شارك هذا الموضوع

الغرب وفرامل القطار الإيراني الضائعة

الغرب وفرامل القطار الإيراني الضائعة



«انتهى بدون اتفاق لا على موعد أو محتوى قرار جديد في الأمم المتحدة ضد إيران». هكذا قالت الخارجية الأميركية عن لقاء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا الجمعة المنصرف للبحث في فرض عقوبات خامسة على إيران بسبب برنامجها النووي، وتحديدا عمليات التخصيب.


الاجتماع المذكور سبقه قيام محكمة فيديرالية أميركية بتوجيه 13 تهمة لثمانية أشخاص وهم إيرانيون وماليزيون وبريطانيون وألمان، ولثماني شركات مختلفة وهي جنرال تريدينغ، الفارس، مايرو جنرال تريدينغ، اتلنكس الكترونيك، فاست سوليوشن، ميكاتيك، مادجيكو مايكرو الكترونيكس، ندا اندستريال غروب، وإيكو بيوتشم.


التهم التي وجّهتها المحكمة هي بشأن تصدير تلك الشركات والأفراد معدات أميركية (سراً) إلى الجمهورية الإسلامية، تُستعمل لأغراض عسكرية كالعبوات الناسفة. والغريب أن لائحة الاتهام ذكرت بأن تلك المعدات وهي (120 نظاما لوجيستيا مُبَرمجا، وخمسة آلاف جهاز جي بي إس) قد تمّ شراؤها من السوق الأميركية في الداخل وشُحِنَت (جواً) إلى طهران عن طريق الترانزيت عبر دولة الإمارات وألمانيا وماليزيا وسنغافورة وبريطانيا.


على أيّة حال فإن هذه العقوبات قد يكون مآلها كسابقتها وتأقلم إيران مع هذا الواقع. وهو ما أقرّت به قبل شهر وزارة الخزانة الأميركية عندما قالت بأن الحكومة الإيرانية استطاعت أن تلتف بتخريجات مالية واقتصادية معقّدة عن العقوبات الدولية المفروضة عليها.


الأهم في كل ذلك هو الرجوع إلى دفوع اجتماع واشنطن المُشار إليه والذي فشِل فيه الملتئمون على الاتفاق بشأن الارتدادات السياسية لتقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الصادر في الخامس عشر من سبتمبر الجاري. والأهم من كل ذلك هو محتوى التقرير وبعض مفرداته.


فالتقرير أشار إلى أن عزل إيران «أدى إلى توقّف التحقيق فيما إذا كانت طهران أجرت سراً أبحاثاً بشأن طرق صنع قنبلة نووية» وبالتالي فإن هذه الإشارة تبدو مساراً سلبياً إلى جانب سلبية جدوى العقوبات، بعد تأقلم الإيرانيين معها. وهو ما يعني ضرورة إعادة النظر بشأنها وليس في أصلها على أقلّ تقدير.


القانونيون المعنيون بعمل الوكالة الدولية يلحظون ما جاء في تقرير البرادعي من الجنبة التقنية وليست السياسية والتي تتعاطى معها الدول دائمة العضوية، وسيرها بمحاذاة المسار المزودج حسب تعبير المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت وود.


وإذا ما تمّ الرجوع إلى متن التقرير، يُمكن الإشارة إليه (تقنياً وليس سياسياً) من خلال عرض النقاط التالية التي أبداها عدد من المراقبين القانونيين المواكبين لعمل الوكالة الدولية:


- أورد التقرير أن الوكالة لم تعثر على دليل واحد يُجرّم قيام الإيرانيين بأنشطة إعادة المعالجة المُركّزة في منشآتهم النووية. وقيامها (أي الوكالة) منذ نهاية أغسطس المنصرف بمعاينة وتفتيش مفاعل الماء الثقيل في منطقة أراك والإشراف عليه من خلال الصور التي تُزوّدها إياها الأقمار الصناعية.


- أورد التقرير أن كافة العناصر والمواد النووية المُستخدمة بمختبر تخصيب اليورانيوم في معمل نظنز بالإضافة إلى نطاق السلاسل بين معالجة اليورانيوم والمواد الأخرى خاضعة لإشراف ونظر الوكالة الدولية للطاقة الذرية.


- أورد التقرير أن الوكالة الدولية توصّلت إلى أن العيّنات المأخوذة من محيط مصنع التخصيب في معمل نطنز ومختبراته متطابقة مع سياسة الوكالة ونظام الأمان فيها، ومع ما تمّ الاتفاق عليه بينها وبين إيران، بالإضافة إلى خضوع المعمل المذكور للتفتيش المفاجئ منذ سنة وستة أشهر أي بالتحديد منذ مارس ما قبل الماضي.


- أورد التقرير أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قامت بإعطاء الوكالة الدولية الفرص الكاملة والكافية لمعاينة المواد محل القلق وأيضاً إلى تقارير التدقيق والحسابات لتلك المواد بهدف التيقّن من سلامة استخدامها في معامل الأبحاث.


- أورد التقرير إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قامت مطلع هذا الشهر بزيارة محطة بوشهر النووية وتفتيش الوقود المستنفذ فيها والتثبّت من أنه يُستخدم وفق المعايير الدولية. وأن الإيرانيين قدّموا في بحر الشهر الثالث من هذا العام ردوداً خطّية في مئة وسبعة عشر صفحة لتفنيد موضوعات أشارت إليها تقارير استخباراتية غربية.


- أورد التقرير أن ما خلُصت إليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو أنها لا تملك أية معلومات، ولا تستطيع أن تُثبت أن طهران قامت بتشييد تصميم ناجز بهدف صنع مُكوّنات لمواد نووية قد تُستعمل في السلاح النووي أو ملحقاته.


وإذا ما تمّ احتساب هذه النقاط أمام ما يقوله الأميركيون من وجود «عدد من روابط بين مشاريع إيرانية لمعالجة اليورانيوم واختبار مواد شديدة الانفجار وتعديل رأس مخروطي لصاروخ ليناسب رأساً نووياً» يُصبح مسار التقرير إيجابياً.


اليوم وبسبب تغيّر المناخ الدولي نتيجة أزمة القوقاز، لا أدري إلى أين تسير الدول دائمة العضوية تجاه الملف النووي الإيراني. وهل أنها ستكون أكثر اختلافاً من ذي قبل أم العكس.


فالدبلوماسية الأوربية تبدي قلقاً من الروس؛ لأنهم «ليسوا مستعدين للمضي قدما الآن، والصينيين ليسوا بعيدين عن التفكير الروسي، وعندما نصل إليه (أي القرار) فسيكون ضعيفاً جدا» حسب تصريح مسئول أوروبي. لكن الغالب أنهم سيصلون إلى نقطة اتفاق حول قرار ناعم كما جاء على لسان المسئول الأوروبي.



التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع