شارك هذا الموضوع

قبل عاشوراء بقليل يذهب عنا أحد صناع الموكب الحسيني

لاعجب ولاغرابة أبدا حين تعتبر البحرين مركزا حيويا وهاما لإحياء ذكريات أهل البيت (ع) في أفراحهم وأحزانهم، وليس غريبا أن يطلق على البحرين " بحر من الولاية " فهي بحق توالي أهل البيت (ع) منذ رحيل الرسول الأكرم (ص) وحتى هذا اليوم وإلى الأبد ان شاء الله تعالى.


تمتاز البحرين بالإهتمام البالغ بذكرى عاشوراء الأليمة التي وقعت على أبي عبدالله الحسين (ع) وأهل بيته الكرام، والتي أخذت فيها زينب وزين العابدين (ع) مع النساء والأطفال واليتامى أسارى ليزيد وابن زياد ( عليهما اللعنة ).


لقد كان من ركائز إحياء عشرة محرم الحرام، وذكريات وفيات أهل البيت (ع) خروج مواكب العزاء إلى الشارع، في جو رافض للظلم والإضطهاد، وكأنه يمثل مسيرة زينب الإعلامية من كربلاء إلى الكوفة، وإلى الشام حيث أذاعت هذه البطلة مع ابن أخيها السجاد (ع) أحداث الطف بتفاصيلها.


في هذا العام وقبل أيام قليلة من عاشوراء رحل عنا أحد صناع هذا الموكب الحسيني الكبير في البحرين، فإنه قد خدم الموكب خدمة متميزة منذ صغره وحتى وفاته، ومع أنه كان متعبا ومرهقا إلا أنه لم يترك المأتم ولم يترك خدمة أبي عبدالله الحسين (ع).


ذلك هو الحاج صالح القفاص رحل عن عمر ناهز 76 عاما قضاها في خدمة الإمام الحسين (ع) متمسكا به رغم كل الصعوبات التي واجهته.


الحاج صالح والهواسة:
لقد اقترن اسمه بالهواسة وهي ذات إيقاع ونظام معين في الموكب الحسيني، والهواسة لها روادها الخاصون المتمرسون في أدائها خصوصا في منطقة السنابس التي ماتزال تحافظ على هذا التراث العريق، وحين يقترن اسم الحاج صالح بهذه الهواسة فهذا يعني أنه كان له دور كبير جدا في تطوير هذا النوع من العزاء على أبي عبدالله الحسين (ع) وعلى أهل البيت (ع).


وليس غريبا على هذا الرادود أن يكون من صناع الهواسة في البحرين، ومن صناع تكوين الموكب الحسيني، فقد أجريت له مقابلة من قبل بعض الإخوة في السنابس وقد ذكر فيها ذكريات جميلة عن الهواسة وصيتها على مستوى البحرين والخارج.


ولعلنا نسمع الكثير من الهواسات ولكننا لاندري لمن يعود فضل تأليفها، وإذا مارجعت قليلا إلى الوراء وفتشت في الأوراق القديمة، فإنك ستجد أن اسم الحاج صالح القفاص هو مؤلف العديد من تلك الهواسات الشهيرة على مستوى البحرين وخارجها.


الهواسة تعتمد على بيتين، أحدهما للجمهور والثاني للرادود، وقد ألف الحاج صالح العديد من هذا النوع، ومن أهم مؤلفاته:


1. مأجورة يزهرة ومأجور ياحيدر علي.    مأجورة بالمصاب راح المحامي والولي.
2. ثورتك يحسين للعالم هداية.         ثورة لجل الدين لامطمع اوغاية.
3. ياعباس انت الجبتني او قوم ردني للوطن.     هاي الخيل هاي الزلم هالأرض مابيها سكن.


هذه بعض النماذج للحاج صالح وله هواسات أخرى.
وفي سبيل تخليد الهواسات، فقد اقترح بعض الإخوة على الحاج صالح تسجيل شريط للهواسات، وقد وافق فعلا فقام بتسجيل شريط هواسات كاملا وذلك تخليدا لهذا النوع من العزاء، وهذا الشريط يباع في محلات التسجيلات الإسلامية.


أسلوبه في الهواسات:
لقد اعتمد الحاج والرادود صالح القفاص أسلوبا خاصا به في الهواسات، ومن أهم مميزات هذا الأسلوب مايلي:


• بساطة الكلمات: ستجد أن معظم تلك الهواسات تمتاز ببساطة الكلمات مما يجعل فهمها سهلا على الكبير والصغير، حتى الأطفال يستوعبون أكثر العبارات في أسلوبه.
• أثر حسي واضح: من خلال استماع بعض تلك الهواسات، فإن السامع يتأثر حسيا بها لكونها ذات أثر كبير في هذا الجابب.
• لم تكن كافة هواساته تفجعية وتتحدث عن الجانب المأساوي فقط، بل إن بعضها فيها دفاع واضح عن معالم الثورة الحسينية وأهدافها، وأوضح مثال على ذلك هواسة: " ثورتك يحسين للعام هداية "، بل أن الحاج صالح قد تأثر أحيانا بالأوضاع التي يعيشها الناس في قضايا وحدتهم على سبيل المثال فألف إحدى الهواسات في هذا الشأن.
• قوة التعبير: فبالرغم من بساطة وسهولة الكلمات إلا أن التعابير كانت قوية وفيها من الإبداع الكثير.


لقد خلف الرادود الحسيني صالح القفاص إرثا لموكب أبي عبدالله الحسين (ع) ليكون ذكرى حسنة له كلما ذكر الموكب والهواسات، سيذكر الحاج صالح.


فرحمة الله عليه ورحم الله من يقرأ لروح وأرواح الشهداء والمؤمنين والمؤمنات الفاتحة.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع