شارك هذا الموضوع

تجارب موكبية في سيرة رادود (15) - النجاح مرّة ثانية

النجاحُ والفشلُ خصمان قلَّ أن يلتقيا في عمل ... يغيب أحدهما ليحضر الآخر ... أحدهما يُلغي الثاني ... معاييرنا لهما مختلفة ... ذائقتنا لهما الأثر الواضح في تحديد العمل كنجاح أو فشل ... بحسب ما أرى النتائج في الأعمال تنقسم إلى ثلاث نتائج ...


نجاحٌ تام ... أو فشلٌ تام ... أو أمرٌ بينَ الأمرين بينهما ... العمل الناجح تتفق كلُ الأذواق على نجاحه ... كذلك الفاشل تتآزر جميع المشارب والتوجهات على فشله ... أما الثالث فهو جنس من العمل غائم الرؤية ... البعض يعده نجاحاً والآخرون يرونه فشلاً ... ويختلف بالطبع في نسبة نجاحه وفشله ...


ليلة الأربعين ... ليلة أن ألقيت قصيدة ... خويه العده يضربون وآني أسيرة ... ليلة تعد في النجاح تاريخية النجاح ... يندر حصولها بالتمام الذي حصلت عليه ... جو الليلة يُضفي على الموكب ميلاً إلى العاطفة المتحرّقة لإذكاء عبراتها على أحزان آل محمّد ...اللحن الذي سكبت فيه الكلمات لحنٌ بُكائي يستدرُّ الشجا من الحُلوق ... الكلمات تستعرض مأساة السيدة زينب (ع) من مقتل الإمام حتى دخولها مجلس الطاغية يزيد ...


مع أنَّ القصيدة لا تتجاوز أربعين بيتاً ... الحضور العام كان حافزاً على نجاح الموكب ... في زمنٍ يتحرق فيه المعزون إلى سماع الكلمة المؤثرة .. في الوقفة أدى (جعفر سهوان) دوراً مُتمماً للقصيدة بمقدمة تؤكد على التمسك بمواكب الإمام الحسين (ع) إلى الأبد ... إحنا يابو علي ما خنا العهد ... ولا بالفكرة نسيناكم أبد ...


ومع انفتال المُعزين من تجاوبهم مع أبيات مقدمته ينتقل منها إلى الوقفة الأساسية ... ودّوني ودّوني ... لحسين ودّوني ... بصوتٍ بكائي أيضا يلقيك في ساحة الحدث من شدّة أثره ...


ينتهي المعزون من جوابها ليحولهم هو نفسه على الهوسه ... اشلون ننسى لحسين وأنصاره ... يلقيها بعهدة (عبدالنبي الكداد) ... الذي بدوره أضاف لها بيتاً مُتمماً يقول ... واحنا عرفنا كربله غدّاره ... هذا التكامل في كامل الليلة لا يتوفر إلا في فلتات الحظ ...وهو توفيق من الله إذا كان للحظ معنىً حقيقي ...


مُقومات النجاح توافرت في جميع مرافق الموكب ... لو حرصنا على توفير هذا النجاح لما أوتيناه ... قصيدة المسير تدعم الوقفة ... والوقفة تدعم الهوسه ... ولقد كانت القصيدة الناجحة الثانية التي أبرزتني بعد جاسم ضحى بدمه ... وهكذا توفيق لا يتوفر إلا في كل عِدّة أعوام مرة واحدة تقريباً ...


(جعفر) بصوته الرخيم الحزائني يؤثر في القلوب ويخترقها ... لاحظت فيه جاذبية حين يستلم الموكب ... فحين يذهب موكب مأتم بن خميس للمنامة ... ويُشارك بموكبه في مأتم مدن ... وعندما استلم (جعفر) الموكب كانت قصيدته ... قرب الأمر وانشق وجه القمر ... يا طُغاة الزمان أينَ أينَ المفر ... صارَ موكبنا يجتذب الناس كما يجتذب المغناطيس بُرادةَ الحديد ... تلكَ لفتةٌ لم تكن خافية على المتابعين للموكب ... ولقوة الأداء كانت النفوس تسلس قيادها أينَ ما تسمعُ صوته ...


ولا زلت أستخدم الألحان العراقية (لحمزة الصِغَيِّر) وغيره وأطوعها في أسلوب (عبدالرضا النجفي) المُحبب إلى نفسي ...المستهل ضرورة أن يكون واضحاً بيّناً ... فلو قسمنا القصيدة بين الرادود والجمهور ... كان المستهل من نصيب الجمهور ... وباقي القصيدة من نصيب الرادود...


لكون الجمهور يعيش احتكاكا مباشراً معَ المستهل ... يُردده ويعيش كلماته ... ويحفظه ومن الطبيعي أن يعيش معه لسنوات ... إذا لم يكن العمر كله ... باقي القصيدة يرددها الرادود ويعينه عليها الجمهور ... على هذا وجب وضوح المستهل لفظاً ومعنى .


أخطأت كثيراً في مستهل في وفاة الزهراء (ع) ... والدي هل بلغت عن أذى الزهره ...مُفردة (بلغت) في محل مبني للمجهول ... يضطر المُردد أن يبلع حرف التاء بسرعة لينتقل إلى الكلمة التالية ... ما يجعلها صعبة اللفظ ...


يبدو واضحاً في التالي عدم وضوحها ... في التسجيل الصوتي طفلان يتساءلان ... يقول أحدهما للآخر هل ملا؟ ... تجربةٌ أضافت إلى معارفي إفادة ... مهم وضروري أن يكون المستهل واضحاً ليخدم القصيدة والموكب ... ويزيل الغبش عن الفهم .....

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع