تواصلت قراءة زيارة الإمام الحسين عليه السلام قبل مجلس الخطابة وقد شارك في هذه الليلة الرادود السيد حسن البلادي ، أما في مجلس الخطابة فقد ساق الشيخ علي البني حديثاً وارداً عن زين العابدين عليه السلام يصف فيه العباس عليه السلام في ليلة السابع من شهر محرم الحرام يقول فيها عليه السلام: (إن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء) ، ووضع الشيخ عنواناً لبحثه المتعلق بهذه الرواية وهو "التكامل الإيماني بين الغبطة والحسد" قبل أن يقسِّم موضوعه لمحورين سبقتهما مقدمة ، أما المقدمة فقال فيها الشيخ البني أن الغبطة والحسد لهما مصاديق متعددة ، فليس بالضرورة أن يكون الحسد على جهة مالية مادية بل ربما يكون الحسد لجهة معنوية ، كما أثبتت ذلك الآية المباركة: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) حين سُئِل الإمام الصادق عليه السلام عنها قال: "نحن والله الناس المحسودون" ، لم يحسدوا لمادة وإنما حُسِدوا لكمالهم الروحي المعنوي. بعد ذلك ولج الشيخ علي في المحور الأول الذي تحدث فيه عن موقفين من مواقف اليهود التي نمَّت عن الحسد ، وبرر حديثه عن تلك المواقف حين قال أن الأمور لا تعرف إلا بأضدادها فاستوجب معرفة الحسد ، وأن القرآن حين تكلم عن أهل الكتاب قال (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) ، وهذين الموقفين هما تقديس الأصنام والجبت والطاغوت رغم أنهم من أهل التوحيد نكاية بمحمد (ص) وبدينه ، والموقف الآخر هو ما وصفته الآية المباركة (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) لإيجاد حالة من الإرباك عند المسلمين ، ثُمَّ انتقل الشيخ علي للمحور الثاني الذي تحدث فيه عن محطات سلم التكامل ، لكنه قبل أن يعدد تلك المحطات الثلاث قال أن النفس البشرية لو خُلِّيت وطبعها فهي تنجر للجمود والاستسلام والاستكانة ، والله سبحانه وتعالى أوجد ما ينشط النفس وواحدة من تلك الأمور أنه أوجد أناساً في معرض الاقتداء والتأسي (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) ومن هنا قال العلماء أن هناك ثلاث محطات لسلم التكامل ، أولها أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك ، أما ثاني المحطات فهي القنوع بما قسم الله لك معنوياً ومادياً ، ولكن ألا يدعو ذلك الرضا للجمود ؟ لا ، فالمحطة الثالثة هي مرحلة المنافسة التي قال القرآن فيها (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وذلك يتحقق بالغبطة.
التكامل الإيماني بين الغبطة والحسد - ليلة السابع من المحرم 1435هـ


























التعليقات (0)