شارك هذا الموضوع

مدرسة الخميس منارة راسخة مشعة من منارات هذا الوطن الغالي

أود أن أعبر لكم جميعا ولمدرستي الحبيبة عن بالغ فرحتي وسروري على منحي هذه الفرصة الجميلة للاحتفال معكم باليوبيل الماسي لتأسيس هذا الصرح التعليمي الذي ساهم بسخاء في نشر العلم والمعرفة في مملكة البحرين.


إن مدرسة الخميس ستبقى منارة راسخة مشعة من منارات هذا الوطن الغالي منارة من منارات التربية والتعليم والهداية لمستقبل أبنائنا ووطنا الحبيب.


يرتبط اسم هذه المدرسة " مدرسة الخميس " بعمق تاريخ هذا الوطن وطن بني وائل وطني أوال. كما يرتبط اسم هذه المدرسة بعروبة وإسلام إقليم البحرين الكبير، والنشاط الاقتصادي لأهــالي " البلاد القديم " التي غطتها إشعاعات هداية هذه المدرسة والتي اشتق اسمها من اسم سوقهم الأسبوعي المعروف " بسوق الخميس ".


كما يرتبط اسم هذه المدرسة بخالص النخب ولب الصفات لأهل البحرين أهل امرؤ القيس وطرفة بن العبد وأبي العلاء الحضرمي وغيرهم من رجالات التاريخ المعروفين منذ السنين بالعزة والكرم والثبات على مبادئ الإيمان والعدل والتواضع وأن منارتي مسجد الخميس لشهادة واقفة وثابتة تناطح التاريخ.


إن لمكان هذه المدرسة وذكراها رائحة عبقة في نفسي ... لا ترهن نفسها للنسيان وإن هذا المكان كل ما مررت به أو سمعت باسمه يستثير ذاكرتي ويجعلني عرضه للوقوف والتأمل في الصورة الأولى لأول يوم دراسي في حياتي من عام 1950م حين استطعت أن أضع أولى خطواتي على طريق الحياة الكريمة حينما التحقت بالمدرسة وتستمر ذاكرتي في هذا المكان معي كل ما انتقلت من مرحلة تعليمية إلى مرحلة تعليمية أخرى بغض النظر عن موقعها الجغرافي.


إن ذكرى هذا المكان تعيش في مخيلتي كمكان حي لا يمكن نسيانه أو تناسيه فهو مرتبط معي بأشيائي الصغيرة ومثلي مثل غيري من بني الإنسان خلقنا للعلم والعمل والعطاء.


فالمدرسة مكان له ذاكرة طفولية وطموح مكان التفاعل الأولي للإنسان مع عناصر الحياة وتشكل الشخصية  وكلنا بني الإنسان كلما شغلتنا أمور الحياة ازددنا شوقا إلى أيام طفولتنا الأولى.


نحن نسجل اليوم فخرنا واعتزازنا بمرور خمس وسبعين عاما على شروق شمس العلم والتربية الذي ترك صورا جميلة في ذاكرتنا والمكان الذي فيه التقينا بأخلص أصدقائنا وتعلمنا فيه الخطوات الأولى للسير على الطريق وتعلمنا الانتظام والحب والولاء والجد الممزوج بصورة اللعب والمرح وصورة الشقاوة فبين جدران هذه المدرسة تشكلت الخطوط الأولى لمستقبلنا ودرب حياتنا الذي نقشنا ملامحه العريضة على مقاعدها الخشبية وسبوراتها السوداء وكراساتها العتيقة في شكلها والغنية في مضمونها.


فبسبب هذه المناسبة الخالدة تنتعش ذاكرتي الآن كثيرا وحينما شرعت لاسطر هذه الكلمات بدأت استرجع صور طفولتي البريئة وصور زملائي الطلاب ووجودهم الصغيرة والأحلام الكبيرة التي كان كل منا بحلمها دون إدراك أو ارتباك حول شواردها أو معضلات تحقيقها.


إن إحياء العيد الماسي لتأسيس مدرسة الخميس هذه المنارة التعليمية سبب لنا هذه الذكرى الطفولية الجميلة وأثار فينا واعز العطاء والعرفان بالجميل للشموع التي كانت تزيح غبار الظلمة عن طريقنا بتفان وحب وإخلاص. أولئك الرجال الذين شدوا سواعدنا لتقوى على كتابة الحروف الأولى من رسالة الحياة أولئك المربين الذين علمونا أول آية نزلت على رسول الهداية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم " اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق،اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم " وبفضل توجيه أولئك المربين الأفاضل- يرحم الله من مات منهم وادخله فسيح جناته ورضوانه – وبفضل وصدق عملهم تمكنا من تحقيق بعض من طموحاتنا وبفضلهم وعزيمتهم اهتدينا بقوله تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم والمؤمنون " وإن نجاحنا في الحياة ما هو إلا تتويجا لصدق رسالة وعمل أولئك المربين الكرام فتحية لإدارة المدرسة وللمعلمين والعاملين ولكل أولئك المخلصين الذين بقوا في الذاكرة متوهجين.


فإننا نحتاج إلى دراسة التاريخ لنستلهم الروح المعنوية من أمجادنا وندرس أخطاء أسلافنا لكي نتحاشاها ونجاحاتهم لكي نستفيد منها في حاضرنا ومستقبلنا.


تأسيس مدرسة المباركة العلوية


مثل بقية بلدان العالم العربي والإسلامي فقد بدأ التعليم في الكتاتيب وفي الحوزات الدينية. ولا شك أن جل إن لم يكن كل المتعاطين بعملية التعليم في الكتاتيب والحوزات كانوا من رجال الدين، ملالي ومشايخ. ومن المساجد التي احتضنت في حلقات التعليم مسجد الخميس والخواجة ومؤمن بالمنامة وسيد فلاح والخضر بالسنابس والمشرف بجدحفص وغيرها. لقد كان الاهتمام في هذه الكتاتيب والحوزات بتدريس اللغة العربية وعلوم الدين.


ولقد ابتدأ التعليم النظامي في البحرين بافتتاح مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق. وذلك خلافا لما هو متبع في كل أنحاء العالم حيث تكون بداية التعليم النظامي بالعاصمة.


وقبل الشروع في إنشاء المدرسة المباركة العلوية كي تستقبل أبناء بلاد القديم والسنابس وجدحفص والديه وكرباباد وحتى أبناء عالي وبوري والمدرسة الجعفرية لتستقبل أبناء المنامة ( العاصمة )، فلقد تكررت مطالبة الأهالي للحكومة بالمعاملة بالمثل أي افتتاح مدرسة في المنامة ومدارس في القرى أسوة بالمحرق ولكن تلك المحاولات لم تجد نفعا. فلقد تمت الاتصالات مع المسئولين ومن ضمنهم المستشار البريطاني تشارلز بلجريف الذي اعتاد ان يتردد على حسينية بن خميس ويستمع إلى الحاج احمد بن خميس وغيره من وجهاء الطائفة الشيعية. كما جرت كذلك اتصالات تحريرية ففي 26 أكتوبر 1923م اجتمع كبار العلماء والوجهاء أمثال سيد إبراهيم كمال الدين وشيخ أحمد بن حرز وشيخ عبد الله المصلي في حسينية بن خميس وحرروا عريضة رفعوها إلى ولي العهد آنذاك الشيخ حمد بن عيسى (الأول) وقد وقعها 328 مواطن طالبوا فيها  ( من ضمن عدة مطالب ) بإنشاء المدارس لأبناء وبنات البحرين دون تمييز. وكان على رأس الموقعين الأعيان:


1- أحمد بن خميس
2- سيد أحمد العلوي
3- علي بن حسن المسقطي
4- عبد الرسول بن رجب
5- أحمد السماك
6- محمد الدرازي


ولقد أفرجت السلطات البريطانية عن الوثيقة في 15/2/1988م ونشرتها مجلة المواقف.


روى والدي- رحمه الله - أن المستشار البريطاني تشارلز بلجريف قال لجدي الحاج أحمد بن خميس في احد المرات التي كرر فيها المطالبة بالمدرسة لأبناء الشعب:


 " انته حاج احمد اهتم بأولادك بس، طرشهم الهند يتعلموا، ويش عليك بأولاد الشعب ". ولما يئس الجماعة من استجابة السلطات قرروا عام 1925م الاعتماد على الله وثم على أنفسهم في اقامة المدرستين المباركة العلوية بمنطقة الخميس والجعفرية في المنامة. يقول الأستاذ علي بن إبراهيم عبد العال في المقابلة التي أجريتها معه في 6/1/2003م : ( نقلا عن عبد الحسين المخرق والحاج عبد الرسول بن محمد مال رأس رمان وإبراهيم بوكمال وجاسم كانو ذكروا أن الحاج أحمد بن خميس هو زعيم هذه المحاولة وله الباع الطولي في المساهمة بل هو الكل في الكل ).


وفيما يلي أسماء الهيئة التأسيسية والإدارية لمشروع إنشاء وإدارة المدرسة المباركة العلوية:
1- الحاج أحمد بن خميس
2- السيد أحمد العلوي
3- الحاج علي السماهيجي
4- السيد محمد السيد حسن الماحوزي
5- الحاج حسن بن عبد الله البصري
6- الحاج إبراهيم عبد العال
7- الحاج سلمان بن سليم
8- إبراهيم المدحوب


لقد تم التحقق من هذه الأسماء من الروايات المذكورة من قبل كل من الحاج حسين بن أحمد بن خميس والحاج عبد المهدي البصري والأستاذ إبراهيم عبد العال. هذا وليس لدينا بيان تفصيلي عن المبالغ المحصلة ومجالات صرفها. إذ ليس معروفا كم تم تخصيصه لإقامة البناء الذي تكون بادئ ذي بدء من صفين فقط. وكم تم صرفه لشراء الكتب والقرطاسية وتكلفة نقل الهيئة التعليمية وروايتهم أو كم تم إنفاقه على الشؤون الإدارية والصيانة والنثريات. بعض الروايات تحدثت عن 25000 روبية ( خمس وعشرين ألف روبية ). ولكن هذا يبدو رقما كبيرا بمعايير ذلك الزمن. إذ أن نفس الروايات أشارت إلى أن رواتب المعلمين كانت 15 روبية شهريا فقط أي 180 روبية سنويا وذلك معقول جدا إذا أخذنا بعين الاعتبار القوة الشرائية للعملة، فمثلا كان سعر كيس الرز ( الغذاء الرئيسي ) ذو الخمسين كيلو لا يتعدى 5 روبيات فقط.


الهيئة التعليمية
لم تختلف الروايات على أن رئيس الهيئة التعليمية أي مدير المدرسة المباركة العلوية هو الأستاذ عبد الكريم آل بن جمعة وأن مدير المدرسة الجعفرية هو أخوه الأستاذ محمد سعيد آل بن جمعة. لكن من غير المؤكد عدد أعضاء البعثة التي تم استقدامها من العراق لكل المدرستين ولا أسمائهم طبعا عدا الأخوين الأستاذين عبد الكريم ومحمد سعيد ومدرس عراقي آخر اسمه دياب عباس والذي قام بالتدريس بالمدرسة العلوية.


كيف تم التعرف على اعضاء الهيئة التعليمية؟ يرجع الأستاذان الإخوان عبد الكريم ومحمد سعيد آل بن جمعة إلى بلاد القطيف الواقعة على الساحل الشرقي من الجزيرة العربية. وهما من أبناء أمراء القطيف قبل احتلالها من قبل آل سعود في العقد الأول من القرن العشرين. ولقد فرت عائلة آل بن جمعة إلى العراق وأقاموا ببغداد وكانوا على علاقة مع ملوكها من الأشراف الذين حكموا الحجاز التي تم احتلالها من قبل آل سعود أيضا. ولقد كان الحاج أحمد بن خميس على معرفة بآل بن جمعة من قبل حيث اعتاد أن يشتري محصول القطيف من اللؤلؤ. ولقد عرفنا من الأستاذ محمد سعيد آل بن جمعة اثناء زيارته للبحرين عام 1963م أن الرئيس جمال عبد الناصر قد توسط لآل بن جمعة لدى الملك سعود عام 1956م الذي وافق على إعادة أملاك آل بن جمعة إليهم.


لقد تعلم آل بن جمعة في مدارس العراق لكن لا علم لدينا بمستواهم الدراسي أو ما اذا كان لديهم خبرة سابقة في حقل التعليم. لكن المؤكد أن ثقافتهم كانت ممتازة ويستدل على ذلك أنهم استطاعوا إرساء أسس المنظومة التعليمية الحديثة في المنطقة على الرغم من صعوبة الظروف وقلة الموارد وقصر الفترة التي قضوها. فلقد بذلوا في عملهم جهدا وإخلاصا نادرين ولا غرو فلقد كانوا من العراق مملوءين حماسا وأفكارا من معين النهضة العربية التي ألهبت في العراق ثورة العشرين.


والجدير بالذكر ان الأستاذ محمد سعيد آل بن جمعة كان شاعرا وسنروي لاحقا شيئا من أشعاره.


لقد تم استئجار بيت الشيخ علي بن محمد بن عيسى آل خليفة بالسنابس لإقامة الأستاذ عبد الكريم وباقي البعثة التعليمية العراقية و أقاموا في كنف الحاج أحمد بن خميس ورعايته.


أما مواصلاتهم من والى المدرسة فقد استعملت الدواب لذلك إذ لم تكن السيارات متوفرة أو الشوارع مرصوفة. وبالإضافة الى البعثة العراقية فقد كان هناك كادر تعليمي بحريني يتكون من الأساتذة الأفاضل:
1- ملا أحمد حسن سلمان مرهون : من السنابس وقد قام بتدريس مواد الحساب والقراءة العربية والدين.


2- الحاج مسعود بن سند : من جدحفص وقد قام بتدريس الدين.
3- الملا عبد الله البلغة : من جدحفص وقد قام بتدريس القرآن ولما كانت له شعبية بين الأهالي فقد بذل جهدا كبيرا لطمأنتهم وإزالة عقدة الخوف من نفوسهم وترغيب الأولاد في الالتحاق بالمدرسة.


مبنى المدرسة المباركة العلوية
تجمع كل الروايات على أن المبنى الأساسي للمدرسة تكون من غرفتين منفصلتين فقط استعملتا كصفين دراسيين ولم يكن هناك سور للمدرسة ولا رواق ولا دورات مياه. ولقد كان ماء الشرب من عين أبو زيدان القريبة من المدرسة والتي كانت تحفظ في جحلة ( زير) كبيرة.


ومع ازدياد أعداد الطلبة عاما بعد عام فقد استمر بناء صفوف إضافية حتى أخذت شكلها النهائي مبنى مكون من ثماني غرف ورواق مفتوح ولقد تم البناء باستخدام المواد التقليدية السائدة وهي الحجارة والجص ولقد تم تبييض الحيطان بالنور. أما السقف فقد استعمل النقور والدنشل في إنشائه ولازال كذلك عدا سقف الغرفة الشمالية الغربية فهي مسقفة بمواد مختلفة مما يوحي بأنها أنشئت في فترة متأخرة نسبيا أو إن سقفها الأصلي تم استبداله.


ولقد اخبرني الأستاذ علي بن إبراهيم العالي ان وزير التربية الأسبق  الدكتور علي بن محمد فخرو كان قد اتخذ قرارا بإزالة المبنى بسبب تداعيه غير أن الأستاذ علي بن إبراهيم العالي قد ترجاه بصرف النظر عن إزالته والقيام بترميمه والحفاظ على طابعه الأصلي لأهمية الدور التنويري الذي لعبه هذا المبنى وذلك أسوة بما تم من قرار المحافظة على مبنى مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق. ولذا عزف الوزير علي فخرو عن قرار الهدم ولكن لم يتخذ أي شيء بخصوص الترميم. ولقد علمت لاحقا عن عزم اليونسكو مشكورة على القيام بصيانة المبنى واعتماده كمكتبة عامة وذلك في مايو  عام 2003م.


طلاب المدرسة الرواد
يروي الأستاذ علي بن إبراهيم العالي وأكد ذلك الحاج عبد الحسين جاسم آل ربيع أن عدد الطلاب سنة افتتاحها عام 1926م قد بلغ ستة عشر بمعدل ثمانية لكل صف. هذا وقد اخبرني الأستاذ علي بن إبراهيم أن معظم الطلاب هم من أبناء السنابس. على أي حال فيما يلي أسماء الطلبة الذين التحقوا بالمدرسة المباركة العلوية أثناء البعثة العراقية:
أولا : من البلاد القديم :
1- سيد رضي الموسوي
2- سيد محمد صالح الموسوي
3- علي بن إبراهيم عبد العال
4- احمد علي مدن المدني
5- محمد علي البصري
6- خلف إبراهيم خلف
7- علي عبد الله المقابي
8- محمد علي سلمان عبد العال
9- عبد الحسين إبراهيم عبد العال
10- صالح المدحوب
11- محمد علي الجشي
12- مهدي عبد الوهاب بن شعبان
13- جمعة عبد الوهاب بن شعبان


ثانيا : من السنابس :
1- حسين أحمد خميس
2- مهدي احمد خميس
3- محمد علي خميس
4- علي احمد خميس
5- علي حسن خميس
6- ميرزا عيسى خميس
7- علي عيسى خميس
8- خليفة مدن المصلي
9- إبراهيم حبيب طريف
10- سيد علي سيد حسن العلوي
11- سيد عبد العزيز سيد حسن العلوي
12- أحمد بن عبد الرسول
13- عبد الله بن عبد الرسول
14- أحمد عيسى مرهون
15- علي عبد الله سلمان


ثالثا : من جدحفص :
أحمد بن الشيخ علي الحكيم


المواد والأنشطة والمستوى العلمي
1- عدد السنوات الدراسية : ضمت المدرسة أربع سنوات ابتدائية فقط.
2- المواد والحصص : اشتملت الدراسة على المواد التالية : القرآن الكريم – الدين – اللغة العربية – الحساب – الرياضة البدنية – النشيد والموسيقى – الخط العربي – المحفوظات.
واضح غياب تدريس اللغة الانجليزية ويعزى ذلك لسببين هما : اعتبار الأهالي أن اللغة الانجليزية هي لغة النصارى فكانوا يخافون من تحول أولادهم إليها إذا ما تعلموا لغتهم. والسبب الآخر تخوف الأهالي من تجنيد أولادهم للحرب بعد تعلمهم اللغة الانجليزية.
على أي حال فليست اللغة الانجليزية هي وحدها المغيبة فان مواد أخرى تدرس في المرحلة الابتدائية لم تكن ضمن المواد وهي العلوم والجغرافيا والتاريخ والتربية الفنية. كما أن دراسة الرياضيات قد اقتصرت على الحساب فقط. ربما يكون السبب في الاقتصار على تدريس المهارات الأساسية هو قلة الموارد. ويلاحظ أيضا اعتبار مواد فرعية على أنها مواد مستقلة فالقرآن الكريم اعتبر مادة منفصلة عن الدين والخط العربي والمحفوظات اعتبرتا مادتين منفصلتين عن اللغة العربية.


أما الحصص اليومية فقد كان عددها ست حصص ولم يكن للمدرسين جدول منظم.
الأنشطة : تم إدخال النشاط الكشفي وكانت تجرى الاستعراضات الكشفية والمهرجانات والأناشيد الحماسية. كما كان هناك اهتمام خاص بالأدب والخطابة والمناظرات الأدبية. ولشدة اهتمام الإدارة بالأدب فقد جرى تدريس المعلقات للطلبة ولك أن تتصور مدى الطموح القائم حيث تدرس مثل هذه الأدبيات الكلاسيكية لطلاب لم يكملوا حتى المرحلة الابتدائية.


الكتب والقرطاسية : بخلاف كتاب " القراءة الرشيدة " وهو الكتاب المستخدم لمادة المطالعة العربية فلم يكن هناك اي كتب أخرى. فقد كان الطلاب ينقلون المواد الدراسية من السبورة. وقد تم صرف الكتاب المذكور والقرطاسية مجانا إضافة لبدلات الكشافة.


 من الأناشيد والأشعار المدرسية للأستاذ محمد سعيد آل بن جمعة
تقدم أن ذكرنا ان الأستاذ محمد سعيد آل بن جمعة مدير المدرسة الجعفرية واخو الأستاذ عبد الكريم كان شاعرا ضليعا ولقد أتحف المدرسة بباقات عطرة من أشعاره نورد منها :
نشيد بمناسبة زيارة طلاب المدرسة الجعفرية للمدرسة المباركة العلوية:قام طلاب المدرسة الجعفرية بزيارة للمدرسة المباركة العلوية  لإقامة حفل مشترك أقامته المدرستان وعند وصول طلاب الجعفرية انشدوا قائلين:
 
أيها الطلاب في سوق الخميس
لكم ألف سلام واحترام


نحن طلاب علوم الجعفرية
قصدنا اليوم نزور العلوية


ولنا في النفس حاجات خفية
سوف نبديها لدى الربع الدريس(1)


فرد عليهم طلاب المدرسة المباركة العلوية منشدين :


مرحبا أهلا بطلاب المنامة            وعلى الرحب لكم منا الكرامة
زرتمونا وبكم زار الهنا              واعدتم ذكر ماضينا هنا
يوم كان المجد فينا ولنا               شرف لا يبلغ العيوق هامه
نحن أهل الريف سكان القرى         طبعنا الجود وإسداء القرى
إن يكن قل بأيدينا الثراء             فلنا الثروة قدما والزعامة
سائلوا جدحفص عنا والقديم           كم لنا فيما مضى قام زعيم
ساد بالمجد وبالفضل العميم             وله قد عقد الدين الإمامة
واسألوا عنا المصلى كم حوى              بدر علم في محانيه ثوى
واسألوا المشهد كم فيه انطوى            طوى مجد إن كبا المجد أقامه
نحن في مدرسة بين التلول               ترفع من دارس المجد دعامة
هكذا الآباء في قرن مضى                   وجدير بعدهم أن ننهضا


(1) الربع الدريس : المكان المتهدم المهجور.



قصيدة في الفخر والحماس: يا بني البحرين :
يا بني البحرين هبوا للعلا            وارفعوا رؤوسكم بين الملا
لكم العلياء كانت أولا              فأعيدوها إليكم من جديد
نحن عبد القيس(1) معروف النسب         ولنا القدح(2) المعلا في الحسب
سائلوا عنا تواريخ العرب          كم لنا فيها من الذكر المجيد
أو ليست دار كليب(3)  ذو الحمى              وهو أبونا دون ريب
نسب زاكي سما عن كل عيب            طارف المجد حواه والتليد
والفينيقيون(4) هم أعلى الجدود             هذه الآثار في عالي شهود
قبلهم من ساد أو قاد الجنود            وأبان العلم في الماضي البعيد
فمتى نحن كما سادوا نسود            ومتى نحن لماضينا نعود
ومتى نكسر أغلال الجمود         فهي في الأعناق أقسى من حديد
إنما سادوا بعلم و وفاق              و فشى الجهل بنا والانشقاق
فغدى بدر علانا في محاق         فارعوا كي لا بنا الخطب يزيد
هكذا الآباء كانوا في القديم                 فتراهم وهم اليوم رميد
ذكر علياهم على الدهر مقيم               وهو في ألسننا اليوم نشيد


(1) عبد القيس : قبيلة عربية بطن من ربيعة بن معد.نزحت إلى البحرين ودخلت إلى الإسلام عام 728م واشتركت في حروب الفتح.
(2) القدح : السهم أو الحق، والقدح المعلا : النسب الرفيع.
(3) دار كليب : قرية من قرى البحرين وكليب هو كليب بن ربيعة التغلبي سيد بني ربيعة في الجاهلية.
(4) الفينيقيون : شعب سامي اشتهر بالتجارة وركوب البحر واختراع الحروف الأبجدية هاجروا إلى لبنان في القرن 28 ق.م وازدهرت لديهم صناعة الصوف والفخار ويقال أن المقابر المنتشرة في عالي هي من آثارهم.


 خاتمة
في نهاية العام الدراسي 1928/1929م أقامت المدرسة المباركة العلوية المهرجان الختامي وقد حضرته الهيئة التأسيسية والعلماء والشخصيات الرسمية ومن ضمنهم المستشار البريطاني تشارلز بلجريف والمفتش بمديرية المعارف فايق أدهم حيث ألقى الطلبة الخطب وأنشدوا والأناشيد ووزعت الجوائز على الفائزين.


وفي نهاية الحفل قدم المستشار البريطاني تشارلز بلجريف بإبلاغ الحاج أحمد بن خميس بقرار إلغاء خدمات البعثة العراقية وحظر استقدامهم للبحرين في العام الدراسي التالي. ولما سأله الحاج أحمد بن خميس عن السبب أجابه بأنهم ( أي البعثة العراقية ) قد رقوا أفكار الطلاب كثيرا. وفي اعتقادنا أن فايق أدهم الذي كان دائم التدخل في شئون المدرسة قد لعب دورا كبيرا في اتخاذ هذا القرار الجائر وإلا فكيف لتشارلز بلجريف الاستنتاج بأن البعثة رقوا أفكار الطلاب كثيرا وهو لا يكاد يتقن اللغة العربية؟. ومعروف أن فايق أدهم وأخوه كمال كانا في خدمة المخابرات البريطانية.


على أية حال فقد استبدلت البعثة العراقية ببعثة سورية من العام الدراسي 1929/1930م إلى العام الدراسي 1932/1933م . حتى تم تأميمها في العام الدراسي 1933/1934م حين عين لها مدير ومدرسون بحرينيون.


وبإنهاء خدمات البعثة التعليمية العراقية طويت صفحة ناصعة البياض لكن الشعلة التي أشعلوها في غياهب هذا الربع الدريس لا زالت مشتعلة تنير طريق الأجيال.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع