شارك هذا الموضوع

عدد 7 محرم : الحركة الحسينية لم تكن انتحاراً

 


1. مقدمة:


هاقد عاد المحرم يشحذ القلوب بالمعنويات والميل السامية ، عاد راية من الجهاد يطرزها إباء الحسين و وفاء الأنصار وصبر الحوراء زينب ، عاد صوتاً يدوي في آذان الدهر " إن الحياة عقيدة وجهاد " ،عاد المحرم نشيداً ردده ثغر أبي عبدالله في صحراء كربلاء وهو يواجه السيوف وجهاً لوجه هاتفاً :


إلهي تركت الخلق طرا في هواكَ
وأيتمت العيال لكي أراكَ
فلو قطعتني في الحب أربا
لما مال الفؤاد إلى سواكَ


فلم يكن الحسين خائفاً ولاحزيناًَ بل كان عاشقاً ذائباًَ في حب الله هكذا جاء المحرم دموعاً تبعث في النفس لحن الجهاد وبكاء يشدُ القلوب إلى آل الله.







2. قطوف كربلائية:


الحركة الحسينية لم تكن انتحاراً
لا نعتبر ثورة الإمام الحسين (ع) كما يصور بعض السذج، حركة إنتحارية، بل حركة انطلقت من قاعدة أصيلة ومخططة تستهدف المحافظة على عنفوان الإسلام أمام حاكم جائر يريد أن يفرض نفسه كمصدر للحكم يحرم ما أحل الله ويحل حرامه. هذا هو محور ثورة الإمام الحسين (ع).


فعلينا أن ننطلق من هذه الخطوط في مسيرتنا الإسلامية في الظروف التي تفرض فيها المصلحة الإسلامية الأسلوب السلمي أو أسلوب العنف. فالعنف الإسلامي لا ينطلق إلا من مصلحة الإسلام، فإذا كان العنف ضد المصلحة فإن الذين يستخدمونه يسيئون للإسلام.


وهكذا فمن يختار الرفق في موضع العنف أو العنف في موضع الرفق لا يختارون مصلحة الإسلام. لذلك فالإسلام الثوري ليس مزاجاً أو حالة نفسية ولكنها خطة مدروسة من خلال كل العناصر المتناثرة في الواقع الإسلامي.


هذا ما يجب أن نواجهه في كل حالة لا نجد فيها مجالاً إلا للمواجهة باعتبار أن أي حل آخر في مصلحة الإسلام لا يكون له واقعية. هذا ما ينبغي لنا أن نتحرك فيه في خط الجهاد الإسلامي، الذي لن يكون جهاداً حسينياً بالمعنى الذاتي للإمام الحسين (ع) ولكنه جهاد محمدي - علوي - حسني - حسيني، حتى ينفتح على حركة الإمامة في الأئمة من أهل البيت باعتبار أن الجهاد ينطلق من أحكام إسلامية تقول للإنسان قف هنا وفي مواضع أخرى تقول له تحرك هناك.







3. فبسات فقهية:


السؤال: بعض الناس في اليوم العشرين من شهر صفر أو اليوم العاشر من المحرم وفي أثناء المواكب يحملون معهم صوراً مجسمة تمثل مثلاً الرضيع وهو مذبوح من الوريد إلى الوريد أو رأس الإمام الحسين (ع) محمولاً على الرمح كل ذلك تصويراً للموقف ومنهم من يتمثل بشخصية شمر بن ذي الجوشن أو حرملة بن كاهل أو عمر بن سعد عليهم اللعنة الدائمة…فماذا تقولون؟؟؟


الجواب : لا بأس بكل ذلك في نفسه إلا إذا استلزم الهتك أو المحرم الآخر فعندئذ لا يجوز. والله العالم.
من كتاب المسائل الشرعية، الجزء الثاني - السيد الخوئي .







4. رحلة العشق:


"الهى... اطلبني برحمتك حتى أصِلَ إليك، واجْذبني بمنّك حتى اُقبِلَ عليك"
سيدالشهداء الامام الحسين بن علي عليه السلام


كان الناس في مكة ضَحوةَ الثامن من ذي الحجة عام (60 هـ) بين غادٍ و رائح، وصامت و صائح. وكانت نياق الناس تحمل الماء من مكة الى عرفة، استعداداً ليوم الموقف في عرفات. كان الناس - يا سيّدي - في شغل شاغل عند ما عزمتَ على أن تفارق مكة في يوم "التروية" المشهود.


إنّ يوم "ترويةٍ" آخرَ سيكون لك - يا سيّدي - هو من غير ما عَهِدَهُ الحجيج، عندما تروي تراب كربلاء بدم القلب و النَّحْر وجراحات الجسد الشريف.


وعزمتَ - يا سيدي - علي نحر أُضحيتك، ليس في "مِنى" في اليوم العاشر من ذي الحجة، بل ستقدِّم نفسك أُضيحةً، قُتِلتْ في العاشر من المحرّم عام (61 هـ) آلافاً من المرّات.


سيكون لك - يا سيدي - حَجٌّ آخر، ما استطاع أحد غيرك إليه سبيلا


لقد قُلتَ - يا سيدي - للناس الذاهبين الي الحج في مكة ما أردتَ أن تقول.
وقلتَ لهم: إنَّ على الأرض بقيَّة تافهة، من جاهليةٍ تافهة، تريد أن ترغم نور الله على الخضوع.
وقلتَ لهم: وهيهات لِمثلي أن يُبايع أو يساوم، فانّ النّور لايلتقي والظلام، والحقّ لايصافح الباطل.
وقلتَ يا سيّدي للنّاس: إني ذاهب لألقى الله، في فتحٍ هو الفتح الأكبر، فمن لَحِقَ بنا استشهد، ومن تَخلَّفَ لم يدرك الفتح.
«وإنّي لم أخرج أشِراً ولابَطِراً ولامفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلب الاصلاح في أمّة جدّي صلّى الله عليه و آله و سلمّ... فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقِّ، ومن ردَّه عليّ أصبر حتى يقضي الله بيني و بين القوم، و هو هو أحكم الحاكمين»


يتبع في العدد القادم






5. رجال فازو مع الحسين:


"والله لا نفارقك ولكن أنفسنا لك الفداء نقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا فإذا نحن قـُتلنا كنا وفينا و قضينا ما علينا"


من هو هذا الشهيد؟
هو بُرير بن خُضَير الهَمْدانيّ، تابعيّ وُصِف في المصادر بأنّه « سيّد القُرّاء »، وكان شيخاً تابعيّاً، ناسكاً قارئاً للقرآن ومن شيوخ القُرّاء في جامع الكوفة. وله في الهَمْدانيّين شَرَفٌ وقَدْر، ويبدو أنّه كان مشهوراً ومحترماً في مجتمع الكوفة
وذُكر بُرَير في معاجم الرجال بأنّه: كان عابداً زاهداً، قارئاً للقرآن ومن شيوخ القُرّاء وأقرأَ أهل زمانه، وكان يُعلّم الناسَ القرآن. كذا كان من عباد الله الصالحين، وكان شُجاعاً جليلاً من أشراف أهل الكوفة مِن هَمْدان..


مواقفه في الطف
1- كان لبُرَير بن خُضَير في كربلاء قضايا ومواعظ وكلماتٌ تكشف عن قوّة إيمانه.. مِثل قوله للإمام الحسين عليه السّلام :واللهِ يا بنَ رسول الله، لقد مَنّ اللهُ بك علينا أن نُقاتِلَ بين يديك، تُقْطَّعُ فيك أعضاؤنا، ثمّ يكون جَدُّك شفيعَنا يوم القيامة بين أيدينا. لا أَفلَح قومٌ ضَيّعُوا ابنَ بنتِ نبيّهم! أُفٍّ لهم! غداً ماذا يُلاقُون ؟! يُنادُونَ بالوَيل والثُّبور في نار جهنّم!..


2- وروي أنّ الإمام الحسين عليه السّلام أمَرَه في غداة يوم عاشوراء بِفُسْطاط، فضُرِب.. وقد وقف بُرَير بن خُضَير وعبدالرحمان بن عبدربّه الأنصاريّ على باب الفُسطاط، فجَعَل بريرٌ يُضاحِك عبدَالرحمان، فقال له عبدُالرحمان: يا بُرَير، أتضحك ؟! ما هذه ساعةُ باطل! فقال بُرير: لقد عَلِم قومي أنّني ما أحبَبتُ الباطلَ كهلاً ولا شابّاً، وإنّما أفعَلُ ذلك استِبشاراً بما نَصيرُ إليه.. فوَاللهِ ما هو إلاّ أن نَلْقى هؤلاء القومَ بأسيافنا، نُعالجُهم ساعةُ ثمّ نُعانِقُ الحُورَ العِين.


الشرف الأسمى
بَرَز رجلٌ من عسكر ابن سعد، وهو يَزيدُ بن مَعقِل، فنادى: يا بُرَير، كيف تَرى صُنْعَ الله فيك ؟!


فأجابه بُريرٌ بقوّةِ إيمانه: صَنَعَ اللهُ بي خيراً، وصَنَعَ بك شرّاً. فقال يزيد: كَذِبتَ، وقبلَ اليوم ما كُنتَ كذّاباً.. أتذكرُ يومَ كنتُ أُماشِيك في « بني لَوْذان » وأنت تقول: كان معاوية ضالاًّ، وإنّ إمام الهدى عليُّ بن أبي طالب ؟


قال بُرير: بلى، أشهدُ أنّ هذا رأيي.
فقال يزيد: وأنا أشهدُ أنّك من الضالّين!


فدعاه بُريرٌ إلى المبُاهلَة، فرفعا أيديَهما إلى الله سبحانه يَدعُوانِه أن يَلعَن الكاذبَ ويقتله.. ثمّ تَضارَبا، فضَربَه بريرٌ على رأسه ضربةً قَدَّت المِغْفَر والدِّماغ


، فخرّ يزيد كأنّما هوى مِن شاهِق، وسيفُ بُريرٍ ثابتٌ في رأس يزيد..


وبينما بُريرٌ يريد أن يُخرِج سيفَه إذْ حَمَل عليه رضيُّ بن مُنقِذ العَبديّ واعتَنَق بُرَيراً واعتَرَكا، فصرَعَه بُريرٌ وجلَسَ على صدره، فاستغاث رضيّ بأصحابه، فذهب كعبُ بن جابر الأزْديّ ليحمل على برير، فصاح به عَفيفُ بن زهير:


ـ هذا بُرَير بن خُضَير القاري الذي كان يُقرئنا القرآنَ في جامع الكوفة.


فلم يلتف إليه كعب، فطعنَ بُرَيراً في ظهره، عندها برَكَ بُريرٌ على رضيٍّ فقَطَع أنفَه، وألقاه كعبٌ برمحه عنه وضربه بسيفه فقتله..


فسلامٌ عليك يا بُرَيرَ بنَ خُضَير في الصالحين،
وسلام عليك في الأوفياء المخلصين،
وسلامٌ عليك في الشهداء الطيّبين.






6.  تقويم الثورة


5 شوال 60 : وصول مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، واستقبال أهلها له ومبايعتهم إياه .


11 ذي العقدة 60 : كتب من بن عقيل إلى الإمام الحسين عليه السلام من الكوفة يدعوه للقدوم إليها .


8 ذي الحجة 60 : خروج مسلم بن عقيل في الكوفة على رأس أربعة آلاف شخص ، ثم تفرقهم عنه، وبقائه وحيدا، واختفائه في دار طوعة .






6. من ذاكرة الطف:


المخيم
وهو الموضع الذي نصب فيه الإمام الحسين عليه السلام خيام أهل البيت بعد الوصول إلى كربلاء، وإقامه في بقعة بعيدة عن الماء تحيط بها سلسلة ممدودة وربوات تبدأ من الشمال الشرقي متّصلة بموضع باب السدرة في الشمال، وهكذا إلى الباب الزينبي إلى جهة الغرب، ثم تنحدر إلى موضع باب القبلة من جهة الجنوب. وكانت هذه التلال تشكّل للناظرين نصف دائرة. ونصب الخيام في موضع بعيد عن رمي سهام العدو .


وقد نصبت خيمة العقيلة زينب خلف الحسين عليه السلام، ونصبت على جانبي خيام النساء والأطفال خيام شبان بني هاشم.والخيام التي نصبت كان بعضها لسكن الأشخاص وبعضها الآخر للمتاع والماء والعُدد.


كانت خيام الأصحاب معزولة عن خيام أهل البيت وبني هاشم. وقد ضربت مجمل الخيام على هيئة الهلال متقاربة غير متفرقة أو متباعدة من أجل سهولة الدفاع عنها. وحفروا خلف الخيام خندقاً حتّى لا تهاجم من الخلف. وجعلت بعض الخيام للسلاح أو النظافة.


بعد استشهاد الحسين عليه السلام هجم العدو على خيام عياله ونهبها وأحرقها. وكانت أجساد القتلى يؤتى بها من ساحة المعركة إلى مقابل المخيم.






7. وجه من القافلة:


قافلة انطلقت من مبدأ العزّة والكرامة وسارت نحو مقصد الشهادة


قناديل
أبوه: عليّ بن أبي طالب، سيّد الأوصياء، وعماد الأصفياء، أمير المؤمنين، وإمام الصالحين.. متراس الحقّ ونبراس الهدى بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.


أمّه: فاطمة بنت حِزام المكنّاة بـ « أُمّ البنين ».. المرأة النجيبة المخلصة الفاضلة.


عاش أبو الفضل العباس سلام الله عليه في بيت الرسالة، وعاصر أربعة أئمّة هداة، هم: أبوه الإمام عليّ، وأخواه الحسن والحسين، وابن أخيه زين العابدين صلوات الله عليهم أجمعين. أمّا أُخته التي لم يفارقها، وهي العالمة الفاضلة الجليلة.. فزينب الكبرى ثانية أُمّها الزهراء البتول عليها السّلام، ولم يفرّق بينهما إلاّ السيف الذي قطّع أوصال هذا الأخ الغيور الذي تعهّد في حِفظ كيانها الشريف.






مواقف مشرفة
كانت حياته الشريفة في غمرة الامتحانات العصيبة، فأظهر ذلك مكامنَ خصاله الفذّة وشرائف طباعه الكريمة.. فكان منه: الوفاء والتضحية والإخلاص، والصدق والثبات والشجاعة، والكرم والفداء، والجهاد في سبيل الله والنهوض بتكاليف الشرع الحنيف، والالتزام بالمسؤوليّات الكبيرة والمهامّ الثقيلة.


ومواقف العبّاس عليه السّلام كلّها شامخة أبيّة لا تنتهي حتّى تحلّ شهادته العالية، وهو على ثباته ووفائه، وإخلاصه وفدائه.. لم يتزلزل رغم عِظم الواقعة وشدّة الموقف. حتّى يُقتَلَ إخوته ثلاثتهم بين يديه، وقد دفعهم إلى الجهاد باعثاً فيهم روح التضحية، قائلاً لهم: يا بَني أُمّي تقدّموا حتّى أراكم نصحتم لله ولرسوله، فإنّه لا ولْدَ لكم. فيراهم بأُمّ عينيه يُقتَّلون ويُجزَّرون على رمال كربلاء، فلا تضعف عزيمته، ولا تفترُ همّتُه.


وإذا سمع صراخ الأيتام والصبية وقد أضرّ بهم العطش.. وجد نفسه لا يُطيق ذلك، فاستأذن سيّدَه الحسين عليه السّلام، وكان قد تكرر منه الاستئذان فلم يَدَعه أخوه، إلاّ هذه المرّة، فهمّ بالحصول على الماء وسقي الأطفال والنساء، وأبى أن يسبقهم في شربه وقد نزل في الفرات بعد أن كشف صفوف الأعداء، أبت نفسه الكبيرة أن يرتوي من عذب الماء رغم عطشه وهو يتذكر أخاه الحسين وأطفال الحسين وصبيةً قد التهب جوف كلّ واحد منهم حتّى أشرف على الهلاك، فهمّ بإيصال الماء ولم تكن همّته متوجهة إلى القتال، فكانت في ذلك السبيل شهادته، قضاءً من الله تعالى وهو العليم الحكيم.


السّلام عليك أيّها الوليّ الصالح الناصح الصدّيق، أشهد أنك آمنت بالله، ونصرت ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله، ودعوتَ إلى سبيل الله، وواسيتَ بنفسك وبذلت مهجتك، فعليك من الله السّلام التامّ .







8. نورُ بلا حدود:


إضاءاتٌ هادية من كلمات الإمام الحسين عليه السلام


إنّ الحِلْم زينة، والوفاء مروّة، والصِّلة نعمة، والاستكبار صلف، والعجلة سَفَه، والسفه ضعف.. ومجالسة أهل الفِسق ريبة.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع