شارك هذا الموضوع

فكر الحسين (ع) من منابعة الأصيلة

اللهم صل وسلم على محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد:

 إن للتزويد بفكر الحسين (ع) روافد، ومحطات ومنابع خاصة، تفيض بأنواع متعددة من الزخم الندي العذب، الذي يصقل العقول ويغذي الأرواح وينمي النفوس، ويروي القلوب ويوقظ الضمائر.


 ما هي تلك الروافد والمنابع والمحطات الحسينية؟


 روافد النبع الحسيني تنقسم إلى قسمين:- 


أولا ً: الروافد الزمانية:-


وهي الأزمنة والأوقات التي تحمل ذكرى الحسين (ع) بشقيها؛ الفرحة الخاصة بذكرى ولادته الطاهرة، والمتعلقة بشهادته العظيمة؛ نعم العظيمة؛ لأن استشهاده أعظم من ولادته؛ حيث أن الشهادة بالنسبة للعظماء، كأبي عبد الله سلام الله عليه تعتبر هي الولادة الثانية، وبهذه الولادة صعد إلى الخلود، والبقاء الدائم، ومصداق ذلك قول الشاعر:


 كذب الموت فالحسين مخلد               كلما أخلق الزمان تجدد


 


ثانياً:- الروافد المكانية:-


وتحوي جميع المؤسسات الحسينية في العالم، وأهمها وأعظمها مشهده الشريف بكربلاء؛ حيث أنه المكان الذي اختاره هو عليه السلام لتفجير ثورته الإصلاحية، ثم تأتي منتدياته الكبيرة؛ أي الحسينيات والمآتم، وهي المعبر عنها عند أهل البيت (ع) بمجالس الذكر، وهي تأتي في المقام بعد بيوت الرحمن، وفي هذه الأندية الحسينية الزينبية توجد نماذج من وسيلة الإعلام الكبرى التي وضعها رسول الله (ص)، وهي المنابر ، ونحن الشيعة نتشرف ونعتز أن نكون أبناء المنبر الحسيني ؛ لأن المنابر تبث ذكرى الحسين (ع) العاشورائية بدروسها المتنوعة في جميع مجالات الفكر، والعقيدة ، والسياسة والاجتماع ، والمعرفة والفقه ، والأخلاق والتربية ، وغيرها من المفاهيم والمصاديق الدينية والدنيوية ، والمادية والروحية.


 وعندما تقسم منابع وروافد الحسين (ع) إلى مكانية وزمانية، لا نقصد تأطير الحسين (ع) وذكرى شهادته في هاتين المحطتين، ولكن لأنهما الرئيسيتين في الحصول على منجزات ثورة الحسين (ع) إلا أنه أبى أن يتحجم في المشهد أو المأتم، بل انطلق إلى جميع أقطار الدنيا وأزمنتها، وليس هو بموسم عاشوراء وينتهي، وإنما كل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء، لأن الحسين حسين العالم وليس للشيعة وحدهم، أو للمسلمين وحسب، ولكن لجميع البشر، حيث خرج لرفع المعاناة، والظلم عن الإنسان أولاً، ثم طالب بباقي الحقوق وخير دليل على هذا قوله عليه السلام:-


 إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالمًا, وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي, فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق, ومن رد علي ذلك فسأصبر حتى يحكم الله بيني وبينه..


ومقولة غاندي المشهورة تدل على أن الحسين عليه السلام مثال وقدوة لجميع البشر حيث قال غاندي: تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر..


لذا نوجه نداء الجميع عشاق الحسين ومحبيه أن لا يهملوا الروافد والمحطات الحسينية التي تزودهم بعطاء الحسين وروحه الفياضة بالموقف الإنساني, والكلمة الطيبة, والأسوة الحسنة فإن بها منطلقات الثورة التي هزت ضمير الأمة  بل العالم, وجعلت فيه التوثب واليقظة, وبهاتم الحفاظ على علو الدين المحمدي الأصيل وشأنه الشامخ المهاب من جميع أعداء الله ورسوله وللتأكيد على صحة هذا المعنى يقول الإمام الراحل الخميني العظيم قدس سره الشريف:- إن البكاء على الحسين عليه السلام , وإقامة المجالس الحسينية هي التي حفظت الإسلام منذ أربعة عشر قرنا.


 إذن مادمنا قد عرفنا جميعا بأن ثورة الحسين ونهضته المباركه تخلد, وتزيد عبقا بهذه الروافد الزمانية والمكانية, فمن الواجب علينا أن نلتم فيها وحولها, ولا نفرط في مقامها السامي عند الله تعالى , ورسوله والأئمة الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام ، حيث إننا محاسبون عليها إذا تفرقنا أو تنابذنا, وخصوصا في هذه الأيام المباركة, حيث تظهر الخلافات, والتشاحنات لدى البعض وكل ذلك باسم الحسين(ع), فكل جماعه تدعي أنها هي القريبة من الحسين(ع) والمحبة وتلغي دور الجماعة الأخرى, فو الله إن الحسين لم يسفك دمه الطاهر إلا من أجل أن تتوحد الأمة, وتكون متراصة الصفوف, بعيدة عن كل ما يعكر صفو الوحدة والتآزر, وإلا فالحسين لن يقبلنا ونحن نعيش ذكراه بهذه الروحية التي تدعي الحق لنفسها, وتعزل الآخرين وتبعدهم, وتعتبرهم على باطل, مع أن الشعار واحد, وهو الذكرى العظيمة لأبي الضيم(ع) التي ترهر بالتعاون, الإخاء, المساواة ,الاريخية, النبل,الشهامة ,الإباء, التضحية, الفداء, والإصلاح ...


وحينما نقول الإصلاح:-يجب أن تكون بدايته أنفسنا ثم نتجه لغيرنا, لكي نتمثل بقول الله تعالى"لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ونهتدي بهدي أمير المؤمنين(ع) في قوله"ما أمرتكم بشيء إلا وقد سبقتكم إلى العمل به, وما نهيتكم عن شيء إلا وقد سبقتكم إلى تركه".


فيا شباب الحسين(ع) جسدوا هذه المعاني البارزة من نهضة إمامكم, لكي تصبحوا في عداد أنصاره السلوكيين, الذين يتعاونون على البر والتقوى والخير, لينطبق عليكم قول الله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"


والحمد لله رب العالمين

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع