شارك هذا الموضوع

البلادي ليلة السادس و العشرين من شهر رمضان 1446هـ/ 2025م

واصل سماحة الشيخ حسين البلادي سلسلة محاضراته الرمضانية في حسينية الحاج أحمد بن خميس، وذلك في ليلة السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1446هـ. افتتح سماحته المحاضرة بقوله تعالى: "ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (الروم: 30). ثم أشار إلى ما تم تناوله في مجلس سابق حول معنى التدين، واستكمل الحديث متسائلًا: هل التسامح قيمة إيجابية مطلقة، أو سلبية مطلقة، أم أنه يخضع لميزان القيم؟

مراتب القيم الأخلاقية : القيم الأخلاقية تنقسم إلى ثلاث مراتب:الأول : القيم الإيجابية المطلقة: وهي الصفات التي يُمدح الإنسان بالتحلي بها في كل الأحوال، مثل التقوى. ثانيًا : القيم السلبية المطلقة: وهي الصفات التي يُذمّ الإنسان بسببها دائمًا، مثل العُجب. ثالثًا : القيم النسبية: وهي صفات في ذاتها لا تحمل قيمة ثابتة، وإنما تكتسب قيمتها بحسب الموقف الذي تُوظَّف فيه. فإذا كانت ضمن ميزان العدل، فإنها تُمدح، وإذا انحرفت إلى ميزان الظلم، فإنها تُذمّ. ومن أمثلتها الكِبر، حيث وردت روايات متعارضة حوله؛ فالإمام علي (ع) يقول: "أقبح الخلق الكبر"، بينما ورد عن النبي محمد (ص): "إذا رأيتم المتواضعين من أمتي فتواضعوا لهم، وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم". وهذا يدل على أن الكِبر في حد ذاته ليس محمودًا أو مذمومًا على إطلاقه، بل يعتمد على السياق الذي يظهر فيه.

قيمة التسامح في الدين ، هل التسامح في الإسلام قيمة إيجابية مطلقة كما يظن البعض؟ الجواب: لا، بل هو قيمة نسبية. وهذه من الأخطاء الشائعة في المجتمع، حيث يعتقد البعض أن الإسلام يدعو إلى التسامح في جميع الحالات، بينما القرآن الكريم يوضح أن هناك مواقف تستدعي التشدد، كما في قوله تعالى: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم" (الفتح: 29). إذن، التسامح يكون محمودًا إذا وقع تحت ميزان العدل، ويكون مذمومًا إذا وقع تحت ميزان الظلم. فكما أن هناك تسامحًا في دين الله، هناك أيضًا تشدّد في مواضع معينة، كما في قوله تعالى "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" (النور: 2).

الهجمة على القيم الدينية : نحن اليوم نواجه حربًا فكرية شرسة تهدد الدين والشريعة، ولكنها ليست حربًا عسكرية بأسلحة وصواريخ، بل هي حرب قيم ومبادئ، وهي أخطر من الحروب التقليدية. يستخدم الغرب أساليب متعددة في هذه الحرب، منها : أولًا ، مسخ المفاهيم الدينية، أي تحريف معانيها وتشويه حقيقتها. ثانيًا ، إسقاط المفاهيم المحرّفة على الثوابت الدينية، بحيث يتم التلاعب بها لجعلها تبدو متوافقة مع الأيديولوجيات الحديثة. ثالثًا ، العمل الميداني لنشر هذه الأفكار في المجتمعات الإسلامية، مستغلين في ذلك وسائل الإعلام، والمنصات الرقمية، والمؤسسات الثقافية. وللأسف، كثيرٌ من المسلمين، بل ومن المحسوبين على الطائفة والتشيّع، وقعوا في هذا الفخ دون أن يشعروا، مما يستدعي الوعي والتصدي لهذه المخاطر بحزمٍ وحكمة.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع