شارك هذا الموضوع

الإمام الرضا ( ع ) وولاية العهد المزعومة

ارتقى منبر حسينية الحاج أحمد بن خميس الدكتور عبدالله الديهي ، وذلك في الليلة السادسة والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1435 هـ ، وقد إبتدأ مجلسه بآيات من سورة السجدة ، " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " ، وبحديثٍ عن الإمام موسى بن جعفر ( ع ) عن رسول الله ( ص ) في حقّ الرّضا ( ع ) : " سيظهر الله به العدل و الرأفة فطوبى لمن أحبه وويل لمن جحده وعاداه " وقد بدأ مجلسه بمقدمة ذكر فيها أن شهر رمضان به العديد من الذكريات التي فيها دروس لواقعنا ، من ضمن تلك الذكريات هي واقعة ولاية العهد للإمام الرضا ( ع ) و فيها آثار غريبة فريدة ، فلم يسبق في تاريخ بني أمية ولا بني العباس أن يجعلوا ولي العهد إمامًا كي يكون وليًا للعهدِ . هذا الحدث الذي وقع في زمن المأمون غريب وله دلالات لابد أن نخضعه للتحليل والفحص و التأمل ، هذه الظاهرة دعت البعض يقول أن علي بن موسى ( ع ) لُقّب بالرضا لأن المامون ارتضى به ، ولكنه ( ع ) ارتضته العامة والخاصة ، و نحن نقول في معتقداتنا أن الإمام الرضا لقبه رسول الله بهذا اللقب . وهنا تطرق الدكتور الى ثلاثة أمور :



الأمر الأول ، إمامة الإمام الرضا تختلف ظروفا عن بقية الأئمة و نستطيع أن نختصرها في أربعة صفات ، أولًا الوضوح ، فقد استخدم بعض الأمة التّقية او ما يسمّى بالحالة السرية لكنّ الإمام الرضا ( ع ) كان واضحًا في إمامته وقد قلق أصحابه عليه وحذروه لأنه تولى الإمامة وسيف الرشيد يقطر دمًا ، فقد كان بطش الرشيد لا مثيل له فقد حبس الإمام الرضا وقتل الإمام الكاظم ( ع ) و قتل العلويون ، بالإضافة الى وجود السعاة الذين يوغرون صدر الرشيد على بنو هاشم و ان لا يخلف وعده وقسمه الذي أقسمه بأن لا يبقي واحدا من بني طالب ، الصفة الثانية وهي الأمر الذي يقف فيها الدكتور موقفا متسائلا ، بأن بعض المحققين يقولون أن الإمام إستخدم طريقًا تمويها ، لكن الدكتور نفى ذلك و أكد أن الإمام كان واضحا ولم يكن خائفا ولهذا جاء اليه محمد بن مسلم و صفوان بن يحيى وهم من خُلّص أصحاب الإمام و قالوا له بأن وقته ليس مناسبًا لإظهار إمامته لكنه أجاب ، إن الذي جرأني على إظهار إمامتي هو قول ( ص ) " لو أن أبى جهل أخذ شعرة من رأسي فاشهدوا أني لست بنبي " حيث قال ( ع ) " لو أن الرشيد أخذ شعرة من رأسي فاشهدوا أني لست بإمام " . الصفة الثالثة ، لإتخذ الإمام من مسجد رسول الله مكانًا للتدريس والتعليم فأقبلت العلماء عليه من كل جانب ، وبذلك أوصى الإمام الكاظم أبنائه أن يتزودوا من الإمام الرضا ( ع ) ، الصفة الرابعة بأنه ( ع ) قام بجولات وتحركات نوعية وهذ لم يكن من شأن الأئمة الذين سبقوه ، فقد قام الإمام بنفسه بجولات الى البصرة والكوفة وجمع الناس وخطب فيهم ، هذا وأن الإمام عاصر ثلاثة من الخلفاء العباسيين ، الرشيد ، الأمين و المأمون .



الأمر الثاني ، الأسباب التي دعت المأمون لاستجلاب الإمام الرضا واستقدامه للخلافة وقيامه بإرسال وفد معروفين . الهدف الأول ، كثرة الثورات التي حدثت في زمن المأمون ، وكان الوضع ليس في صالح بني عباس ، قامت في عام 198 هـ ثورة في خراسان ، وحدثت ثورة في مكة بقيادة الحسين بن الأفطس ، و ثورة في اليمن بقيادة إبراهيم ، وقامت ثورة في البصرة بقيادة زيد بن موسى ، وقامت ثورة في الكوفة و السرايا و الطبأطبة ولكي يقضي المأمون على تلك الثورات جعل من الإمام الرضا وليًا للعهد . الهدف الثاني أنه أراد أن يُضعف شخصية الإمام وهنا أمر قائد الركن أن يجلب الإمام عن طريق عدة بلدان ، البصرة و الأهواز و يزد و كذلك نيسابور وتلك البلدان كانت معادية لأهل البيت ، ولم يمر به على بغداد أو قم أو الكوفة أو على طبرستان لأنهم كانوا موالين له ، لكن ( ع ) أسقط ما في يده فقد تنبه الناس الى عظمة أهل البيت وهذه حقيقة موضوعية . الهدف الثالث أن المأمون أراد أن يراقب الإمام عن كثب ومعرفة من يدخل على الإمام ، وما يقال من كلام في مجلسه ، و شيئا فشيئًا يدمجه في البلاط العباسي وهذه سياسة يقوم بها المجرمون الطغاة . الهدف الرابع هو أن من سبق المأمون من خلفاء قد أسائوا للخلافة الإسلامية فأراد المأمون أن يجعل الخلافة شمّاعةً لكي يجعل على الإمام الرضا ( ع ) سلبيات الخلافة و يكون الإمام هو المقصّر ، ولكنّ الإمام اشترط على المأمون عدة شروط ، وهي أن لا يَعزِلَ و لا يَنْصِبَ و لا يُغَير سُنّة و إنّما يَكُون مشيرًا من بعيد .



الأمر الرابع ، أن بعض المؤرخين يرى بأن المأمون تشيّع أو عنده ميل للتشيع لمّا قام بإعطاء ولاية العهد للإمام الرضا ( ع ) ، أمثال الدكتور أحمد أمين في كتبه " ظهر الإسلام " و "ضحى الإسلام " كان يتحدث عن أهل البيت ويقول بانهم يتظاهرون بالتقوى والعدل وهم في الخفاء يعملون ما يعملون ، وقد جعله المأمون وليًا للعهد كي يعلم الناس أصلهم حينما يتولون الخلافة ، لكن نحن نقول بأن المأمون كان سياسيًا حانكًا وكان يريد أن يصل الى أهدافه من خلال هذه الطريقة ، فلو كان المأمون مخلصًا لجعل الإمام الجواد وليًا ، ولكن الإمام الرضا تنبأ بما يحدث وقال إن الأمر لا يتم وأن القتل سيكون على يد هذا الطاغية .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع