شارك هذا الموضوع

المنابر الحسينية بين الاخفاق والتطوير (2)

حينما نقول بأن المنبر الحسيني هو إحدى وسائل الاعلام المهمة والرئيسية والذي هو منهل للدروس العامة ومصداق للثورة الحسينية ولعقيدتها المباركة ، يبقى ان هناك الكثير من المثقفين من يشهرون أسلحتهم في وجه خطباء المنبر ومشايخه ، معلنين صرخاتهم المدوية أمام العالم ، بأن البكاء واللطم والنياحة على الحسين " ع " ما هي اللا عادات وتقاليد وموروثات قديمة أكل عليها الدهر وشرب ، ونحن في القرن الواحد والعشرين لا يمكن لنا ان نقبل بمثل هذه الفوضى والصراخ الذي تضج به الحسينيات والشوارع ليلاً ونهار ، إذ أنهم يتحدثون في الجانب الآخر عن الاسفاف والفقر الفكري الذي يعاني منه الكثير من خطباء المنابر الحسينية ، غير أنهم يشيعون في اوساط الناس أن محرم الحرام ما هو اللا ليال مليئة بالصراخ والعويل والمواكب ، غير هذا تراهم يطبلون ويزمجرون ويكتبون في الصحف أن شهر محرم هو شهر الموائد والولائم والتبذير والاسراف ، في النهاية تبقى هذه وجهة نظرهم ولنا وجهة نظر اخرى .

نحن نقول لهؤلاء الفئة المثقفة ، دعونا نجلس على طاولة الحوار والنقاش ، انتم تريدون ان تغيروا فكرة الصراخ والضجيج والتعزية حسبما تقولون ، تريدون استبدال المحاضرات الحسينية بمحاضرات ثقافية واجتماعية وفكرية ، لن نختلف ، سنقوم بتفعيل هذا الجانب الثقافي والفكري ، ما دامت هناك الكثير من الامكانيات المتاحة لذلك .

إن مسألة الفقر الفكري الذي يسيطر على الكثير من خطباء المنبر هي مسألة قديمة جداً ، مسألة يجب أن يمر بها كل خطيب في حياته ، وهي مسألة تطويرية ، وتحتاج إلى وقت كافي ، من أجل ان نخرّج خطباء على مستوى مرموق يخدم المنبر الحسيني ويخدم الطائفة ، لكن في الجانب الآخر هناك خطباء لديهم شهادات عليا ، مثقفون ، يحملون فكراً معتدل ، يخدمون الطائفة بكل ما اوتوا من علم وثقافة ... لماذا لا نراكم تحضرون وتستمعون إلى مجالس هؤلاء الخطباء المثقفين ! ؟

البعض يعتذر لمشاغله الكثيرة والبعض لا تعجبه أفكار الخطيب ، والبعض يدعي بأن مجالس العزاء ضعيفة وتحتاج إلى تطوير من الجذور ، وأن بعض الخطباء لا يمكن له أن يرقى منبر لأنه لا يحمل الفكر الذي أريد ولا يمكن له أن يزودني بالمعلومات والنظريات الفلسفية ، غير ان الكثير من الناس يؤكد على انه لا يحضر تلك المجالس لأن الخطيب لا يتحدث اللا في الدين والعقيدة مهملاً الجانب السياسي والاقتصادي ، و بعضهم يبرر عدم حضوره بأن طرح الخطيب سهلاً ولا يتناسب مع عمره أو مستواه الثقافي وكل لديه سبب ومبرر للهروب من الحضور إلى مجالس التعزية ، حتى في هذا الموسم السنوي .

لا ادري بأي لغة تريدون للخطيب أن يتكلم ، إن تحدث في السياسة وأهمل الجانب الديني ، قامت الدنيا ولم تقعد ، وان تحدث في الأخلاق والعقيدة ، قالوا بأنه قديم ، ومواضيعه لا تصلح اللا للأطفال ، وان تحدث في علم العقيدة والأصول ، أستصعبوا الأمر وقالوا بأنه يستعرض عضلاته على المستمعين ، ويريد أن يري العالم بأنه مثقف ومطّلع ، متناسين ان هناك الكثير من المستمعين من هم دون ذلك ، الآباء والشباب ، وبعض المعزين .

لم اوجه الملامة لأحد بقدر ما أسعى لأن اقول لهم ، تعالوا ، دعونا نجتمع ، دعونا نغير ، النقد الهادم لا يمكن له ان يرقى بمجتمع ولا بمنبر ولا بخطيب ، أنتم تريدون الثقافة هناك الكثير من المثقفين الذي يرقون لمستوياتكم الفكرية ، هناك الدكاترة الخطباء والمدرسين الخطباء والمثقفين الخطباء ، فقط تعالوا لنقول كلمة حق بدل اسدال الستار والتقوقع على ذواتكم ، اطرحوا آرائكم ، أثروا الساحة بحضوركم وبعقولكم المثقفة ، واتركوا عنكم اللغو ، وانتقاد الآخرين بلا فائدة .

لست هنا بصدد الدفاع عن مجالس التعزية ، أو الخطباء ، ولكن يهمني أن لا أقرء في يوم من الايام في الصحف والمنتديات ان الكثير منكم ، يقاتل الحسين " ع " واهل بيته بقلمه وبلسانه ، أنا مع التغيير ومع التطوير ومع الصعود إلى ما ترنوا اليه الكثير من العقول ، ولكن ليس على حساب قيمي وعقائدي وديني ، وثورة الحسين "ع" هي رمز عزتنا وفخرنا ، فرسالة الحسين "ع" ، أكبر وأسمى من أن توضع على مائدة طعام او لطم على الصدور ، وإنما رسالة الحسين هي الرسالة الانسانية لكل العالم ، ولكل المظلومين ، والذين يسعون للخروج من زوبعة الجهل إلى واحة النور والضياء والانسانية .

التعليقات (1)

  1. avatar
    الشيخ عبد الحافظ البغدادي

    الاخوة في حسينية الحاج احمد بن خميس- البحرين -السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يبدو ان الراي القائل كلما تقدمنا نحو الحسين خطوة , وجدنا الجماهير قد سبقتنا بخطوات, وكلما اكتشفنا بالحسين شيئاً جديداً وجدنا الجماهير قد اكتشفته قبلنا, قرات مقال السيد علي طريف حول اسباب انخفاض مستوى المنبر الحسيني, وبعيداً عن المغالاة والتطرف لاي راي , نظم صوتنا الى صوت الاخ الكاتب بضرورة التطوير ,لان ذلك الموضوع اصبح من المسلمات التي لا يمكن اغفالها, وربما كانت فترة تسمح للخطيب ان يعتلي المنبر بصفة ناعية, الان انتهت هذه المسؤلية واصبح الجمهور يطالب بالخطيب الداعية الى الاسلام والاخلاق والوقوف امام التيارات الالحادية من الشرق والغرب وابناء الداخل.. اتمنى ان تكون هذه الكتابات بداية لتغيير حقيقي للمستوى المنبري الحسيني الذي نجمع على ضرورة تغيير منهاجه وخطابه الجماهيري وفق متطلبات المرحلة الراهنة- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.............

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع