شارك هذا الموضوع

شهر الله وضيافته

بمقدار إدراكنا لعظمة شهر رمضان يكون اهتمامنا به، وبمقدار جهلنا به يكون تقصيرنا معه، ولمعرفة تلك المنزلة والموقعية لشهر رمضان ينبغي التفكر والتأمل فيما ورد في حقه من آيات قرآن ربنا العظيم وروايات المعصومين (عليهم السلام)، فمن الآيات قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ…﴾ البقرة:185، ففيه نزول أقدس كتاب سماوي في أعظم ليلة منه وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ومن أعظم ما ورد من الروايات هي تلك الخطبة العظيمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر شهر شعبان واستقبال شهر رمضان والتي تشكل دستورًا ومنهاجًا وبرنامجًا عمليًّا لكل صائم يريد الاستفادة من مائدة الله وضيافته، وحريّ بكل مسلم أن يتأمَّلها جيدًا ويجدِّد عهده بها في كل سنة قبل دخوله شهر رمضان، حيث جاء فيها: (أيّها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله …).
والصيام وإن كان صحة وسلامة للروح والبدن معًا (صوموا تصحوا) إلا أنه في جانبه الروحي والمعنوي أعظم وأهم، فهو ربيع القرآن والتوبة والتقوى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ البقرة:183، ولذا فهو يشكل موسمًا خصبا عظيما للبناء الروحي والمعنوي للفرد والجماعات بما يوفِّره من أجواء إيمانية وعبادية يستطيع المؤمن من خلالها أن يرقى ويترقَّى في مدارج الكمال والقرب من الله تعالى.
ولا يكون ذلك من خلال التخبط أو العشوائية والارتجال في البرامج، فلا يمكن تحقيق الاهداف والفوائد الالهية المرجوة إلا من خلال التخطيط المسبق والمدروس لإحياء هذا الشهر بالشكل المطلوب، فالنتيجة تتبع المقدمات قوة وضعفًا، ومن هنا نجد الفرق الواضح بين الأفراد والمجتمعات في تعاطيها مع هذا الشهر الكريم، وبما ينعكس سلبًا أو إيجابًا على حالاتهم ومستوياتهم ووعيهم وإيمانهم وتقواهم.
يضاف إلى ذلك مسألة الاستعداد والتهيّؤ المبكِّر للنفس والأهل والمجتمع لاستقبال هذا الشهر المعطاء، وخصوصًا مسألة التوبة وتطهير القلب وردّ المظالم واستبراء الذِّمم، إلى جانب فهم ووعي عميق للصوم وأحكامه وأهدافه وغاياته، مع إصرار كبير على توفير الأجواء المناسبة واللائقة بهذا الموسم العظيم وعلى كل المستويات من الأفراد والجماعات وفي كل النواحي الأخلاقية والاجتماعية والإعلامية وحتى الاقتصادية والسياسية.
(اللهمَّ أعنَّا على صيامه وقيامه، وتقبَّله منا، وسلِّمنا فيه، وتسلَّمه منا، وسلِّمه لنا في يسر منك وعافية، إنك على كل شيء قدير يا أرحم الراحمين)
المصدر: موقع المجلس الإسلامي العلمائي

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع