لا يخفى على أحد أن الشيعة في البحرين يعيشون ظروفاً صعبة منشؤها التمييز الحكومي الذي أفرز حالات الفقر والبطالة ، وضعَّـف الاهتمام الرسمي بالمنشئات الصحية والتعليمية في مناطقهم ، وغيرها من المظاهر . غير أن الشيعة أنفسهم يمتلكون من الثروة ما يؤهلهم للنهوض والتمكن من الإعتماد على الذات ما يدرأ عنهم العوزَ والفاقة .
ومن تلك المصادر : الأوقاف ، والأخماس الشرعية ، التي يجب أن يُعتنى بإدارتها لتدرَّ ما هو نافع وينقلنا إلى واقع أفضل . ولكي لا نتكلم في المطلق دعونا نجْمل الحديث حول واقعنا ، ثم نكتشف تلقائياً أن الحل يكمن في حسن التصرف بهذه الأموال .
بعد أيام تطل علينا عاشوراء الإمام الحسين ( ع ) وفي تقديري ـ الذي أقرَّه بعض من له دراية بمصاريف مآتمنا ـ أن الشيعة هنا ـ في البحرين ـ ينفقون في هذه ( العشرة ) ما يربو على المليونين دينار . والسؤال الذي يفرض نفسه : بمَ نخرج بعد عاشوراء في كل عام ؟
وإذا تجاوزنا موضوع الأجر والثواب الذي نؤمن به ـ قطعاً ـ فهل يجيبني أحدٌ على السؤال المطروح إجابة تتوافق مع حجم المال المُنفق ؟!
في اعتقادي أن المسألة بحاجة إلى نظرية شرعية تستوعب تحريك هذا المال الضخم الذي يعوق حركته بعضُ الاجتهادات التي تتعلق بالأوقاف وغيرها .
هذا مع لحاظ الاتهامات التي توجهت إلى إدارة الأوقاف الجعفرية مؤخراً ، والذي يجعلنا نصرُّ على أهمية أن يستفيد الشيعة من هذه الثروة بدلَ أن تبدد أو تجمد أو تنهب ... الخ .
وأما ما يتعلق بـ ( الأخماس ) فالمسألة أيضاً لا تقل أهمية عن سابقتها ، حيث إن مبالغها لا شك في كثرتها ، ولكن ـ وأقولها بكل جرأة ـ إن مردوداتها يكاد لا يشعر به أحدٌ بما فيهم طلبة العلوم الشرعية الذين يستحقون منها وتصرف ـ فعلا ً ـ رواتبهم من هذا المال .
ولسنا هنا بصدد التفصيل في الأسباب إن كانت تتعلق بالمرجعيات العظمى أم بوكلائهم أم أمور أخرى ، ولكنني في صدد طرح المشكلة بغية أن يتمعن فيها الجميع ، خاصة وأننا نرى بعض النماذج الرائعة لاستثمار المال الشرعي كالموجودة في لبنان لدى حزب الله ، أو مؤسسات السيد محمد حسين فضل الله من مدارس ومعاهد ، ومستوصفات ومبرات وغيرها .
أمام هذه الرؤية أتوقع أن يؤيدها البعض ويشعر بأهمية الدعوة ، وسيقف البعض الآخر أمامها اعتقاداً منه بأنني تجاوزت خطوطاً حمراء تتعلق بالفقه والتشريع ، وتتصل بحركة المال عند القـيّـميـن على أمور هذه الأمة ، والحقيقة أن دعوتي للتأمل في ما طرحت تصدر من حرصي الشديد على الانتقال من هذا الوضع المزري إلى وضع تنتظم فيه شئوننا المالية برؤية فقهية جديدة تؤدي بالضرورة إلى انتظام الأمور الأخرى الاجتماعيـة منها والفكريـة والسياسيـة وغيرها .
ولا أجد أحداً يمكن أن يقوم بهذا الدور سوى علماؤنا الذين يحظون بحـب واحترام الجميع ، والذين إنْ وجَّهوا أمراً استجاب له الجميع ، فمتى نرى مبادرة قوية منهم تنتشل شيعة البحرين من واقع الضعف إلى واقع القوة .
التعليقات (0)