شارك هذا الموضوع

لياقات إجتماعية

لم يزل الإنسان يعيش في وضعٍ اجتماعي، على ما ينقله لنا التاريخ والآثار المشهودة لأقدم العهود التي عاش فيها الإنسان على هذه الأرض.


وقد أنبأ القرآن الكريم عن ذلك أحسن أنباءٍ كقوله تعالى: «يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند اللَّه أتقاكم» (الحجرات: 13). وقال تعالى في آية أخرى: «بعضكم من بعض» (الزخرف: 32). وفي آية ثالثة: «وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً» (آل عمران: 195).


فالإسلام لم يهمل أمر المجتمع في أقلِّ شأنٍ من شؤونه. لقد أحصت الشريعة الإسلامية الأعمال الإنسانية وأحاطت بها وبسطت أحكامها عليها بما يكفل سعادة الإنسان في الأولى والآخرة وهنا نستشهد ببعض الآيات: «وإنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبل فتفرَّق بكم» (الأنعام: 153). وفي آية أخرى: «ولتكن مِّنكم أمَّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون».


فلقد بنى الإسلام المجتمع أرقى بناءٍ واتقن أساسٍ وأنقى جوهر، وهنا نطل على بعض المفاهيم واللّياقات الاجتماعية والإنسانية بين أفراد المجتمع والعائلة وهي مستقاه من روح إسلامنا العزيز وتعاليمه ومفاهيمه التي تصلح لكلِّ زمان ومكان وتجري مجرى الشمس والقمر كما نعلم، لأنها ترجمة حيَّة لمفرداتِ وآيات الكتاب المبين الذي يجري مجرى الشمسِ والقمر كما جاء في الحديث.
 
كلمة (شكراً)
العصر الحديث يتميز بماديته المفرطة حتى في العلاقات الاجتماعية والإنسانية والعائلية فلا بأس من اللَّمسة الرقيقة في كلماتنا وتعاملنا ولا ضَيْرَ من الكلمة الحانية والودودة بيننا مثل كلمة شكراً، التي تزيل الحواجز بيننا وتصبح ترجمة للآية القرآنية «أن أشكر لي ولوالديك»


فالشكر للوالدين نموذج من نماذج الشكر بين العباد والأفراد، وفي الحديث: «شكر المخلوق من شكر الخالق».
والكلمة تقال عندما نشعر أن أحداً قال لنا كلمة طيبة أو أدّى لنا خدمة، أو أفسح لنا في المجال، أو ساهم معنا في موقف أو معونة أو أي شي‏ء آخر وذلك ينطبق على الكبير والصغير معاً.
 
الابتسامة:
ورد في بعض الحكم «الابتسامة شعاع من أشعة الشمس» وهي طريق إلى قلب الآخرين الذين نعيش معهم أو نتعرف عليهم لذلك لا بدَّ من المحافظة عليها أمامهم حتى لو كنَّا نعيش فتراتٍ صعبة في حياتنا فلا ذنب للآخر كي نلقاه بالوجه العبوس سواء أكان في البيت معنا أو فرداً من أفراد المجتمع الذين نلتقيهم.
 
احترام أوقات الآخرين:
إدارة الوقت أيها القارى‏ء العزيز وكما تعلم من أهم أسباب اغتنام الفرص وحسن الاستفادة من أعمالنا في الوقت المحدَّد والمناسب وعدم تضييع الوقت وقتله كما يعبر الحديث الشريف: «فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك»، ولكن المشكلة أننا نضيِّع وقتنا ولا نكتفي بذلك أحياناً بل نذهب إلى ممتلكات غيرنا الزمنية والوقتية لنساهم في تضييعها وقتلها فهذا يضايق الآخرين ويحرمهم من الاستفادة من وقتهم وأعمارهم.
 
وضع الأمور في نصابها ومكانها المناسب:


قيل: الحكمة وضع الشي‏ء في موضعه:
ونقل عن الرسول (ص) كاد الحكيم أن يكون نبياً إشارة إلى هذه الصفة المميزة التي تجعل الإنسان يتصرف بوعي وإدراك وحكمة ولا يخطى‏ء بحق الآخرين بل يتعامل بإنسانية الحكيم وعقلانية المتدبر للكلمة والموقف، وهذا من اللّياقات والمفاهيم التي ينبغي أن نحافظ عليها ولو بنسبة قليلة أو متوسّطة أو كثيرة كلٌّ حسب قدرته على التحكم بالأمور ووزنها بميزان الحكمة.
 
الانشغال عن عيوب الغير:
من المفاهيم التي يجب أن ندرسها أو أن نتأمل بها محاسبة النفس وهذا يحتاج إلى وقت كبير لندرس أعمالنا وأخطاءنا وصوابنا وفلاحنا؛ لذلك من اللّياقات اللازمة أن ننظر إلى عيوب أنفسنا ونغض الطرف قليلاً عن عيوب الغير وإذا أردنا ردعهم عن خطأ ما أو أمرهم بمعروف فلذلك أساليب ووسائل عديدة وجميلة وحكيمة ومتدرجة دون تتبعٍ لعثراتهم أو التشويه بهم أو الانشغال بها عن عيوبنا وأنفسنا، وقد جاء في الحديث: «ليس منا من لم يحاسب نفسه كل ليلة» فهذا أنفع لنا وأكثر تأثيراً عندما نريد اصلاح الغير أو ردعهم عن بعض الأخطاء.
 
الرفق بالناس:
لا ننسى الآية الكريمة «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك». وقبلها: «فبما رحمة من اللَّه لنت لهم».


ما أجملها من آيات بينات توضح لنا أسلوب الرسول الأكرم (ص) في التعامل مع الناس وهذا ما نحتاجه في حياتنا اليومية، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، إذا كنت تحب أن تعامل برفق ومودة وهذا من شأنه أن يزيل الكثير من الحواجز أمام قربنا من الآخر البعيد عنّا أو القريب منَّا. فالمعاشرة الحسنة مع الناس نموذج يحتذى به في مجتمع المؤمنين والمسلمين «رحماء بينهم».
 
الاصغاء:
مشكلتنا أننا نحب التكلم أكثر من الاستماع وهذا يقلل من نسبة الاستفادة من الآخرين وأحاديثهم وتجاربهم وقد قيل: خلق اللَّه تعالى لنا لساناً واحداً وأذنين اثنتين لنتكلم أقل مما نسمع، وهذا من اللّياقات الجميلة التي نتواصى بها بين بعضنا البعض لنحسن الاصغاء والتبادل الكلامي بشكل متوازن مع الآخرين.


وهناك مفاهيم وأخلاق ولياقات لا تعد ولا تحصى نحتاجها في كل كلمة وموقف ومسلك في حياتنا الفردية والاجتماعية.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع