شارك هذا الموضوع

(3) بلغريف... يعيد «سكّان» أحمد بن خميس

رجال من زمن اللؤلؤ - (13)


بلغريف... يعيد «سكّان» أحمد بن خميس


المحرق: محمد حميد السلمان


تركنا أحمد بن خميس في الحلقة السابقة وهو يفكر كيف سيواجه المتنفذين في سوق اللؤلؤ الذين علموا بحصوله على أغلى دانة مميزة من بحر القطيف اشتراها بمبلغ 42000 روبية من الطواش محمد بن فارس أبوالسعود بمشاركة زميله سيدأحمد بن سيدعلوي وكانت تلك اللؤلؤة مغطاة بمادة شفافة خشنة وقد أزيلت من المحارة التي كانت ملتصقة بها. وقد عمل ذاك المتنفذ جاهداً لمشاركة بن خميس في رزقه، حيث طلب منه أن يدفع له مبلغاً يساوي 10 % من الثمن الذي اشترى به تلك اللؤلؤة. وقبل أن نحكي حكاية لؤلؤة القطيف نود أن نشير لخطأ حصل دون قصد في احدى زوجات أحمد بن خميس وقد أسعفنا بعض أفراد عائلة بن خميس بتصحيح هذا اللبس وهو حسين ملا علي حسن أحمد بن خميس وقد أكد هذه المعلومة أيضاً جميل عبدالحميد حسن بن أحمد بن خميس ذاكرين أن زوجة أحمد بن خميس الأولى هي من بيت الشراح وهي محفوظة بنت حسن بن علي الشراح وكانت تكنى بأم حسن، وقد انفصلا بعد ذلك وتزوجها أحد أفراد عائلة المصلي وأنجب منها مصطفى وسكينة. كما أن أحمد بن خميس لم ينجب إلا ذكوراً من زوجاته الأربع كما أشرنا في الحلقة الماضية.





اختفاء قسري لمدة 6 أيام



تواصلاً مع حكاية لؤلؤة القطيف فقد رفض بن خميس دفع الثمن المطلوب لتلك اللؤلؤة دون وجه حق لأنه سيؤخذ من رزقه ورزق عياله لصالح من لا حق له، وحتى لا يتم العثور عليه من قبل ذاك المتنفذ ورجاله، فقد قام بالاختباء في منزل عائلة بيت الشكر في مدينة المنامة (في بيت جد السفير كريم إبراهيم الشكر)، وفي رواية أخرى أنه اختفى في منزل تاجر هندي (كان يقع مقابل البحر). ولكن أعداءه صعدوا من تهديدهم بأن استولوا على مقود البوم الخاص بابن خميس الذي يستخدمه في تنقلاته البحرية ليهددوا رزقه في تجارة اللؤلؤ والطواشة.


وبعد اختفائه لمدة ستة أيام كاملة في المنامة قرر أحمد بن خميس الخروج والتوجه إلى مقر دار المعتمدية البريطانية (بيت الباليوز) في المنامة - بمنطقة رأس رمان - وقابل هناك المستشار تشارلز بلغريف وقدم له شكوى ضد من حاولوا إيذاءه في رزقه، وقال له ضمن ما شهد به هناك بأنه مضى على هروبه من وجه أعدائه «ستة أيام وقد جاؤوا يبحثون عني ويحاولون منعي من السفر إلى دارين بالقطيف بعد أن اقتلعوا دفة مركبي الشراعي ويراقبون جميع منصات رسو السفن الشراعية في السنابس. ليس هناك حق أو قانون يساند موقف هؤلاء المتنفذين بأن يفرضوا علينا استقطاع مبلغ 10 في المئة على ما نحصل عليه من لؤلؤ مما نشتريه من البازار مع أن العرف القديم أن يتم دفع الضرائب على ما يتم صيده من البحر فقط وليس من تجارة البر»، وأضاف بن خميس لبلغريف في مقر المعتمدية: «ليس لدي شيء آخر أضيفه غير أن أرجوك أن تسمح لي أن أبيت في الوكالة حتى تستطيع أن تضمن لي أني لا أسجن أو يتم نهب أملاكي عندما أغادر هذا المكان».


على إثر هذه الحادثة أرسل المستشار البريطاني إلى المقيم السياسي في الخليج (حيث مقر المقيمية في بوشهر) مذكرة قال فيها :


«ارغب بتبليغكم التالي لمعلوماتكم...


خلال ليلة الثلاثين من أغسطس في حوالي الساعة العاشرة مساء، قام حجي أحمد بن خميس - تاجر لؤلؤ معروف - باللجوء إلى الوكالة وطلب الحماية، القصة التي أخبرني إياها أرفقها على شكل إفادة. وقبل أن أقوم باتخاذ أي إجراء اتصلت بشهود الثقة المذكورة أسماؤهم أدناه ووجدت أنهم على علم بالأمر وهم: حجي علي الزياني، عبدالرحمن الزياني، سلمان بن مطر، عبدالعزيز القصيبي، سيدصالح من مجتمع بوري، ومحمد شريف الوادي.


انهم كلهم كانوا مجمعين على ما حدث وأخبروني أن هناك سرقات منظمة تحدث لأرزاق تجار اللؤلؤ وهي في تزايد وأنه سيكون أمراً جيداً إذا قمت أنا بعرض المسألة كلها على المسئولين في الحكومة الذين ربما لا يعلمون بما حصل من ورائهم وبالمدى الذي وصل إليه هذا الشر. كما أجمع التجار الشهود على أن قوانين البحرين تنص على أن الضريبة تفرض فقط على أولئك الذين يستخرجون اللؤلؤ من البحر (أي النواخذة) فهم وحدهم من يتوجب عليهم دفع جزء من محصولهم للحكومة.


وهنا تدخل بلغريف - بشكل منصف - لصالح تجار اللؤلؤ للحفاظ على استمرار تواجدهم في البلاد لدعم اقتصادها الذي يعتمد عليهم بشكل رئيسي. وفي نفس الوقت تدل هذه الحادثة على أهمية موقع أحمد بن خميس في التجار الداعمين لاقتصاد البحرين في الفترة المبكرة من القرن العشرين. ولذا فقد رفض بلغريف الانصياع لمحاولة بعض أولئك المتنفذين للحصول على ما ليس من حقهم من تجار اللؤلؤ، ولم يجد أي مبرر لأن يدفع بن خميس مبلغ 42000 روبية لهم حيث تبين له بأن العرف الضريبي هو أن تجبى تلك الضرائب من نواخذة البحر فقط وليس الطواويش وتجار اللؤلؤ.


* بلغريف يعيد «سكّان» بن خميس:


كانت نتيجة تلك الحركة التي قام بها أحمد بن خميس ضد مضطهديه، أن أمر بلغريف «قبل أن يرحل حجي أحمد» عن المعتمدية أن يتم إرجاع مقود (السكّان) الخاص بالبوم إلى صاحبه وأرسل شخصاً لكي يخبر الحاج بأنه بأمان ويستطيع مزاولة عمله من جديد. ويبدو أن بلغريف كان يهدف من وراء هذا الأمر - كما يقول حفيده - إلى استدراج الحاج أحمد لكي يعمل في صف الإنجليز ويتعامل معهم. على الرغم من أن البعض قد احتج على بلغريف لإيوائه لبن خميس في دار المعتمدية، فرد عليهم بلغريف بأن دار المعتمدية البريطانية مفتوحة لأي أحد كان يتضح أنه ضحية للطغيان أو كان خائفا على حياته من القتل أو الإيذاء.





السنابس وحكاية الـ 400 ورشة لإصلاح السفن:



في زمن أحمد بن خميس وبفضل ازدهار تجارة اللؤلؤ وتفوق تجار السنابس بها وعلى رأسهم ملك تلك الحقبة بن خميس، فقد كان الساحل الممتد من الجابور مروراً بالديه والسنابس والبرهامة بل وحتى حدود النعيم الحالية كخلية نحل لا تتوقف إلا ليلاً لما كان يعج به من ورش بناء وإصلاح السفن الشراعية التي كان يديرها ويعمل بها أمهر صناع السفن البحرينيين آنذاك. كان هناك كما يذكر علي بن حسين بن أحمد بن خميس ما يقارب 400 ورشة (قلافة) لبناء وإصلاح السفن الشراعية.


وكان يعمل على تسيير سفن الغوص من النواخذة البحرينيين في كل موسم ومن السنابس وحدها حوالي 34 نوخذة.


ولذلك فقد كانت السنابس تساهم بدخل كبير في إيرادات أو (الدخل القومي) إن جاز التعبير. وكان من أكبر طواويش وتجار اللؤلؤ اثنان فقط بين السنابس والديه وهما الحاج أحمد بن خميس والحاج يوسف بن رستم.


الحلقة القادمة: بن خميس في مواجهة القراصنة وقطاع الطرق!!




 


صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3009 - الخميس 02 ديسمبر 2010م الموافق 26 ذي الحجة 1431هـ
ملحق فضاءات صفحات 6 و 7

التعليقات (2)

  1. avatar
    صورة الحجي يجب ان تعلق في الحسينية-واين تروتة بعد 1942 -واين قصص القيوم عبدالحسن

    ادا كانت هدة الصورة الحقيقية الى الحجي يجب ات تعلق في صدر الحسينية لكي تعطي شيا من الشموخ والرفعة الى اهل الحسينية والى اهل السنابس لانة مفخرة ورمز حالة كحال باقي الابطال عند الاممم والمجتمعات الاخرى-والشي المهم والاهم المطروح من 1942 الى الان اين الثروة واين الاراضي -العقارات-المستندات -الوثائق-الحطور-الاموال -الاوراق-الممتلكات الممتدة من سترة الى سماهيج والدير مرورا بالمنامة وجدحفص الى السنابس وبعد دللك القطيف والاحساء وصولا الى الاموال الضائعة والمتناثرة في بومبي-من سرق ومن غيب ومن لعب بكل هدة الثروة والخيرات-وفي النهاية لم نستطيع الاستفادة التامة من المرحوم الحاج عبدالحسن جمعة قيوم مسجد سيد فلاح او المعمر عبدالحسن الدي عاش حوالي 130سنة يعلم كل صغيرة وكبيرة عن السنابس وعن بن خميس ومادا فعل بن خميس وماهو نضال الحجي -هل حان الوقت لكي نصدر كتاب او مجلد او موسوعة عن الحاج احمد بن خميس -لانة كبيرة علينا بان يكتب البعيد ويعلم البعيد عن بن خميس ويتابع الناس اعمال بن خميس وهناك شباب قدمت الى الحسينية لعمل رسالة في الماجستير عن تاريخ بن خميس ونحن لانفرق بين بن خميس وبين يوم الخميس

  2. avatar
    سنابسي أصيل

    واقعا كل من كانت لديه قدرة على البحث فليبحث فليس هذا المبحث خاص بأهل السنابس لأن الحاج أحمد بن خميس هو للسنابس وللبحرين كلها وكان رجل المرحلة بحق ... ما أطالب به في هذا الوقت هو أن تترك المهازل التي تحدث بين الحين والآخر من التقرب إلى الظالمين باسم أهل السنابس لأن ذلك معيب جدا لمن لديهم شخص مثل الحاج أحمد بن خميس .. تناهى إلى سمعي وقرأت في الجريدة الرسمية قيام فئة من أبناء السنابس بإحياء /" أعيادا /" ما أنزل الله بها من سلطان في الأيام الماضية بعنوان /" معرض كتاب /" وهو ما أذهلني في قرية تمتلك خيرات المرحومين الحاج أحمد بن خميس والحاج حسين بن خميس وبقية السلسلة من المجاهدين في هذه القرية وعلى رأسهم المرحوم الأستاذ أحمد الإسكافي! فكيف بالله عليكم تكون في السنابس هذه القيادات، ثم يخرج البعض علينا بعناوين دخيلة على السنابس وأهلها؟!

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع