شارك هذا الموضوع

تجارب موكبية في سيرة رادود (1) - بدايةُ المشوار

بدايةُ المشوار1979
في عام 1979 كُنتُ في الصف الأول الإعدادي ... في مدرسةِ جدحفص الإعدادية ... كانت الأرض على موعد مع حدثٍ فريدٍ من نوعه... الشيخ جمال العصفور رحمة الله عليه كان أستاذاً لنا في اللغة العربية والدين... ابتسامته الوردية الساخرة لا تُبارح منطقة الخيال من رأسي ... دخل علينا الفصل وتلكَ الإبتسامة تُشرق بين فكّيْه ... أدى التحية علينا فرددناها ... قال هل تعلمون ماذا هُوَ اليوم؟ ... وما الذي سيحدث؟ ... بالطبع لم نكن نعلم ... لهذا لم يجد إجابةً بالإيجاب...قال اليوم يصل آية الله الخُميني إلى إيران... كان الاسم غريباً وتسلسل أحرفه لم يألفها نُطقي ...ونحن كشُبّان في طور المراهقة غرباء عن هذا الجو...


قال: نعم الليلة يصل الخُميني إلى طُهران بعد رحلةِ نفي طالت لسنين ... وبعد غربة حافلة بالجهاد ... وانطلقت كلمات الشيخ الجريئة تُنوّر بصيرتنا بما يُحاول الآخرون تغييبه عنّا... هذا الشيخ الشهيد كانت الشجاعة تتفجّر من مواقفه... سَرَدَ لنا قصة السيد المُجاهد المُهجَّر من وطنه إلى العراق فتركيا ففرنسا ... وباتَ الخُميني صورة في أحلامنا تُداعبُ مراهقتنا...


في هذه الفترة كانَ من أصدقائي في الصف (عادل الموت)... أصطحبه إلى منزلهم لمرات... ويصحبني إلى بيت أقربائه... بيت الحاج (أبو أكبر)... هناك كانت الأقدار تنسجُ بداية المشوار الموكبي ... في ذلك البيت المتواضع... وبالإمكانيات البسيطة وفي زاوية من منزلهم الصغير... كانت حجرة خشبية صغيرة... يعشق الشباب الصغار فيها الإمام الحسين(ع)...


يبداؤون بالخطابة وينتقلون إلى عزاء اللطم كالكبار ... هذه هي طبيعة الصغار يُقلدون الكبار في كل حسن وسيئ ... ولله الحمد هانحن نُقلدهم في حسن ما بعده حسن... وإنك لترى الأطفال يهيمون بحب الحسين هيماناً فطرياً دون فلسفة مُعقّدة... ترى لهم في كل ركن من أركان القرية موكباً لا يفتر... وكأنَّ للحسين سلطانا يأسر القلوب من أول صباها إلى منتهاها...


في تلكَ الحجرة الخشبية المُغلّفة بالسواد من سقفها حتى قاعها ابتدأ التعلُّق والشغف بخدمة سيّد الشهداء(ع)... في تلك المرحلة الكثير ممن هُم ليسوا مؤهلين يمكنهم الإمساك بالميكرفون والإنشاد... الحاجة كانت تفرض قبول أي صوت من أي مستوى حتى لو كانَ مُتدنياً... ونحن كشباب قليلة تجاربهم يلذُّ لنا تجربة الميكرفون والوقوف أمام الجمهور وإظهار المقدرة الصوتية على آذانهم ...


كان الشباب ممن هم في سنّي يتسابقون إلى الإنشاد في موكب اللطم المتواضع الصغير ... كان الموكب لا يتجاوز عشرين فرداً أو أكثر بقليل... كانَ المُنشدون الصغار يعتمدون على كتاب المنظورات الحسينية للشاعر كاظم منظور الكربلائي... هذا الديوان هوَ الأكثر شهرة في أوساط المواكب على ما يبدو... لهذا الديوان أكثر من أحد عشر جزءاً مُتنوع البحور والمقاصد... تتناول المدح والرثاء...


قصائد القعدة التي يُمارسها العراقيون كثيراً ... وهي قصائد تُلقى على الجمهور حيث يُشارك الجمهور بالجواب فقط دون اللطم ... إلا أنَّ قفلات الفقرات قد تُناسب اللطم... كذلك يحتوي الديوان على قصائد اللطم المُتنوعة... لهذا الشاعر نفسٌ راقٍ في الإبداع الشعري... ولا يخفى على مُتتبع ديوانه ما له من تميّز...


كاظم منظور هذا من مواليد 1320هــ ... تعلّم القراءة وعمره 25 عاماً وهي دلالةٌ على صلابة إرادته في الوصول إلى ما يُريد... ويُنقل عنهُ أنّه أكثر ما يُبدع في قصائده إذا كانَ مشغولاً بأمور أخرى... وهي ميزةٌ لا تتوفر في الكثير مِنَ الشُعراء............ لنا عودة

التعليقات (3)

  1. avatar
    فائق

    والله انك مبدع يابو علي وفقك الله

  2. avatar
    المعارض ، عضو في الصرح الحسيني

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الأستاذ الرادود عبدالشهيد الثور تحية و بعد ، ألفيت أن الذكريات باتت تختبأ في سطور كتاباتك خشية من رياح الزمن العاتية أن تعصف بها إلى آفاق النسيان . إن الكتابة عن التاريخ تتطلب الدقة و الأمانة و في كثير من الأحيان الجرئة . نتطلع لقراءة المزيد عن تاريخ قريتنا الحبيبة التي تثمر نخيلها دائما رطباً جنياً و رجالاً حسينون مثلكم . أتمنى أن تسلطو الضوء على الرواديد الذين سبقوكم في خدمة (الشيل ) و بمن تأثرت بهم ؟ و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

  3. avatar
    فارس

    اسلوب كتابي رائع ابوعلي نتمنى لك التوفيق وان تترقي في خدمه الامام الحسين كما كنت سابقا لقد شهدنا منك سنوات عجاف في الخدمة الامام نتمنى ان ترجع إلى سابق عهدك ونسمع صوتك يصدح في يكل المأتم

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع