القدسية ، وكلب أصحاب الكهف . هناك أمكنة مقدسة مثل مكة المشرفة والتي اختيرت لبعثة النبي و المدينة المنورة ، و هناك أزمنة قُدّست مثل شهر رمضان ولا يمكن لأحد من المسلمين ان يقول بأن هناك شهرٌ افضل منه ، فهو الشهر الوحيد الذي ذكر في القرآن ، من سورة البقرة " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان " ، و أفضل يوم هو يوم الجمعة ، من سور الجمعة " ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " و اعتبره المسلمون عيدًا من أعيادهم ، وأفضل اليالي هي ليلة القدر ، اذن المسألة واقعة للاختيار الإلهي .
ليلة القدر هي أفضل الليالي ولكنها اخفيت ، هناك عدة أمور أخفاها الله ليجتهد العباد في طلبها ، فقد أخفى الله رضاه في الطاعات ، و أخفى الله غضبه في المعصية حتى نجتنب كل المعاصي ، وقد أخفى الله الإستجابة في الدعاء حتى يجتهد الناس في الدعاء ، هناك ساعة في يوم الجمعة لإستجابة الدعاء ولكن لم يتم تعيينها وقد اخفى الله تلك الساعة كي يُلح الناس و يطلبوا كي تقع في تلك الساعة . أخفى الله قبول التوبة ، و أخفى الصلاة الوسطى التي ذكرت في سورة البقرة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " ، و أخفى الله اسمه الأعظم ، اسماء الله لا تنتهي لانها اسم للفيض المطلق ، ومن جملة الأمور أيضَا ، أخفى وليّه بين عباده ، حتى لا يحتقر الناس أحد من المؤمنين ، فلربما يكون وليًا من أولياء الله . هناك عدة تفاسير لقوله تعالى " ليلة القدر خير من ألف شهر " ، التفسير الأول ، هناك رجل من بني اسرائيل حمل السلاح في الف شهر ، فالله يقول بأنه هذه الليلة أفضل من جهاده ، فمن قام ليلة القدر يكون قد عبد الله خوفًا من عذاب الآخرة ، واما الرجل من بني اسرائيل عبد الله خوفًا من الدنيا . وقد رُفع العذاب عنّا لشيئين ، من سورة الأنفال " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " . التفسير الثاني ، المراد من ألف شهر هو مدة حكم بني امية وهذا رأيٌ عجيب ، فالرأي الصحيح أن العمل في ليلة القدر و يومها أفضل من عبادة ألف شهر ، فيها يُفرق كلّ امر حكيم ، و تضيق الدنيا بالملائكة .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع