واصل سماحة الشيخ حسين البلادي سلسلة محاضراته الرمضانية في حسينية الحاج أحمد بن خميس، وذلك في ليلة السابع عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ. جاءت محاضرته تحت عنوان "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"، مستندًا إلى قوله تعالى "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب: 21).
تناول الشيخ البلادي مفهوم "الأسوة" من الناحية اللغوية، موضحًا أنها تعني القدوة، وأن الآية الكريمة تحثّ المسلمين على الاقتداء بالنبي الأكرم (ص). كما استشهد بروايات وأحاديث عن الأئمة عليهم السلام، ومنها قول الإمام علي (ع) في إحدى خطبه:"فتأس بنبيك الأطيب الأطهر (ص)، فإن فيه أسوة لمن تأسى، وعزاء لمن تعزى. وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه والمقتص لأثره."
أشار الشيخ البلادي إلى أن العلماء يرون أن الاقتداء بالنبي (ص) ينبع من حاجة فطرية لدى الإنسان، حيث أودع الله في النفس البشرية العديد من الغرائز والشهوات، ومنها غريزة حبّ الاقتداء بالآخرين، التي تكون أكثر وضوحًا عند الأطفال. ومن هنا، وجه أهل البيت (ع) المسلمين إلى الاقتداء بالنبي وأهل البيت (ع) بدلًا من التأثر بلاعبين أو فنانين أو غيرهم. كما أكّد أن التعاليم الولائية يجب أن يتلقاها الأبناء من الوالدين قبل أن تصلهم عبر المدرسة. ومن الغرائز الفطرية الأخرى حبّ الكمال والسعي نحوه، وهو ما أكدته الزيارة الجامعة بقولها: "من أراد الله بدأ بكم، ومن وحّده قبل عنكم، ومن قصده توجه بكم."
أوضح الشيخ البلادي أن هذه الآية تعدّ دليلًا على العصمة المطلقة للنبي (ص)، حيث خالف بعض المذاهب هذا الرأي واعتبروا أن عصمة النبي تقتصر على التبليغ فقط، أي في تلقي الوحي وإبلاغه، مستدلين بحديث يُنسب إلى النبي (ص) بشأن تأبير النخل، حيث قال:"إن كان شيئًا من أمر دنياكم فشأنكم به، وإن كان من أمر دينكم فإليّ. لكن علماء الإمامية يرون أن الآية جاءت بإطلاقها، دون تقييد، مما يثبت العصمة المطلقة للنبي (ص) في التبليغ و غير التبليغ معًا.
التعليقات (0)