هل يكفي الإيمان بالله دون الاعتقاد بوحدانيته؟
ما هي أدلة التوحيد؟
وما هي أركان التوحيد؟
وما هي صفات الله تعالى؟
قال الإمام علي (ع) في وصيته لابنه الحسن (ع): "واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت افعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ملكه أحد، ولا يزول أبداً".
بعدما عرفنا الخالق لا بد أن نتعرف عليه أكثر من خلال معرفة صفاته، وأول ما يدعونا للتساؤل في هذا المجال هو: هل أن الخالق لهذا الكون هو واحد أم متعدد؟ فمن المعروف أن أمماً مضت كانت تؤمن بإلهين، كالثنوية الذين كانوا يؤمنون بإله للخير وإله للشر. وأن أمما أخرى آمنت بالكثير من الألهة وسمّوها أسماء مختلفة كالشمس والقمر والكواكب والنار وغير ذلك. بينما نرى أن الأديان السماوية جاءت لتدعو إلى عبادة الإله الواحد، وابرز هذه الأديان الإسلام الذي عرف بدين التوحيد.
ففي العقيدة الإسلامية لا يمكن أن يستكمل الإنسان حقيقة الإيمان ما لم يؤمن بأن هذا الخالق واحد لا شريك له، إذ لعلك تجد الكثير من الديانات أو المذاهب التي تنسُب نفسها الى الايمان بالله إلاّ أنها غالباً ما تجعل له شركاء، وقد تحدّث القرآن الكريم عن هؤلاء في قوله تعالى: "لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)". سورة المائدة
فكم من مذهب ينسب إليه الولد والزوجة أو غير ذلك مما ينافي توحيده: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)". سورة التوبة
معنى التوحيد:
التوحيد هو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى الذي خلق هذا الكون هو واحد في ذاته أي لا شريك له، وواحد في صفاته أي لا تعدد بينه وبين صفاته، يعني صفاته عين ذاته، فهو الرب ولا رب سواه، وهو الخالق ولا خالق سواه، وهو إله السماء وإله الأرض معاً وإله النور وإله الظلمة معاً بيده ملكوت كل شيء، وهو على كل شيء قدير.
أدلة التوحيد:
هناك عدة أدلة على وحدانية الخالق، نذكر منها دليلين:
الأول: دليل وحدة النظام، فبناء على ما تقدم من الدليل الآفاقي على وجود الخالق، فإن كل ما في هذا الوجود مخلوق بطريقة منتظمة ومنسجمة مع بعضها البعض، وهذا ما يدل على أن المنظم لها واحد، إذ لو كان هناك منظمان لحصل اختلاف ما بينهما، لأن اتفاق الاثنين في كل شيء يعني أنهما واحد، بينما التعدد يوجب الاختلاف ولو في جهة من الجهات، وذلك لازمه أن يختلفا في آثارهما، وبالتالي يختلفان في الخلق بينما لا نرى ذلك: "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت". والتفاوت في الخلق يؤدي إلى فساده وخرابه، وعلى هذا يشير قوله تعالى: "قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا"
الثاني: دليل وحدة المؤثر، وهذا هو الدليل الذي يشير إليه أمير المؤمنين (ع) حينما يقول لابنه الحسن (ع): "لو كان لربك شريك لأتتك رسله..".
المقصود أنه لو كان هناك إله آخر لأظهر نفسه من خلال إظهار آثاره وتميز مخلوقاته وبالتالي بعث أنبيائه لمخلوقاته ليبينوا لهم من هو خالقهم، بينما لا نرى لهذا المؤثر ما يدل عليه، فقد جاء كل الأنبياء الذين ذكرتهم الكتب السماوية وكتب التاريخ ليصدقوا بعضهم البعض فيما يدعون إليه من عبادة الإله الواحد، لا شريك له، فكيف يكون هذا الشريك المزعوم إلهاً كاملاً وخالقاً مدبراً ولا يكون له في هذا الوجود أثر يدل عليه كما لله عز وجل.
وبعبارة أخرى أكثر وضوحاً: لو كان لبان.
أركان التوحيد الكامل:
للتوحيد الكامل أركان أربعة، هي:
1 - التوحيد في الذات: وذلك بأن نؤمن بأن الله تعالى واحد في ذاته لا مثيل له ولا نظير ولا شبيه له ولا عديل.
2 - التوحيد في الصفات: وذلك بأن نؤمن بأنه تعالى عين صفاته، فهو وصفاته شيء واحد لا أنه شيء وصفاته شيء آخر عرضت عليه كما تعرض الصفات على الإنسان كصفة الكاتبية مثلاً. فإن هذا يستلزم الإيمان بآلهة متعددين، وقد أثبتا بطلانه.
3 - التوحيد في الأفعال: وذلك بأن نؤمن بأن المتصرف الوحيد في أمور هذا الكون هو الله تعالى، وأنه لا يشاركه فيما يفعله غيره.
4 - التوحيد في العبادة: وذلك بأن نؤمن بأنه تعالى هو المستحق للعبادة، ولا معبود سواه، وعبادة أي أحد سواه شرك وخروج عن جادة التوحيد.
صفات الله تعالى:
لا بد لنا أن نلفت النظر إلى أن صفات الله تعالى نوعان:
صفات الذات: وهي الصفات الذاتية التي تتصف بها ذات الله تعالى فلا تنفك عنها، ويستحيل أن يتصف بأضدادها بحال من الأحوال، وهي العلم والقدرة والإرادة والحياة فضلاً عن الوجود. وهذه الصفات هي التي قلنا عنها أنها عين الذات.
صفات الأفعال: وهي الصفات التي يتصف بها بملاحظة ما يصدر عنه من فعل وقد يتصف بأضدادها، كالخالقية والرازقية والمتكلمية.
فإذا خلق اتصف بالخالقية، وإلا فلا يتصف بها، وهكذا. فهذه الصفات ليست متحدة مع ذاته.
إذن: إن الله عز وجل واحد لا شريك له في ذاته وصفاته وافعاله وعبادته.
الخلاصة:
التوحيد هو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله وفي عبادته. ولو كان له شريك لظهرت آثاره في هذا الوجود.
للمطالعة
ورد في كتاب توحيد المفضّل أن الإمام الصادق (ع) قال له: "يا مفضل".
أوّل العبر والدلالة على الباري جلّ قدسه، تهيئة هذا العالم، وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه، فإنّك إذا تأملت العالم بفكرك، وخبرته بعقلك، وجدته كالبيت المبني المعد فيه ما يحتاج إليه عباده، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدورة كالبساط، والنجوم مضيئة كالمصابيح، والجواهر مخزونة كالذخائر، وكل شيء فيه لشأنه معد والإنسان كالمالك ذلك البيت، والمخوّل جميع ما فيه، وضروب النبات مهيأة لمآربه، وصنوف الحيوان مصروفة في مصالحه ومنافعه.
ففي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة وملاءمة، وأن الخالق له واحد، وهو الذي ألفه ونظمه بعضاً الى بعض، جلّ قدسه وتعالى جده وكرم وجهه، ولا إله غيره تعالى عما يقول الجاحدون وجلّ وعظم عما ينتحله المحلدون.
فكيف استدل الإمام الصادق (ع) "أن الخالق واحد؟"
- أسئلة حول الدرس
1. أعطِ دليلاً على إثبات التوحيد؟
2. ما هي أركان التوحيد في الإسلام؟
3. ما هي صفات الذات وصفات الفعل؟ أعطِ مثالاً على ذلك؟
- تمارين
حدِّد الصحيح من الخطأ :
1. لو كان لربك شريك لأتتك رسله
2. الخالقية هي من الصفات الفعلية
3. التوحيد في الذات هو الإيمان بأنه تعالى واحد لا شريك له
4. لا يتنافى التوحيد مع الإيمان بأن له ولد
التعليقات (0)