شارك هذا الموضوع

بمناسبة حلول الذكرى الثلاثين لاستشهاد المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر

الشهيد الصدر؛ المبدع في نظرية التفسير الموضوعي  
إن الشهيد الصدر كان أول من قام بتنظير وتأطير نظرية التفسير الموضوعي للقرآن الكريم وأقام لها منهجاً خاصاً به، فهذا النوع من التفسير في محاولة وإبداع منه جعل المفاهيم القرآنية أكثر حركية ومرونة وحيوية، وكنموذج في هذا المجال إعتمد مقولة السنن الطبيعية والإلهية في تفسير حركة التاريخ والإنسان.


 
 
الشهيد محمد باقر الصدر(ره) من الشخصيات العظيمة التي برزت على أكثر من صعيد ومن تلك الأصعدة الفهم العميق للقرآن الكريم من خلال ربط القرآن بالواقع المعاش للإنسان، فالقرآن الكريم جاء لإنتشال الإنسان من الحضيض إلى الرفعة والسمو، قال تعالى: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ"/(الإسراء:9) وقد أدرك السيد الشهيد يرحمه الله ذلك وأراد للقرآن أن يتجسد في شخصية المسلم ليكون خلقه القرآن كما جاء عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان يرحمه الله منصهراً في بوتقة مدرسة القرآن الكريم ويظهر ذلك جلياً من خلال تفسيره الموضوعي للقرآن.


ويعتبر إستذكار الشهيد محمد باقر الصدر إستذكارا للمعاني النبيلة والقيم السامية التي جسدها بالدفاع عن الإسلام والوطن والحرية ولهذا قد قامت وكالة الأنباء القرآنية العالمية (ايكنا) تلبية لوفائها لشخصية الشهيد السعيد بإجراء مقابلات مع مفكرين إسلاميين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، فيما يلي تقرير عن مختلف المقابلات التي أجريت والكلمات التي صدرت في حق السيد الشهيد محمد باقر الصدر(ره):


دلائل رغبة الشهيد فی طرح التفسير الموضوعی


يصرح أستاذ مادة الكلام والفلسفة الاسلامية، "خسروبناه": إن التفسير الموضوعي للقرآن الكريم في معناه الكلاسيكي وكما يراه العلماء الآخرون هو أن يختار المفسر موضوعا من القرآن الكريم ليحلل ويدرس ماجاء في نص القرآن الكريم من آيات وتعابير حول هذا الموضوع كأن يختار المفسر موضوع التوحيد ليقوم بعد ذلك بدراسة كل الآيات التي في هذا المجال وهذا ما فعله علماء كثيرون ومنهم آيات الله سبحاني وجوادي آملي ومكارم شيرازي ولكن إن المنهج الموضوعي في التفسير لدي الشهيد الصدر يعني أن يقوم المفسر بعرض موضوعات إجتماعية حدثت خارج النص القرآني علي القرآن كأن يعرض موضوع الفقر أو الثروة أو أزمة الهوية علي نص القرآن لنري مايقوله النص القرآني في هذا المجال وهذا يعني أن نستنطق القرآن في ما جاء في المجتمع من جديد وهي السبيل الوحيد للقيام بإستنطاق القرآن الكريم.


ويقول "الشيخ محمد مهدي الآصفي": الدراسات القرآنية لاتستغني عن التفسير الموضوعي الذي أبدع فيه الشهيد الصدر(ره)‌ لأن المفسر حينما يفسر القرآن تجزيئيا وتدريجيا يفوته كثير من المسائل القرآنية المتعلق بالآية التي في موقع البحث ولكن عندما يجمع الآيات المتعلقة بموضوع واحد في مكان واحد ويسلط عليها الضوء جميعا يفهم من الآية ما لايفهمه في غير هذه الحالة.


ويصرح "الأستاذ أسعد تركي سواري"، الأمين العام لمؤسسة الصدرين للدراسات الإستراتيجية أن الشهيد الصدر(ره) بنفسه يقول إن شوط التفسير التقليدي شوط طويل جدا وهذا بحاجة إلي فترة زمنية طويلة أيضا ولهذا لم يحظي من علماء الإسلام الأعلام إلا عدد محدود جدا بهذا الشرف العظيم وهو شرف مرافقة كتاب الكريم من بدايته إلي نهايته وكان يشعر بأن المحدودة المتبقية لاتفيد بهذا الشوط الطويل ولهذا فضل إختيار شوط أقصر. حيث جاء في كلام القرآن الناطق، علي (عليه السلام): "ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق ولكن أخبركم عنه ألا أن فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي ودواء داءكم ونظم مابينكم" والتعبير بـ"الإستنطاق" هو أروع تعبير لعملية التفسير الموضوعي بوصفه حوارا مع القرآن الكريم وطرحا للمشاكل الموضوعية عليه بقصد الحصول علي إجابة قرآنية.


وقال الباحث القرآني "الشيخ إبراهيم يعقوبيان": إن الشهيد الصدر كان يري أن التفسير الموضوعي هو الطريق المثلي لتفسير القرآن الكريم مؤكدا أن التفسير الترتيبي هو جمع وتراكم للمعلومات دونما رؤية واضحة وهو يعاني من مشكلة تعرضه للتفسير بالرأي حيث يفسر المفسر النص وفق رؤيته المذهبية ويحمل النص ماليس فيه ولكن ذلك لايمكن في التفسير الموضوعي حيث يستقي المفسر الموضوع من النص القرآني ويستند في كل ما يقوله الي النص القرآني محاولا عدم القفز فوق النص والإستناد بالروايات الخلافية وهذا مايؤكد سلامة التفسير الموضوعي قياسا الي التفسير الترتيبي.


أكد الباحث اللبناني "الشيخ ياسر قطيش" أن في متابعتنا لمسير تطور منهج التفسير الموضوعي برزت مناهج جديدة لم تكن معروفة فيما سبق، وساهم في هذا التطور والتنوع الثقافات والأفكار والتطورات العلمية الحديثة، ومن هنا نرى تعدد المناهج التفسيرية التفسير الفلسفة والتفسير العرفاني الصوفي والتفسير العلمي وما إلى ذلك من مناهج متعددة وتميز عصرنا بولادة منهج جديد لم يكن معروفاً بالشكل الذي طرح في عصرنا على يد السيد محمد باقر الصدر(قده) ألا وهو التفسير الموضوعي التوحيدي، في مقابل التفسير التجزيئي. وهو تفسير له أسسه ومقوماته، عرضها السيد الصدر في كتابه القيم "المدرسة القرآنية".


ويقول الشيخ القطيش: أن الشهيد الصدر إستطاع من خلال طرحه التفسير الموضوعي وتطبيقه على الحركة المعرفية والدينية أن يغير نظرة الباحثين في مجال القرآن وعلومه، وأن يفتح أمامهم باباً جديداً على المفاهيم القرآنية ينسجم مع الهدف من القرآن نفسه، حيث تتحقق المرجعية المركزية للقرآن الكريم، وتتجلى التعاليم الإلهية في كل ما يتعلق بهذا الوجود الذي هو صنيع الباري تعالى وإن المتابع للإرث المعرفي الذي تركه الشهيد الصدر(قده) يلمس مدى ما للمنهج الموضوعي من أثر، فالشهيد الصدر نفسه كما نقل عنه أحد تلامذته دعا إلى تطبيق المنهج الموضوعي الشمولي في جميع حقول المعرفة الدينية، الفلسفية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتاريخية وغيرها وليس في خصوص التفسير فقط.


 الشيخ حيدر حب الله: 
أظنّ أن السياق الذی دفع السيد الشهيد محمد باقر الصدر للبحث فی قضية السنن التاريخية فی القرآن هو السياق الماركسی، لقد أراد أن يقدّم جواباً قرآنياً على النظرية الماركسية التی تتحدّث عن أنّ التاريخ له قواعده وقوانينه، فإستفاد من منجزات الماركسيين وإستطاع توظيف أفكارهم ـ مع إختلافه الجذریّ معهم ـ فی مطالعة موضوع هام من زاوية قرآنية؛ فالمادية التاريخية تتحدّث عن أن التاريخ يسير وفقاً لقوانين
يعتقد الشيخ القطيش إن الشهيد الصدر(قدس سره) قد ذكر ثلاثة معان لمصطلح الموضوعية: أولاً الموضوعية في مقابل (الذاتية) و(التحيز)، والموضوعية بهذا المعنى عبارة عن الأمانة والإستقامة في البحث والتمسك بالأساليب العلمية المعتمدة على الحقائق الواقعية في نفس الأمر والواقع، دون أن يتأثر الباحث بأحاسيسه ومتبنياته الذاتية ولا أن يكون متحيزاً في الأحكام والنتائج التي يتوصل إليها / ثانياً: (الموضوعية) بمعنى أن يبدأ في البحث من (الموضوع)، الذي هو (الواقع الخارجي)، ويعود إلى (القرآن الكريم). لمعرفة الموقف تجاه الموضوع الخارجي / ثالثاً: وقد يراد من الموضوعية ما ينسب إلى الموضوع، حيث يختار المفسر موضوعا معينا ثم يجمع الآيات التي تشترك في ذلك الموضوع فيفسرها. ويحاول استخلاص نظرية قرآنية منها فيما يخص ذلك الموضوع ويمكن أن يسمى مثل هذا المنهج منهجا توحيديا أيضاً باعتبار أنه يوحد بين هذه الآيات ضمن مركّب نظري واحد والمقصود من المنهج الموضوعي في التفسير هو المعنى الثاني، كما هو واضح من كلماته(قدس سره).


أكد أمين المجمع العالمي لتقريب المذاهب الإسلامية "الشيخ محمد علي التسخيري" أن رغبة الشهيد الصدر بالشؤون الفلسفية والإجتماعية ونظرته الي الإسلام كمبدأ لحل قضايا الإنسانية دفعتاه الي انتهاج التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.


يقول "محمد رضا الشريفي"، رئيس تحرير جريدة "القطوف" القرآنية: كان السيد الصدر نتاجا إسلاميا حيويا مثّل الفكر الإسلامي الرائق والمتجدد في آن، ولذلك فأن فكره لا يمكن تجريده من أصوله الإسلامية الأولى، وقد تسمعون مني هذا الكلام لأول مرة، فأنا أقول أن السيد الشهيد لم يكن هو مبتدع التفسير الموضوعي بمعناه الحرفي، وإنما يصدق القول بأنه باعث الروح فيه من جديد.


قال "الشيخ محسن الأراكي" أحد تلامذة الشهيد الصدر بأن المرحوم آية الله العظمى الشهيد سيد محمد باقر الصدر كان يعارض التفسير اللفظي للقرآن الكريم وكان يعتبر تفسير المعنى بالمعاني تفسيرا للقرآن الكريم وأنه طرح في هذا المجال موضوع التفسير بالمعاني للقرآن الكريم.


وأوضح الأراكي بأن الشهيد الصدر في مجالات التفسير كان يتناول موضوع الأسلوبين الجزئي(تفسير الجزئي للآيات القرآنية) والعام(التفسير الإجمالي والشامل) في تفسيره للنص القرآني وحسب آية الله الأراكي فإن لشهيد الصدر مبحثا آخر فسر من خلاله وبإستخدام الآيات القرآنية، الأحداث المعاصرة محاولا إستخدام القرآن في فهم الأحداث اليومية وجمعت مباحثه ومحاضراته في كراسات شكلت كتاب "الإسلام يقود الحياة" الذي يقع في خمسة مجلدات وهو آخر ما طبع رسميا من الشهيد بعد إنتصار الثورة في إيران وفيه كثير من الإجابات عن حاجات الثورة الإسلامية.


كما أشار الأراكي إلي مباحث قيمة من الشهيد الصدر في كتابه "خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء" طرح من خلالها الشهيد نظرية خلافة الإنسان من خلال الآيات القرآنية حيث كان ينظر الي خلافة الإنسان علي أنها خلافة عامة معناها أن الأنسان بمختلف أعراقه خليفة الله علي الأرض والخلافة هذه سارية المفعول في كل أفراد البشر وليس للأنبياء دور إلا دور الشاهد علي هذا الدور الذي يقع علي عاتق كل الناس من مختلف الطبقات دون النظر إلي كمالهم.


المنهجیّة العلمیّة المتقدّمة فی معالجة المفاهيم القرآنيه


أكد "العلامة السيد عبدالله الغُريفي" إنّ منهج الشّهيد الصّدر التفسيريّ حرّك أسلوبًا يعتمد لغة البحث العلميّ الأكاديميّ في معالجة المفاهيم القرآنيّة والمفاهيم الإسلاميّة ويمكن للمتتبّع لكتابات الشّهيد الصّدر المتنوّعة أن يكتشف المنهجيّة العلميّة المتقدّمة التي مارسها السيد الشّهيد ممّا أعطى لنتاجاته الفكريّة دورًا تأسيسيًّا واضحًا، ولقد أراد الشّهيد الصّدر لمنهجه الموضوعيّ في التفسير أن يستنطق النظريّات القرآنيّة في مجالات العقيدة، والأحكام، والأخلاق، والاجتماع، والاقتصاد، والسياسة، وفي كلّ المجالات التي تتّسع لها مساحة الإسلام، وتمتد إليها معالجاته، وهنا يبرز الدور الكبير لهذا المنهج في خلق الوعي بكلّ امتداداته العقيديّة والثقافيّة والفقهيّة والروحيّة والأخلاقيّة، والاجتماعيّة، والسّياسيّة، فالمنهج الموضوعيّ في شموليته أضفى شموليّة على الوعي وعلى الصّحوة الإسلاميّة.


وحول تأثيرات منهج التفسير الموضوعي علي الواقع الديني يقول العلامة الغريفي:‌ أمّا تأثيرات المنهج التفسيريّ عند الشّهيد الصّدر على الواقع الدينيّ فواضحة، لأنّ هذا الواقع خاضعٌ لدرجات الوعيّ، ومستويات الثقافة عند النّاس، فكلّما استطعنا أن نؤصّل لهذا الوعي ولهذه الثقافة قرآنيًّا وإسلاميًّا، وكلّما استطعنا أن نؤسّس لمشروعٍ تغييريّ يعتمد منهج القرآن والإسلام، وكلّما استطعنا أن نصوغ قياداتٍ مؤهّلة قرآنيًّا وإسلاميًّا فإنّ كلّ ذلك سوف ينعكس عمليًّا على كلّ الواقع الدينيّ في أبعاده العقيديّة والثقافيّة والروحيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة والسياسيّة.


ويقول الأستاذ الشيخ حيدر حب الله: أظنّ أن السياق الذي دفع السيد الشهيد محمد باقر الصدر للبحث في قضية السنن التاريخية في القرآن هو السياق الماركسي، لقد أراد أن يقدّم جواباً قرآنياً على النظرية الماركسية التي تتحدّث عن أنّ التاريخ له قواعده وقوانينه، فإستفاد من منجزات الماركسيين وإستطاع توظيف أفكارهم ـ مع إختلافه الجذريّ معهم ـ في مطالعة موضوع هام من زاوية قرآنية؛ فالمادية التاريخية تتحدّث عن أن التاريخ يسير وفقاً لقوانين.


 الشيخ ياسر القطيش: 
فی متابعتنا لمسير تطور منهج التفسير الموضوعی برزت مناهج جديدة لم تكن معروفة فيما سبق، وساهم فی هذا التطور والتنوع الثقافات والأفكار والتطورات العلمية الحديثة، ومن هنا نرى تعدد المناهج التفسيرية التفسير الفلسفة والتفسير العرفانی الصوفی والتفسير العلمی وما إلى ذلك من مناهج متعددة وتميز عصرنا بولادة منهج جديد لم يكن معروفاً بالشكل الذی طرح فی عصرنا على يد السيد محمد باقر الصدر(قده) ألا وهو التفسير الموضوعی التوحيدی، فی مقابل التفسير التجزيئی
دور التفسير الموضوعی فی تقريب فهم الإسلام إلى الواقع


قال حب الله فيما يتعلق بتطبيق التعاليم القرآنية في المجتمع، أنّ ذهنية التفسير الموضوعي وحركته لعبت دوراً في تقريب فهم الإسلام إلى الواقع، وبدأت شرائح المجتمع تعي الإسلام وفق ذهنية العصر الجديد والعقل المعاصر، وهذا على خلاف التفسير التجزيئي، إذ لا يستطيع أن يقدّم هذه الخدمة، فهو قد يسمح للمفسّرين الكبار بفهم مجمل التركيبة القرآنية، أما التفسير الموضوعي فبإمكانه أن يمدّد المفاهيم القرآنية وينشرها على نطاق واسع؛ لأنّ كل فكرة بالإمكان عرضها على القرآن وتقديم أجوبة لها، فكل إنسان متخصّص في مجال بإمكانه أن يحصل على أجوبة القرآن في هذا المجال من خلال دراسات التفسير الموضوعي.


أن التفسير الموضوعي شكل من أشكال النهضة الإسلامية الحديثة؛ لأنه يعطي المرجعية القرآنية بُعداً واقعياً وعملانيّاً، ويستطيع أن يقرّب المفاهيم القرآنية من قضايا العصر، ويلامس الإشكاليات التي تقع هنا وهناك في هذا الملف أو ذاك.. هذه كلّها تساعد على رفد حركة الصحوة الإسلامية، فالعقل المعاصر والذهنية المثقفة والإنسان العملي الميدانيّ لم يكونوا ليستطيعوا تقبّل الصحوة الإسلامية والاندماج بها إذا كان خطاب هذه النهضة تجزيئيّاً تقطيعيّاً متناثراً، لا يقدّم رؤية متكاملة عن واقع الحياة المعاصرة.


وأضاف: لقد إستطاعت الحلول التي قدّمها الصدر وغيره من العلماء أن تدفع الفكر الشيعي لتخطّي أزمة حظر التفسير القرآني، من هنا ذهب العلماء إلى أنّه قد يقصد من هذه الروايات النهي عن التفسير المزاجي والإستنسابي والفوضوي والذاتي، وما شابه ذلك من التفاسير التي كانت رائجة في القرون الهجرية الأولى على نطاق كبير، فأراد الدين وأهله أن يضعوا حدّاً لهذا النوع من فوضى التفسير الإسلامي.


وحول مدي توفيق السيد الشهيد الصدر في إستخدامه منهج التفسير الموضوعي لحل المشكلات المعاصرة أكد أنّ التجربة التي خاضها السيد الصدر في مجال التفسير الموضوعي لا تسمح لنا بأن نتحدّث عن نجاح أو إخفاق مطلقين، أي لا نستطيع أن نملك جواباً حاسماً على هذا الموضوع؛ لأن الأعمال التي قدّمها في هذا المجال كانت محدودةً جدّاً، هناك بدايات أولى ومراحل جنينيّة أطلقها الصدر هنا؛ فما وفّق فيه هو، أولاً: إثارة هذا الموضوع؛ فإنّ طرحه كان حاجةً، وكان خطوة مميّزة في سياق تطوير الدرس القرآني عموماً وثانياً: محاولة التفكير في تعريفه؛ لأنّ الكثير من مشاكلنا تنتج عن عدم تحديد المفاهيم بدقّة، وقد حاول السيد الصدر في جملة وافرة من كلماته أن يحدّد بدقة ما هو المقصود من هذا النوع من التفسير؟ وما هي الحاجة إليه؟ وما هي ضرورات تكوّنه في وعينا الإسلامي.


وإستطرد الشيخ حيدر حب الله قائلا:‌ الشيء الذي أودّ أن أشير إليه ـ وهذه من المفارقات العجيبة التي نشهدها في أعمال السيد الصدر وسأشرح بعض ما أظنّ أنّه سببٌ لها ـ أنّ السيد الصدر لا نجد للتفسير الموضوعي عنده أيّ حضور على الإطلاق في سائر أعماله، وأعني هنا على المستوى التفسيري لا على المستوى الفكري، فعندما ندخل في علم أصول الفقه أو علم الفقه نفسه، أو علم التاريخ، أو حتى علوم القرآن.. عندما ندخل في هذه المجالات لا نجد ذهنية التفسير الموضوعي حاضرةً بقوّة، نحن نجد الذهنية الواقعية حاضرة بقوّة، لكن ذهنية التفسير الموضوعي ومعالم هذا التفسير لا نجده قد فرض نفسه في دراسات السيد الصدر الأخرى، ربما يكون سبب ذلك أنّ النظرية كانت جديدةً وفي طور البناء، ومن الطبيعي في هذه الحال أن لا نجد الكثير من تطبيقاتها حتى عند أصحابها أنفسهم.


وقال حب الله: أظنّ أنّ الذي يدفع مثل السيد الصدر إلى الخوض في مجال التفسير الموضوعي، هو هذه النزعة الواقعيّة؛ لأنّ الموضوع في كلمة التفسير الموضوعي يُقصد به الواقع في مقابل الذات، بحسب الإصطلاح الفلسفي في الفلسفة الحديثة والمعاصرة، أي أنا أذهب إلى الموضوع الذي هو الخارج، ثم آخذ منه مشكلته لأعرضها على النصّ؛ فالذهنية هنا هي ذهنية إنسان يريد أن يحلّ مشكلة، أو يحقّق تكاملاً على أرض الواقع، وليست ذهنية إنسانٍ يريد فقط أن يفكّك نصوصاً أو يحلّل كلمات أو يقارب مقاطع لفظية.


وأكد حب الله حول مدي توفيق السيد الشهيد الصدر في إستخدامه منهج التفسير الموضوعي لحل المشكلات المعاصرة علي أنّ التجربة التي خاضها السيد الصدر في مجال التفسير الموضوعي لا تسمح لنا بأن نتحدّث عن نجاح أو إخفاق مطلقين، أي لا نستطيع أن نملك جواباً حاسماً على هذا الموضوع؛ لأن الأعمال التي قدّمها في هذا المجال كانت محدودةً جدّاً، هناك بدايات أولى ومراحل جنينيّة أطلقها الصدر هنا؛ فما وفّق فيه هو؛ أولاً: إثارة هذا الموضوع؛ فإنّ طرحه كان حاجةً، وكان خطوة مميّزة في سياق تطوير الدرس القرآني عموماً وثانياً: محاولة التفكير في تعريفه؛ لأنّ الكثير من مشاكلنا تنتج عن عدم تحديد المفاهيم بدقّة، وقد حاول السيد الصدر في جملة وافرة من كلماته أن يحدّد بدقة ما هو المقصود من هذا النوع من التفسير؟ وما هي الحاجة إليه؟ وما هي ضرورات تكوّنه في وعينا الإسلامي.


يقول "السيد منذر الحكيم"، من تلاميذ الشهيد الصدر: أن من خصوصيات منهج وطريقة آية الله العظمى الشهيد السعيد "محمد باقر الصدر"(قدس الله نفسه الزكية) في التفسير الموضوعي الإستعانته بالتعاليم القرآنية في المواد الأولية وهيكل جميع المباحث والأفكار التي تجعله رائدا أمام سائر المفسيرين الموضوعيين كما أن الجمهورية الاسلامية الايرانية مديونة للحراك ونشاط القرآني والفكري للسيد الصدر وأعتبر قمة الإبداع للشهيد الصدر في مجال التفسير الموضوعي بأنها تتمثل في العبور من مرحلة التنظير وتقديم هيكل للنظام الإجتماعي مضيفا: إن الجمهورية الإسلامية مديونة للحركة العلمية والمتنامية مع الزمان لهذا الشهيد الجليل.


الدور الفاعل لأطروحة التفسير الموضوعی لدی الشهيد الصدر فی كيفية قرائتنا للنص القرآنی


يعتقد الأستاذ الدكتور علي العلي: كانت لأطروحة التفسير الموضوعي لدي الشهيد الصدر دور فاعل في كيفية قرائتنا للنص القرآني وأيضا المفردة القرآنية هذا من جهة ومن جهة ثانية بناءا علي ضوء الأسس المنطقية أو الأسس والسنن التاريخية التي تأتي في القرآن وإلتفاته لمفاتيح قرائة الزمن وقرائة القرآن أو أنه كيف يخاطبنا القرآن في هذا الزمن أو الزمن الماضي أو في الزمن اللاحق، أعطي المفتاح الذي ممكن أن نفتح بوابات علاج القرآن للمشكلات التي نعيشها في هذا الزمن أو ماتلانا من زمن أو مايلحق، فنجد أن ماقام به الشهيد الصدر أنه أعطانا المفاتيح التي ممكن أن نستلهم من خلالها البوابات والكنوز التي ممكن أن يعطينا القرآن رؤية فيها لعلاج مشاكلنا المعاصرة.


 الشيخ محمد مهدی الآصفی: 
الدراسات القرآنية لاتستغنی عن التفسير الموضوعی الذی أبدع فيه الشهيد الصدر(ره)‌ لأن المفسر حينما يفسر القرآن تجزيئيا وتدريجيا يفوته كثير من المسائل القرآنية المتعلق بالآية التی فی موقع البحث ولكن عندما يجمع الآيات المتعلقة بموضوع واحد فی مكان واحد ويسلط عليها الضوء جميعا يفهم من الآية ما لايفهمه فی غير هذه الحالة
وحول الإبداع الذي طرحه الشهيد الصدر يقول العلي: أن الشهيد الصدر قدم الأطروحة وأعطانا النظرية وطبق هذه النظرية من خلال تفسيره الموضوعي، بعبارة أخري أسس أستاذنا الشهيد الصدر رؤية نظرية.. طبقها من خلال بحوثه العلمية، كما في شرحه للأصول الفقه وبنائه لتأسيس أصول الفقه، أعطانا النتيجة التي ممكن من خلالها نتعامل مع القرآن ومن هنا نجد أن الشهيد الصدر قدم لنا منظومة متكاملة تقصد تجربة التعاطي مع المشكلات المعاصرة ومن ثم يبقي الدور علينا نحن أن نستلهم هذه الإبداعات ونفعلها في الواقع الإجتماعي.


الشهيد الصدر؛ مبتكراً فی تدريس التفسير الموضوعی فی الحوزات العلمية


أكد الشيخ "محمد الحسون" مدير مركز الأبحاث العقائدية في قم المقدسة أن آية الله الشهيد الصدر كان مبتكراً في درس التفسير الموضوعي وهو بإعتباره كمرجع حينما ألقى محاضرات في تفسير القرآن الكريم جاء بشئ جديد وأمر مبدع، لأن الفضلاء والمجتهدون كانوا في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف يهتمون بالتدريس في الفقه و الأصول.


ويستمر قائلا: لكن يطرح سؤال هنا، هل أن مراجع الدين كانوا يدرسون تفسير القرآن؟ أنا أقول لا، يعني مراجعنا كانوا يدرسون الفقه والأصول و هنالك دروس لتفسير القرآن من الأشخاص الآخرين وليس من قبل المراجع، يعني آية الله العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي لم يتصدِ المرجعية و لم يكن مرجعاً، ولكنه استطاع أن يدرس تفسير القرآن وألّف تفسيره الخالد الباقي "الميزان في تفسير القرآن" وهذا التفسير الان يدرس في الكثير من الجامعات الاسلامية والعالمية لغير أتباع مدرسة أهل البيت(ع) ونحن في عدة مؤتمرات حينما نلتقي بالكثير من إخواننا من أتباع مدرسة الصحابة يقولون نحن ندرس تفسير الميزان، والشهيد الصدر بإعتباره كمرجع حينما ألقى محاضرات في تفسير القرآن جاء بشئ جديد، لأنه حينما يأتي مرجع ويدرس تفسير القرآن أو يلقي محاضرات في تفسير القرآن كان هذا هو الشئ الجديد خاصةً في حوزة النجف الأشرف لأنه كان في الحوزة من العيب أن المجتهد يرتقي المنبر ويلقي محاضرات والفضلاء والمجتهدون يجب أن يهتموا بالدرس والتدريس في الفقه و الأصول.


أكد الدكتور "محمدعلي آذرشب"، أستاذ اللغة العربية وآدابها ‏بجامعة طهران، أن الشهيد الصدر (ره) أولى إهتماما للقلب والقضايا الشهودية وكذلك ‏العرفان العملي، حيث بيّن مواضيع شيقة في مجال التلفيق بين العقل والقلب والفكر والعرفان.


يصرح المفكر السعودي، "الشيخ حسين صالح العايش": لعل اختيار الشهيد الصدر للسنن التأريخيه في القرآن أعظم شاهد على توفيقه إذْ لفت إنتباه المجتمع ككل بأن يعي مسؤليته التأريخية وأن يقوم بدوره لئلا يشمله ما شمل الأمم السابقة من التقصير في مسؤولياتها تجاه القادة والمجتمع.


الدور المحوری للتاريخ فی التفسير الموضوعی عند الشهيد الصدر


يقول رئيس موسسة التراث النجفي في العراق "د.حسن عيسي الحكيم": أن آية الله العظمي الشهيد السيد محمد باقر الصدر كانت له معلومات واسعة في مجال التاريخ وهذه المعلومات القيمة ساعدته في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم وتحليل موضوع أسباب نزول القرآن، بحيث نستطيع أن نقول بأن للتاريخ دوراً محورياً في التفسير الموضوعي للقرآن عند الشهيد الصدر.


ويستمر قائلا:‌ الواقع أنه هنا ما نسمي بتفسيرات التاريخ، يعني التاريخ له تفسيرات عديدة مرة هو يفسر التاريخ تفسيرا دينيا عقائديا ونسميه نحن المورخون في مسألة مشيئة الله فوق كل شئ، الله هو محرك التاريخ والدين هو محرك التاريخ، هذا الجانب من فلسفة التاريخ ويحاول السيد الشهيد الصدر أن يأتي بتفسيرات أخري هذا ما نسميه في التاريخ التفسير المركب يعني هذا التفسير الجامع يشمل الجانب الاقتصادي، الجغرافي والجانب الاجتماعي ويحاول الشهيد الصدر أن يربط بين التفسير الديني والتفاسير الاخري من خلال البحوث التفسيرية.


ويؤكد "الشيخ حسن كريم ماجد الربيعي" الأكاديمي والحوزوي والاستاذ في الجامعة الإسلامية في النجف الاشرف علي أن آية الله العظمي الشهيد السيد محمد باقر الصدر اهتم في أواخر حياته إلي مسألة السنن التاريخية في القرآن الكريم وأكد أن هذه السنن من المؤثرات في حركة المجتمع والأمم وتطور التاريخ.


 

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع