واصل سماحة الشيخ حسين البلادي سلسلة محاضراته الرمضانية في حسينية الحاج أحمد بن خميس، وذلك في ليلة الخامس و العشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ. ابتدأ سماحته المحاضرة بالآية المباركة من سورة الروم " ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) "
تناول سماحته موضوع التدين بشكل عميق، ووضح أن التدين لا يقتصر فقط على الصلاة أو أداء الشعائر، بل يشمل ثلاثة أبعاد رئيسية مترابطة : أولًا العقيدة: و هي المفاهيم الذهنية التي يحملها الإنسان في قلبه، وهي أساس الإيمان. عندما يعتنق الإنسان عقيدة معينة، يصبح قلبه معتقدًا بها. هذه العقيدة تؤثر في عمل الإنسان، وتجعله يؤدي بعض الأفعال بناءً على ما يعتقد به. مثلًا، عندما يهل هلال شهر رمضان، ترى الناس يذهبون إلى المساجد ويقومون بالأعمال الطيبة، وهذا يعود إلى عقيدتهم في الدين وفي فضل هذا الشهر.كما أن العقيدة تؤثر أيضًا على الأخلاق، بحيث تجعل الإنسان يتحلى بصفات معينة. مثلًا، من خلال إيمان الشخص بالله، يمكنه أن يكتسب صفة كظم الغيظ، أي كبح مشاعره السلبية تجاه الآخرين.
ثانيًا : الشريعة و هي الأعمال التي يلتزم بها الإنسان في حياته اليومية والتي تكون واضحة في الدين. هي تعليمات الله التي يجب على المكلف تطبيقها عمليًا في حياته. يمكن أن نرى هذه الشريعة في العبادات مثل الصلاة، الصوم، والزكاة، وأيضا في المعاملات والسلوكيات اليومية.الشريعة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعقيدة، لأن العقيدة الصحيحة هي التي تدفع الإنسان لتطبيق الشريعة. ثالثًا: الأخلاق هي الصفات النفسية التي يجب أن يتحلى بها الإنسان، مثل الصبر، والتسامح، والتواضع. تؤثر الأخلاق على العقيدة والعمل. فالأخلاق الفاضلة تساهم في تقوية الإيمان، وتجعل الإنسان يسعى لتطبيق الأعمال الصالحة. من الأمثلة "الغيرة"، وهي صفة خلقية تجعل الإنسان يهتم بحماية دينه ومجتمعه وأسرته. الشخص الذي يمتلك صفة الغيرة لن يقف متفرجًا عندما يرى انحرافًا في المجتمع، بل سيعمل على إصلاحه.
العلاقة بين الأبعاد الثلاثة: هذه الأبعاد مترابطة بشكل كبير. إذا تأثرت أحد الأبعاد، فإن باقي الأبعاد تتأثر أيضًا. على سبيل المثال، إذا كانت العقيدة ضعيفة، فإن الأعمال ستكون ضعيفة أيضًا، وبالتالي فإن الأخلاق ستتأثر. كما أن العمل يؤثر في العقيدة والأخلاق، فعندما يقوم الإنسان بأعمال صالحة بناءً على عقيدته، ستتحسن أخلاقه أيضًا. النتيجة: من المعيب أن يُقال عن شخص أنه "متدين" إذا كانت أحد الأبعاد الثلاثة (العقيدة، الشريعة، الأخلاق) غير مكتملة أو غير صحيحة. التدين الحقيقي يجب أن يشمل هذه الأبعاد جميعها. أيضًا، تم توضيح أن التدين لا يُقاس فقط بالأعمال الظاهرة مثل الصلاة أو الصوم، بل يجب أن يتسم الشخص بالأخلاق الحميدة والعقيدة الصحيحة. إذن يجب أن نركز على أهمية تكامل الأبعاد الثلاثة للتدين كي يكون الشخص متدينًا بشكل كامل وصحيح.
البلادي ليلة الخامس و العشرين من شهر رمضان 1446هـ/ 2025م

























التعليقات (0)