شارك هذا الموضوع

أفي صحوة الشمس .. يفتقد الـ (بدر)!؟

حين كنت طفلا أعدو على عتبات منزلنا المتهالك، قالت لي أمي أكثر من مرة: يا ولدي، لا تذهب إلى أبعد من مداك.. فكنت أرد قائلا لها: بأنني لن أبتعد أكثر من أفق عينيك.. إلا أنها كانت تصر على أن أبقى ضمن محيط دائرة العين لا أخطو خطوة بعدها.


لم أكن - وربما لست وحدي - أجيد تفاصيل ما يدون في قلب الأم ولا حدسها، وكنت كثيرا ما أنوي العناد والعصيان ولا أنكر أنني قمت بتجربته بنسبة متواضعة جهلا مني بنظرة حدس الأم البعيدة، وتخلفت عن يدها التي كانت تمسكني بحنان مدعّم بالحماية أثناء تجولنا في السوق القديم بالعاصمة، فكانت النتيجة..ظلمة من التيه ووحشة درب بين ألوف البشر ولكأنه يوم الحشر.. وفي المقابل قلب الأم الذي (أصبح فارغا)لولا رحمة الله والنفوس البشرية الطيبة التي ما هدأت لدى غالبية من كانوا في السوق حتى ردوا للام ولدها. كان ذلك في سنوات لا تجد مثلها اليوم إلا القليل وقد لا تجد..


في حقبتنا اليوم، تضيع عوائل بأكملها في أزقة الحيرة .. ولا من مغيث لها ولا من يحزنون! ليس إلا بهرجة إعلامية كقشور غليظة تأكل العين والأسماع ولا من يحزنون!


للمتابع من خارج الإطار يرى شديد الاهتمام بقضية الطفل الملائكي  "بدر"الذي تتسارع الأيام على اختفاءه تاركا دراجته الطفولية على عتبة داره، ولكأنه ترك معها رسالته التي تقول لنا جميعا: أنا بينكم، فقط ابحثوا عني بصدق نية فتجدوني.


ولكنها رسالة اختبار للفعاليات بعمومعا الحكومية منها والوطنية والأهلية والمجتمعية، ورسالة أخرى خاصة وصريحة لوزارة الداخلية نفسها تقول: فقط افتحوا قلوبكم بصفاء فلن أكون بعيدا، فأنا ابن أصيل لهذه التربة الأصيلة، فقير بمالي لكني غني بانتمائي لوطني وجذوري، أنقذوا بإنقاذي كل الطفولة في هذا البلد، وافتحوا نيرانكم على من يبيعون الوطن بعقولهم ونفوسهم السوداء!! ولا من مجيب سوى الملصقات والتصريحات التي غصت بها الصحف المحلية! إلا أنه  لو تعمق هذا المتابع لما تقوم به وزارة الداخلية لما وجد سوى القشور البصلية مما تقدم عليه الوزارة لو أن الطفل المفقود من سليل عائلة ذات دماء مهمة وذات وجاهة! فللإنسان قيمة يصنفها اسم عائلته! ويقينا لو كان "بدر" من نسل الدم الوردي أو الدم الذهبي لاستنفرت كل القوى بألوانها ولما غاب أكثر من نصف يوم من إعلان فقدانه! كيف لا وكلنا يعلم أن الداخلية تفعل المستحيل من أجل القبض على من تشك بأنه - كان ينوي في قرارة نفسه فقط - بأنه سينظم مسيرة غير مرخصة او الاقدام على عمل يخل بأمن الدولة.. ولا تتأخر في ذلك أبدا! أوليست ظاهرة الاختفاءات والجرائم الأخرى المتكررة أيضا تخل بالأمن العام؟؟


لكن الله هو اقادر على كل شي لأنه يعلم كل شي ، ولا نملك إلا الدعاء بالقلوب المخلصة والنفوس البيضاء والعمل بالأياد السمراء ليعود "بدر" قمرا مضيئا مكتملا ينير بضوءه أركان عائلته وجدران بيته الطاهر قريبا إن شاء الله.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع