شارك هذا الموضوع

(1) أحمد بن خميس... حكاية تاجر لؤلؤ و مصلح اجتماعي

رجال من زمن اللؤلؤ - (12)


أحمد بن خميس... حكاية تاجر لؤلؤ ومصلح اجتماعي


المحرق - محمد حميد السلمان


حقاً هو رجل غير عادي من رجال أيام الزمن الجميل والصعب في الوقت ذاته.


رجل تفرد بعدة مميزات عن أقرانه من رجال زمن اللؤلؤ في البحرين والخليج أيضاً.


رجل عاش من أجل أمته لا من أجل نفسه وعائلته.


رجل ترك آثاراً اقتصادية، اجتماعية، دينية، تربوية، سياسية، وطنية، صناعية، مالية، خيرية في كل مكان من هذه الأرض الطيبة وبين ثنايا تاريخ الوطن.


رجل كان المستشار بلغريف يحسب له أكثر من حساب في إدارته للحكومة في القرن العشرين.


رجل له أكثر من حكاية مع السيطرة البريطانية في البلاد في تلك الفترة ودار المعتمدية البريطانية ومع الإمارة الخزعلية في عربستان، وضد نهابة البر والبحر الذين كانوا يقضّون مضاجع الناس الآمنين في أرض العطاء الأصيلة.


رجل تعدى زمانه في مطالب الإصلاح مع أنه لم ينل قسطاً وافراً من التعليم كما وطني اليوم.


باختصار... إنه رجل من الرجال الحقيقيين من الزمن الجميل الذين لم تغير الأيام في صلابتهم ولا الإغراءات المادية والمناصب في مواقفهم ومبادئهم كما حدث للكثير اليوم.


هذا الرجل الأسطورة بحق وبكل بساطته ومحبته لأهل بلده هو: الحاج أحمد بن علي بن خميس بن أحمد بن علي بن خميس.





بداية الحكاية الخميسية:



حكاية بن خميس تبدأ من قرية سترة الوادعة الآمنة وهي موطن آل خميس الأول هو وعشيرته التي تنتسب إلى قبيلة ربيعة كما يذكر حفيده على بن حسين بن خميس.


وقد امتهن أفراد الأسرة عدة حرف أرتبط معظمها بالبحر كالغوص وصيد السمك وصناعة وإصلاح السفن والحدادة وصناعة الذهب والفضة، وبعد صراعات القبائل العربية في البحرين وبداية الأطماع والخراب الذي أصاب منطقة سترة؛ غادر معظم أفراد العشيرة تلك التي لم تعد تلك القرية الوادعة، ومن بقي منهم انتحل لقب الصايغ.


يذكر علي بن خميس أن معظم آل خميس «هاجروا إلى البصرة واستقروا في جنوب العراق، حيث استقروا في البداية في حي الرباط القريب من ميناء المعقل. ويروي المعاصرون من آل خميس بالعراق أن نفراً منهم قد هاجر غرباً - ربما إلى سورية أو لبنان - وانقطعت أخبارهم. إن هذه الرواية على أهميتها تفتقر إلى ثمة معلومات، إذ إن أسم المهاجر ليس معلوماً، ولا تاريخ الهجرة، ولا سببها، لكن هناك ثمة اتصالات تتم مع آل خميس في لبنان وهم منتشرون في الجنوب بين (مركبا وصور والنبطية) وفي مدينة زحلة بالبقاع.


كما هاجر قسم من آل خميس إلى دبي وأبوظبي وانضموا هناك لأبناء عمومتهم آل فردان الذين كانوا يسكنون سترة أيضاً، واستقر الجميع في الإمارات اليوم.


أما خميس الأكبر فقد ظل في البحرين واستوطن السنابس. ومن هناك بدأ عمل بن خميس الأول في تجارة اللؤلؤ وأصاب منها ثروة كبيرة ولقد اتصف بالتقوى والورع والكرم والشجاعة وعمل الخير.





سنابس وبن خميس في التاريخ:



يذكر أن سنابس البحرين - باعتبار أن هناك قرية أخرى تدعى سنابس في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية - في بداية تكوينها كانت مجرد شريط ساحلي بطول كيلومترين في ساحل البحرين الشمالي تكتنفه البساتين المسماة «ستياموه والجمة وأبو مرار والكافوري ومحي الدين» من جهات الغرب والجنوب والشرق على التوالي، أما البحر فكان يعانقها من جهة الشمال. كما تحاذيها شرقاً قرية البرهامة وغرباً قرية الديه وجنوباً مدينة جدحفص.


كانت سنابس تتميز بكثرة بساتينها الزراعية، بخلاف ما نراه حالياً من تعدي الإنسان على البيئة بكل وحشية. وكانت مزارعها القديمة المعروفة جلياً لأهلها بخضرتها النظرة هي: مزرعة الخابوري، مزرعة عبدالكريم ، مزرعة الشرخات. ومن أشهر عيون الماء فيها: عين العريض الواقعة في وسط المنطقة المحصورة بين المأتم الجديد والمقبرة، وعين الكافوري وهي عبارة عن بئر ارتوازية بها ساقية، وكانت تستخدم للأغراض المنزلية. وعين الفسلة وتقع في جنوب السنابس، كان (معاريس زمان) يستحمون فيها مع أصدقائهم قبل ليلة الزواج، وسميت (بعين الفسلة) لكثرة ما زرع حولها من نجايل (فسايل) النخيل.





لماذا السّنا وبس؟



تعددت أسباب تسمية القرية التي سكنها بن خميس بهذا الاسم حيث يقول بعض أهاليها إن السنابس كانت تشتهر بوجود قطعان هائلة من الإبل والغنم، فسميت بسنابس نسبة لذلك. كما يقول البعض الآخر بأن السنابس كانت من أحسن القرى حيوية وجمالاً، حتى أضحت شهرتها كـ (السّنا) أي كالضوء الساطع. ولذا فقد كان صاحب القرية عندما يُسأل عن قريته يقول: (السّنا وبس)، أي (ضوء وكفى)، ولفظ الكلمتين بهذا الشكل متداول بين أهالي سترة حتى اليوم. ثم حرفت التسمية تدريجياً وصارت سنابس بحذف الواو.


أما الباحث علي أكبر بوشهري فيرى أن التسمية فارسية الأصل، وسنابس مكونة من قسمين (سنار) و(بست) وسنار يعني: المكان قليل العمق، يغوص مقدم السفينة في طينه، فلا تستطيع الحركة. وبست: الأرض الوعرة المقفلة. ومع مرور الزمن حرفت (سنار بست) إلى (سنابس). ويرى أن قلة العمق والانغلاق خاصية رئيسة من خصائص السنابس، فالسنابس قرية ساحلية أحجارها مرجانية، ما تصعب الملاحة فيها. ولكن هذا الرأي يحتاج إلى إثبات تاريخي موثق بأن القرية كانت موجودة إبان السيطرة الفارسية على البحرين زمن الشاه عباس الأول بعد العام 1602م إثر طرده للبرتغاليين والهرامزة منها نهائياً.


كما أن هناك رواية أخرى على لسان بعض كبار السن ترد سبب التسمية إلى قبيلة (بني سنبس) التي كانت تسكن شرق الجزيرة العربية في منطقة الخُبَر وقد فرّت تلك القبيلة في إحدى ليالي زمن البطش والتنكيل - الذي وقع عليها - إلى البحرين، وسكنت هذه المنطقة وسميت باسمها إلى أن حُرِّفت إلي سنابس، أما باقي أفراد القبيلة فقد فروا إلى منطقة (تاروت) بالمنطقة الشرقية وأقاموا قرية بين قرية تاروت والربيعية وأسموها بـ «السنابس».


أما علي، حفيد بن خميس، فيذكر سبباً آخر للتسمية مردّه إلى قيام السلطات الإنجليزية بإنشاء مركز لاسلكي بشرق السنابس على الساحل الرملي أطلقوا عليه اسم (Sand Post) (ساند بوست)، ويبدو أن الاسم سنابس الذي أطلق على القرية هو تحريف لكلمتي (ساند بوست) الإنجليزيتين.


ويضيف معلقاً على فرضية بوشهري؛ بأنه ليس في السنابس من آثار قديمة أقدم من مسجد سيد فلاح ومسجد الخضر وبيت الحاج أحمد بن خميس وبيت سيد حسن آل علوي وبيت الشيخ عبدالله المصلي، وأقدم هذه الآثار بُني في الثمانينيات من القرن التاسع عشر كما دلت أبيات الشعر والتاريخ المنقوش على أبوابها. كما يضيف بأنه كان يلي مركز اللاسلكي قرية صغيرة جداً اسمها البرهامة وفرضه لتخزين براميل النفط التي كانت تشحن إلى البواخر التي كانت ترسو في عرض البحر حيث لم يكن ميناء المنامة عميقاً وصالحاً لرسوّ البواخر آنذاك.


كما يضيف الحفيد علي، بأنه كانت تقطن السنابس، ما قبل الأربعينيات من القرن العشرين، العشائر التالية والتي تم ترتيبها أبجدياً (بعد حذف أل التعريف): ابن الشيخ، اسكافي، انجاوي، إسماعيل، بصري، بغل، بن جمعة، بربري، تيتون، ثور، جبل، حرحوش، حسان، حسين، حماليات، حميدان، حميده، حيله، خابوري، خزعل، خميس، خليفات، خيج، داغر، داوود، درويش، راشد، ربيع، رضي، سكينار، سلمان، سنكيس، شاووش، شراح، شرخات، شمروخ، صخر، صادق علي، صلبوخ، طبال، طراده، طريف، عاشور، عرادي، عصافره، عصفور، عضم، عباده، عبدالحي، عصار، علواني، علوي، عماني، عنكي، فتيل، فردان، فليت، قباط، قلعاوي، قفاص، قمبرة، كايد، كداد، مال الله، محرقي، مختار، مخوضر، مشيمع، مرهون، مروزاني، مصلي، مضوي، مكي، موت، موسى، نقي، ولوف، هيمان.


ولا يشمل هذا التصنيف العشائر والعائلات التي استوطنت السنابس بعد الأربعينيات من القرن الماضي.


ولقد اتصفت هذه العشائر بالشجاعة والكرم وتربّت على تعاليم أهل البيت وعاشت في محبة ووئام وتم التصاهر فيما بينها.


وسط هذه القرية الصغيرة الآمنة التي كان يأتيها رزقها من الأرض المعطاء بها والبحر الزاخر بالخيرات حولها؛ ولد أحمد بن علي بن خميس بن أحمد بن علي بن خميس في العام 1860م. وكانت ولادته حدثاً غير عادي في زمان سيطرت فيه تجارة اللؤلؤ وأرباحه على كل الألباب وأخذت بالعقول كل مأخذ، فكيف كان تعامل المولود الجديد مع تلك الأوضاع؟


يتبع...




صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2995 - الخميس 18 نوفمبر 2010م الموافق 12 ذي الحجة 1431هـ

ملحق فضاءات / صفحات6 و 7  

التعليقات (2)

  1. avatar
    خميسية حتى العظم

    شقول عن عراقة الانساب , وخير الرجال هم آل خميس. تسكت الكلمات حين تعجز الاقلام عن التعبير. رحم الله عباس خميس ابو فاضل.

  2. avatar
    احفاد عائلة المصلى

    باجماعت الخير تصدقون بان هناك ناس تكذب بأن أرض الشيخ عبدالله المصلي ليس لها احد ويتنكرون ذلك لان مصلحتهم تتعارض مع ذلك ملكيت بيوتهم مدون فيها يحدها من الغرب او الشرق ارض الشيخ عبداللة المصلى ما اقول الاصح اللسانك وقلمك يالى كتبت وذكرة هذة العبارة التى تخص ارض بيت المصلى ونحن الاحفاد انشاء اللة لن نترك حق جدنا يريدونها مواق لهم ولكن عتبونا على ابناء عمنا

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع