شارك هذا الموضوع

المصلحة العامة والمسئولية الاجتماعية

عبد الكريم حسن راشدمما لا شك فيه عندما تقتضي المصلحة العامة تسقط التنظيرات وشتات الرؤى، وتتجمع حزمة التفكير نحو الرأي الذي يكتنف المصلحة العامة الذي يحلحل ويلملم القضايا الاجتماعية في دائرة التحكم والسيطرة، كما تنبثق المسئولية الاجتماعية لاحتواء أي ظرف طارئ في المجتمع. 


كما أن منطق العقل والحكمة يكون سيد الموقف، لا منطق العاطفة ودغدغة المشاعر نحو الميل النفسي والمصلحة الشخصية. في حين أن كلا المنطقان يكونان بارزان، وتكون الغلبة للمنطق الأقوى. ويمكن تغليب منطق على آخر بحسب قوة الشخصية/الشخص الذي يباشر/يعالج/يناقش الموضوع مع أطراف/أفراد المجتمع، حيث أن الفروق الفردية في التفكير تتفاوت بطيف كبير وهذا يحتاج إلى شخص قوي وذا تأثير ومكانة بارزة في المجتمع، بالاضافة إلى نفس كبير في الاستمرار حتى بلوغ الهدف.


وحتى يمكن تحقيق المسئولية الاجتماعية لا بد من تحقق عناصرها/أبعادها وهي: اهتمام الفرد بالمجتمع، الفهم المتبادل بين الفرد والمجتمع، والمشاركة.


العنصر الأول من المسئولية الاجتماعية يكمن في حديث الرسول "ص" (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، حيث أن كل فرد في المجتمع مسئول ولا تقع المسئولية على عاتق أفراد دون غيرهم، وعندما يتأتى ذلك يعي الجميع أن مصلحة واحدة مشتركة تربطهم بهذا المجتمع مما يدفعهم إلى أداء واجب خدمته وحمايته وتطويره، كما يحل الأمن الاجتماعي وردع العبث في مقدرات المجتمع وحفظ أفراده من الضياع والشتات.


العنصر الثاني لا يقل أهمية عن العنصر الأول، بل الترابط بينهما واضح. الفهم المتبادل بين الفرد والمجتمع يعتبر أساس لعنوان الانتماء للمجتمع في العادات والتقاليد والمعتقدات والأعراف واتجاهات وميول المجتمع، باختصار الإطار العام للمجتمع بشتى اتجاهاته السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني.


ونستذكر هنا حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
 وفي حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وآله سلم ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)، وشبك بين أصابعه  .


أما العنصر الثالث المشاركة التي تعتبر مساهمة الفرد في المجتمع نحو تحقيق رؤى ومشاريع وغيرها من شأنها تميز المجتمع عن غيره، كما تخلق روح المنافسة بين الأفراد داخل المجتمع وترفع حالة التأهب والرغبة والحماس بينهم بعيداً عن المصلحة الشخصية. وهنا لا بد من تأصيل وتنمية ثقافة المشاركة لدى الأفراد لضمان استدامة عطاء المجتمع وديمومة التفاعل بين أفراده.


فإذا أمكن تحقيق العناصر الثلاثة يمكن غرس وتنمية المسئولية الاجتماعية لدى أفراد المجتمع وتحصينه من التيارات والمشكلات التي يتعرض لها من حين إلى آخر. كما نشير إلى أن المصلحة العامة لا تلغي المصلحة الفردية/الشخصية بل تتقاطع معها لأن الفرد ينتمي لمجتمعه، ولكن في بعض المواقف يتطلب تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية للصالح العام.


خلاصة القول، إن دعم العقلاء والأخذ برأيهم وهديهم هو السبيل الأوحد نحو تحقيق المصلحة العامة، وهو المسئولية الاجتماعية بعينها.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع