شارك هذا الموضوع

هل المطلوب سكوتي على جوعي لتزداد ثروة المستثمرين

لقد شهد البلد في الاسبوع المنصرم أحداثاً مؤسفة من التعدي على عرض أحد الشباب ــ كما جاء في المصادر الخبرية ــ إلى أحداث الشغب التي حصلت هنا أو هناك، والى بعض التصريحات التي صدرت من بعض الجهات والتي ألقت اللوم على هذا الطرف أو ذاك..


والتي تتهم هذا الطرف أو ذلك، بإدارة الإنتفاع أو التمصلح من وراء هذا أو ذاك، وكأنه ملائكة السماء على الأرض! أين أنتم من جوع الناس وفقرهم، هل تعلمون ان قسماً من العاطلين كيف يقضون ليلهم ونهارهم من ألم الجوع والفقر، وكيف يتعاملون من نار الحر وعض البرد، وهل تدرون ان هناك بيوتاً كريمة ــ كما روي لي ــ لا تملك النساء والنبات فيه إلاّ عباءة واحدة يستخدمنه جميع النساء والبنات في البيت لحالات الخروج من البيت؟


كفوا عن إتهام الناس، والكشف عن نواياهم بما أوتيتم من علم الغيب ،إننا نؤكد هنا على الثوابت التالية:


أولاً: إدانة الإعتداء على العرض.
اننا ندين الإعتداء الحاصل على عرض الشاب ــ كما جاء في المصادر الخبرية ــ ونطالب العدالة بأن تقوم بدورها لإحقاق الحق ومعاقبة المعتدي، ومن الطبيعي ان الإنسان الذي لم تأخذ العدالة بحقه سيفكر في الإنتقام بشكل آخر، فالعقل والحكمة وحفظ المصالح تفرض تحرك العدالة بشكل سريع لمعالجة الأمر.


هذا ومن العجيب المدهش ما قرأناه في بعض الجرائد المحلية بالأمس من ان الطب الشرعي نفي حدوث إعتداء على عرضه، إذ كيف يصح لجهة علمية تحترم نفسها أن تنفي الوقوع، وإنما أقصى ما يمكنها ان تدعي عدم العثور على آثار للإعتداء لانفي الوقوع، وكيف يمكن ان تبقى الآثار الى مدة أيام إلاّ في حالات خاصة.


ثانياً: رفض العنف.
إننا نرفض أعمال الشغب والعنف سواءً أكانت صادرة من قوات الأمن أو المتظاهرين والمعتصمين، فإن ذلك يضر بأمن البلد، ويضر بإقتصاد البلد وحركة الإستثمار فيه، وبسلمية التحرك والإعتراض، مع أن المحافظة على هذه العناصر الثلاثة ضروري تماماً، فأمان البلد مصلحة للجميع، ومنطق العنف مرفوض اليوم رفضاً دولياً، والوصول الى الأهداف الحقة والعادلة يجب ان يكون بالوسائل الأكثر إيجابية وفائدة، كما ان عنف قوات الأمن مرفوض، ولا شك في أن قوات الأمن يمكنها معالجة هذه المواقف دون عنف، بصبرها وتحملها وحكمتها وعدم إنفعاليتها في التعامل مع الحدث.


نعم نحن ننصح المعترضين والمتظاهرين بعدم العنف حفاظاً على العناصر الثلاثة المذكورة، ولكن يجب ان لا ينسى المسؤولون انهم بحاجة الى الإجابة على سؤال الجائع والفقير الذي يقول: ما فائدة أمان نافع لإقتصاد البلد وحركة الإستثمار فيه مادام ان هذا الإقتصاد والإستثمار لا يعطيني لقمة عيش ولا رغيف خبز ولا بيت آوي إليه؟


هل المطلوب سكوتي على جوعي حتى تزداد ثروة المستثمرين، وحتى يتمكن المستثمر من توسعة مشاريعه لجلب نفع أكبر؟ وحتى يتمكن من إنشاء مشاريع جديدة بعشرات الملايين من الدنانير وأنا لا أجد في كيسي دينار واحد، وتتقلب عائلتي وأطفالي أمامي ألماً من الجوع والفقر!! انه لا يفيده ان تقول له: لكن الإستثمار إذا نشط فأنت أيضاً تستفيد، لأنه ما لم يجد أثراً ملموساً لذلك في بيته وعيشته فلا يقتنع بهذا الجواب.


ثالثا: الحل السريع للبطالة والتخوف المستقبلي.
مرة اخرى نؤكد على ضرورة تحرك السلطة الرسمية بشكل جاد وسريع لحّل مشكلة البطالة وإطلاق مشروع التأمين ضد التعطل، هل يوجد في هذا البلد فرصة وإمكانيات لهذه السلطة أوتلك، أو لهذا الوزير أو ذاك المتملق، أو لهذا المحذر أو ذاك الوكيل، أو لهذا النائب أو ذاك المسؤل، أن تتصاعد ثروته بشكل نجومي هائل في أشهر أو سنوات قلائل من خلال العلاقات والمعاملات والقنوات الأثيمة، وليس من خلال صب العرق والجهد والتعب؟! و لكن لا توجد إمكانيات إقتصادية نظيفة في البلد يمكن من خلالها حل مشكلة البطالة، ذلك ما لا يصدقه عاقل ولا خبير.


إنني ومن منطلق الحرص والإخلاص لمصلحة البلد وامنه وأمانه أقول: بأنه في حال عدم حل هذه المشلكة بشكل سريع فإنني متخوف وقلق جداّ ممّا ستؤول اليه الامور في المستقبل غير البعيد، انني قلق جداً من إنفلات الامور وخروجها عن الزمام، فإن الجوع لا يعالجه ولا يسكته لا نصحية عالم الدين ولا تهديد السلطة.


ان المعالجات الامنية لهذه المسيرات الإحتجاجية ضد البطالة معالجة للمعلول وإهمال للعلة، إبحثوا عن علة هذه المسيرات، العلة هي البطالة، فهذه يجب ان تعالج، فلا تكون حينئذ هذه المسيرات والكل يقف ضدها.


رابعاً: الحل مسئولية الجميع.
ان الجميع يتحمل مسؤلية وواجباً في حلّ مشلكة البطالة، من السلطة الرسمية، إلى مؤسسات المجتمع المدني، والجمعيات السياسية، وعلماء الدين والرموز السياسية والإجتماعية، والكل مطالب بالمساهمة في حل المشكلة بما اوتي من حول وقوة.


إن دور عالم الدين والرموز والصحافة والجمعيات في هذه المشكلة وغيرها لا يمكن ان يكون دور الأفيون المخدر، لكن من شاء منهم ان يكون ــ عن وعي أو لا وعي ــ أفيوناً فليكن، لكن الدين الصادق لا يكون أفيوناً، والصحافة الصادقة لا يمكن ان تكون أفيوناً، لكن إذا شاءت صحيفة ان تكون كذلك فلتكن، والجمعيات السياسية كذلك، لكن الناس لا يقبلون بهذه الدور من هذه المؤسسات وأولئك الرموز.


ومن منطلق مبدأ المسؤلية الجمعية السالف الذكر فليس من الصحيح إيكال الأمر الى جهة دون جهة لمعالجة المشلكة، وليس من الصحيح إستبعاد اناس اثبتوا إخلاصهم لمجرد إختلافهم وخروجهم من جمعية وإيمانهم بقناعات اخرى، حتى إذا كان هذا الإستبعاد بهدف عدم تشتت الموقف، لأن الحق لا يطلب بالباطل والعدل لا يطلب بالظلم، وعدم تشتت الموقف لا يتوقف على الإبعاد، بل يمكن بتعاون الأطراف، خصوصاً أن طرفاً واحداً لا يمكنه القيام بالواجب كما هو ثابت من التاريخ الماضي حيث لم يتمكن من فعل شيء في هذا الملف الى الآن وإن خلصت نيته، فالحكمة تفرض النصيحة بالتعاون والتواصل لا الإبعاد، هذا مع إحترامنا الكبير لجميع المخلصين من علماء دين ورموز دون استنثاء.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع