واصل سماحة الشيخ حسين البلادي سلسلة محاضراته الرمضانية في حسينية الحاج أحمد بن خميس، وذلك في ليلة الثامن عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ. ابتدأ سماحته المحاضرة بالآية الكريمة من سورة الأنبياء " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) " النبي الأكرم (ص) هو مظهر للرحمة الإلهية بوجوداته الثلاث ، الوجود الأول هو الوجود النوري ، الوجود الثاني هو الدنيوي ، أما الوجود الثالث هو الأخروي .
الوجود الأول النوري ، تجلّت الرحمة الإلهية في رسول الله بوجوده في عالم الأنوار ، نحن نؤمن أن أول ما خلق الله عز وجل قبل العرش و الكرسي هو النبي (ص) ، ومن الروايات " عن جابر بن عبد الله قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله: أول شئ خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: نور نبيك يا جابر، خلقه الله ثم خلق منه كل خير "
الوجود الثاني هو الوجود الدنيوي ، تجلّت الرحمة في رسول الله بوجوده في عالم الدنيا ، لما نرجع للقرآن الكريم ، عندما ذكر الأنبياء و الرسل الذين سبقوا الرسل، الا وذكر الله نوع العذاب الذي نزل على تلك الأمة ، و لكن القرآن يعبر عن أمة النبي (ص) ، من سورة الأنفال " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) " الله رفع العذاب عن أمته مع ما فعلوه ، حيث حتى بعد رسول الله (ص) ظلت عترته موجودة ، وهنا نطرح الإشكال ، القرآن الكريم تعرّض للعذاب في الآية الأولى من سورة المعارج " سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) " فكيف نوفّق بين القضيتين ، حيث يشير سبب النزول الى أنه عندما سأل أحدهم عن العذاب لأنه رفض ولاية أمير المؤمنين ، العلماء يقولون أن العذاب الذي رفعه الله عز وجل إنما هو عذاب الإستئصال ، حيث لم يبقَ من الأمم السابقة ما بقي لهم أحد ، ولكن الله عز وجل رفع هذا العذاب ببركة وجوده (ص) .
الوجود الثالث هو الوجود الأخروي ، الرسول (ص) هو مظهر للرحمة في ذلك العالم ، قد يشتبه البعض أننا نفتقر للرسول و أهل بيته في عالم الدنيا فقط ، فنجيب انما هم سادة الوجود في عالم الدنيا و الآخرة وتتجلّى الرحمة حتى في ذلك العالم ، من سورة الإسراء " وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79) " . المقام المحمود هو مقام الشفاعة وهو مبحث مهم جدًا ، حيث يشفع النبي للعاصي و غيره ، الشفاعة لا تعني أن يفعل الإنسان ما يحلو له بضمان الشفاعة فهذا تفكير خاطئ ، العلماء يقولون بالمقتضي وهي الشفاعة وهناك موانع ، يجب على الإنسان ان يزيل الموانع لكي ينال الشفاعة ، ومن الموانع عقوق الوالدين و الاستخفاف بالصلاة ، قال الصادق عليه السلام: " إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة " ، المانع الثالث هي حقوق الناس ، و هي أعظم عقبة يواجهها الإنسان في عالم البرزخ ، من سورة الكهف " وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)
" . وحقوق الناس اما أن تكون حقوقًا مادّية أو حقوقًا معنوية .
الشيخ حسين البلادي ليلة الثامن عشر من شهر رمضان 1446هـ/ 2025م






























التعليقات (0)