شارك هذا الموضوع

صعصعة بن صوحان

سيد من سادات العرب، وعظيم من اقطاب الفضل والحسب. أسلم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، ولكنه لم يلقه لصغره، وأشكلت على عمر أيام خلافته قضية فخطب الناس وسألهم عما يقولون - فقام صعصعة، وهو غلام شاب، فأماط الحجاب، وأوضح منهاج الصواب ، وعملوا برأيه ، وكان من أصحاب الخطط في الكوفة، وشهد مع أمير المؤمنين «الجمل» و«صفين». قال في الاصابة ان المغيرة نفى صعصعة بأمر معاوية من الكوفة الى الجزيرة او إلى البحرين، وقيل الى جزيرة ابن كافان فمات بها.


وحبس معاوية صعصعة بن صوحان العبدي وعبد اللّه بن الكواء اليشكري ورجالاً من أصحاب علي مع رجال من قريش، فدخل عليهم معاوية يوماً فقال: نشدتكم باللّه الا ما قلتم حقاً وصدقاً، أيّ الخلفاء رأيتموني ؟ فقال ابن الكواء: لولا انك عزمت علينا ما قلنا، لانك جبار عنيد، لا تراقب اللّه في قتل الاخيار، ولكنا نقول: انك ما علمنا واسع الدنيا ضيق الآخرة، قريب الثرى بعيد المرعى، تجعل الظلمات نوراً والنور ظلمات، فقال معاوية: ان اللّه أكرم هذا الامر بأهل الشام الذابين عن بيضته، التاركين لمحارمه، ولم يكونوا كأمثال اهل العراق المنتهكين لمحارم اللّه، والمحلين ما حرم اللّه، والمحرمين ما احل الله. فقال عبد الله ابن الكواء: يا ابن ابي سفيان ان لكل كلام جواباً، ونحن نخاف جبروتك، فان كنت تطلق السنتنا ذببنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا يأخذها في اللّه لومة لائم، والا فانا صابرون حتى يحكم اللّه ويضعنا على فرحه. قال: واللّه لا يطلق لك لسان - ثم تكلم صعصعة فقال: تكلمت يا ابن ابي سفيان فأبلغت ولم تقصر عما أردت، وليس الامر على ما ذكرت، أنى يكون الخليفة من ملك الناس قهراً، ودانهم كبراً، واستولى بأسباب الباطل كذباً ومكراً، أما واللّه مالك في يوم بدر مضرب ولا مرمى، وما كنت فيه الا كما قال القائل: لا حلى ولا سيرى، ولقد كنت أنت وابوك في العير والنفير ممن أجلب على رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم. وانما أنت طليق ابن طليق، أطلقكما رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم. فأنى تصلح الخلافة لطليق ؟. فقال معاوية: لولا أني ارجع الى قول أبي طالب حيث يقول:


قابلت جهلهمو حلماً ومغفرة       والعفو عن قدرة ضرب من الكرم


لقتلتكم، وسأله معاوية: من البررة ومن الفسقة ؟ فقال: يا ابن ابي سفيان ترك الخداع من كشف القناع، علي وأصحابه من الائمة الابرار، وأنت وأصحابك من اولئك. وسأله عن أهل الشام فقال: اطوع الناس لمخلوق، وأعصاهم للخالق، عصاة الجبار، وخلفة الاشرار، فعليهم الدمار، ولهم سوء الدار. فقال معاوية: واللّه يا ابن صوحان انك لحامل مديتك منذ أزمان، الا أن حلم ابن ابي سفيان يرد عنك. فقال صعصعة: بل أمر اللّه وقدرته، ان امر اللّه كان قدراً مقدوراً».


قال المسعودي: «ولصعصعة بن صوحان أخبار حسان وكلام في نهاية البلاغة والفصاحة والايضاح عن المعاني على ايجاز واختصار».


وكان صعصعة شخصية بارزة في أصحاب امير المؤمنين. ووصفه أمير المؤمنين بالخطيب الشحشح، ثم وصفه الجاحظ بأنه من أفصح الناس.


وقال له معاوية يوم دخل الكوفة بعد الصلح: «أما واللّه اني كنت لابغض ان تدخل في أماني». قال: «وأنا واللّه أبغض أن اسميك بهذا الاسم». ثم سلّم عليه بالخلافة فقال معاوية: «ان كنت صادقاً فاصعد المنبر والعن علياً». فصعد المنبر وحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس أتيتكم من عند رجل قدم شره، وأخر خيره. وانه أمرني ان العن علياً فالعنوه لعنه اللّه». فضج أهل المسجد بآمين. فلما رجع اليه فأخبره بما قال. قال: «لا واللّه ما عنيت غيري، ارجع حتى تسميه باسمه». فرجع وصعد المنبر ثم قال: «ايها الناس ان امير المؤمنين أمرني أن العن علي بن أبي طالب فالعنوه». فضجوا بآمين. فلما أخبر معاوية قال: «واللّه ما عني غيري، أخرجوه لا يساكنني في بلد». فأخرجوه.


وقال ابن عبد ربه: «دخل صعصعة بن صوحان على معاوية ومعه عمرو بن العاص جالس على سريره فقال: وسّع له على ترابية فيه. فقال صعصعة: اني واللّه لترابي، منه خلقت واليه أعود ومنه ابعث، وانك مارج من مارج من نار».


وقدم وفد العراقيين على معاوية، فقدم في وفد الكوفة عدي بن حاتم، وفي وفد البصرة الاحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان. فقال عمرو بن العاص لمعاوية: «هؤلاء رجال الدنيا، وهم شيعة علي الذين قاتلوا معه يوم الجمل ويوم صفين فكن منهم على حذر».


وفي أحاديث سيد عبد القيس صعصعة بن صوحان سعة لا يلم بها ما نقصده من الايجاز. وانما أردنا ان نعطي بهذا صفحة من تاريخه مع معاوية وموقف معاوية منه.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع