شارك هذا الموضوع

الزهراء وشعارات المرأة في هذا العصر

 لازلنا نعيش موسم الصدّيقة الزهراء صلوات اللّه عليها، ورغم أن قضية الزهراء تصطبغ بالمأساة وإذا كانت مسؤوليتنا تفرض أن نحافظ على هذه الصبغة في قضية الزهراء، فإنه لا يجوز أن نغفل الأبعاد الكبيرة في حياة أعظم إمرأة في تاريخ النساء، فمن الضروري جداً أن نفهم كيف نوظّف موسم الزهراء (عليها السلام) توظيفاً واعياً ينفتح بنا وبكل واقعنا وبكل أجيالنا على دنيا العطاء الإيماني والروحي والثقافي والاجتماعي والسياسي في حياة الزهراء (عليها السلام).


من المؤسف جداً أن مجالس الزهراء في هذا الموسم لا ترقى - في أغلبها - إلى مستوى التوظيف الحقيقي لهذه الشخصية العظيمة التي تمثل النموذج الأكمل في تاريخ المرأة وتمثل في حياتها أحد مكوّنات الوعي والأصالة لهذه الأمة.


إن استثمار موسم الزهراء (عليها السلام) ضرورة تفرضها الحاجـة الكبيرة في هـذا العصر لصياغة واقع المرأة وفق المنظور الإسلامي ومن خلال الأطروحة الإيمانية.


وهذا الاستثمار يحتاج إلى:
أ- درجة عالية من الوعي في فهم الزهراء (عليها السلام)، وبمقدار ما يرتقي خطابنا في هذا الوعي والفهم نكون أقدر علـى الاستفادة من هذا الموسم، وكلّما انخفض مستوى وعينا في فهم الزهراء كان الاستثمار ضعيفاً وبليداً ومتخلفاً.


ب - كما يحتاج الاستثمار لهذا الموسم الزهرائي إلى درجة عالية من وعي الواقع المعاصر وضروراته وحاجاته، وخاصة فيما يتصل بشأن المرأة وقضايا المرأة وأوضاع المرأة، وإن غياب هذا الوعي يعطي لموسم الزهراء غياباً عن الحضور في حركة هذا الواقع المعاصر للمرأة.


شعارات المزايدة بقضايا المرأة:
إن قضية المرأة في هذا العصر تعيش «شعارات المزايدة»، هذه الشعارات البغيضة الممقوتة، فأنتم تسمعون من خلال بعض اللافتات والعناوين الكثير من هذه «المزايدات الإعلامية» فما أكثر الذين يتاجرون بالشعارات من أجل أهداف ثقافية أو اجتماعية أو سياسية وغالباً ما تكون هذه الأهداف مرفوضة في أوساطنا الإسلامية.


تتحرك في هذه الأيام من خلال الصحافة، ومن خلال المنتديات والمؤتمرات شعارات الدفاع عن حقوق المرأة، وهذا العنوان عنوان مشروع ولا يمكن لأحد أن يصادر هذا الاتجاه مادامت المرأة في هذا العصر تفقد الكثير من حقوقها، المسألة ليست مسألة الشعار والعنوان، المسألة كم هي مصداقية هذا الشعار وهذا العنوان، المسألة ما هو الفهم المطروح لهذه الحقوق، وهل ينسجم هذا الفهم مع رؤية الإسلام ومع قيم الدين؟!


إننا نصّرُ على رفع شعار المطالبة بحقوق المرأة، وشعار الدفاع عن قضايا المرأة، ولكننا نرفض كلَّ الرفض أن يكون هذا الشعار خارج رؤية الإسلام والدين، كون المرأة على هذه الأرض تنتمي إلى الإسلام وتحمل هوية الدين، فالمشروعات التي تتبنى قضايا المرأة في هذه الساحة يجب أن تستمد مكوّناتها من الإسلام ورؤية الدين وإلا فهي مشروعات مرفوضة ودخيلة على هذه التربة.


ربمّا يقول هؤلاء الناشطون أو الناشطات في الدفاع عن قضايا المرأة في البحرين إننا ننطلق من مسؤوليتنا الوطنية، ومن خلال ما أقرته وثيقة حقوق الإنسان، وفي ضوء ما جاء في دستورنا وميثاقنا من ثوابت تؤكد المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.. ونقول لهؤلاء:


وإن كنا نحترم هذه العناوين والمنطلقات، إلا أن هذا الاحترام مرهون بمدى الانسجام والتلاؤم مع مقررات الدين والشريعة، فلا يصح لنا - كمنتمين للدين والإسلام - أن نحــترم أيَّ عنــوان وأيَّ منطــلق إذا كـــان هذا العنـــوان أو هــذا المنطلق يتنافى مع ثوابــت الشــريعة وقيــم الديــن ومبــادئ الإســلام.


لذلك فنحن حينما نطرح قضايا المرأة وحينما ندافع عن حقوق المرأة فإن خطابنا ينطلق:


أ- من نصوص القرآن.
ب - ومن أحاديث السنة النبوية.
ج- ومن روايات الأئمة المعصومين.
د- ومن مسلمات الفقه الإسلامي.
هـ- ومن مسؤوليتنا الشرعية وواجبنا الديني.


فالفارق كبير بين الخطاب الديني والخطاب الآخر، الخطاب الديني يتحدث بلغة النصوص القرآنية، ولغة الأحاديث والروايات الثابتة، ولغة الفقه، ولغة المسؤولية الشرعية، ولغة العبادة والطاعة للّه تعالى.. والآخرون يتحدثون بلغة أخرى.


ولاشك أن اللغة الأولى أقدر على صياغة «الوجدان الأخلاقي» وهذا الوجدان هو الأساس في الالتزام والتطبيق والممارسة..


إنطلاقاً من هذه الرؤية فإننا نؤكّد على ضرورة الانفتاح على «حياة الزهراء» من أجل التوفر على مشروع حضاري أصيل يهدف إلى صياغة واقع المرأة في كل مكوّناته المعاصرة صياغة ربانية قادرة على أن تمنح المرأة الكرامة والعزة والحياة الفاضلة، وإلاّ فستبقى المرأة تلهث وتلهث وراء سراب كاذب، وشعارات خادعة.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع