شارك هذا الموضوع

السيد عدنان الكراني في ليلة التاسع من شهر محرم الحرام لعام 1442هــ

واصل الخطيب الحسيني السيد عدنان الكراني مجالسه الحسينية في ليلة التاسع من شهر المحرم الحرام لعام 1442 هـ بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و تحت عنوان " الأخلاق في مسيرة الإنسان " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة النحل " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)" ، السؤال الأول هو غرضه تعالى في تذكير الإنسان بولادته من بطن أمه ، هل هو التأكيد على أن الغاية من ابتداء عملية خلق الإنسان هو بطن الأم ؟ مررنا على هذه المسألة أن حياة الإنسان دورة تبدأ في نقطة و هي التراب و تنتهي اليها


في رواية عن الباقر (ع): انه سئل عن أي شيء خلق الله حواء فقال: أي شيء يقولون هذا الخلق؟ قلت: يقولون إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم، فقال: كذبوا كان يعجز أن يخلقها من غير ضلعه، ثم قال: أخبرني أبي عن آبائه (ع) قال : قال رسول الله (ص): ان الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه وكلتا يديه يمين فخلق منها آدم وفضل فضلة من الطين فخلق منها حواء ، هذا من أجل غلق باب من يقول بأن طينة المرأة خلقت من غير طينة الرجل . نجد أن أصل ومنشأ السلسلة الغذائية هو التراب ، فيخرج منها النبات و يمتص تلك القوة من التربة ، و بعدها يتغذى عليها الإنسان اما مباشرة ، أو من خلال حيوان مذكى ثم يأكله الإنسان ، فتتكون تلك النطفة في صلب الرجل ، و يجب أن يلاحظ الإنسان مسألة تحصيل طعامه و شرابه و الأموال التي يشتري بها ذلك الطعام و الشراب في مسألة الحلية من عدمه لأنه ستنعقد من ذلك الغذاء نطفته ، ثم تنتقل الى عالم الأرحام ثم الى عالم الآخرة ،


الكثير من العلماء و المفسرون ينظرون في أن الغرض من الآية أن يلتفت نظر الإنسان و يتذكر الرجوع الى ذلك المكان الذي خرج منه ، ويشير الى أهمية بطن الأم و تحملها للألم و القلق في أن يأتي هذا الإنسان ، ومن هنا نجد أجرالمرأة التي تموت أثناء الولادة في الشريعة الإسلامية كأجر الشهيدة . الشريعة أولت جانب المرأة و الأم أهمية كبيرة ، من سورة الإسراء " ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) " و الأم جزءٌ من الوالدين وقرن الله برهما بعبادته تعالى ، و القرآن الكرين عمل على أن يوصي الولد تجاه أبيه : وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا " ، ويقول علماء التفسير المتعلق ،لم يعطينا بنود لتحقيق معنى البر و الإحسان للوالدين ، فيكفي تحصيل المعنى للأبوة و الأمومة . اذ يجب ان يحسن الإنسان اليها لأن ذلك مرتبطًا برضا الله عز وجل ليفوقه الله تعالى .

ورد عنه ( ص ) " من فرق بين ثلاث فرق الله بينه وبين رحمته يوم القيامة ، من قال أطيع الله ولا أطيع الرسول والله تعالى يقول: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول " [النساء: ٥٩] ومن قال أقيم الصلاة ولا أوتي الزكاة والله تعالى يقول: " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " [البقرة: ٤٣] ومن فرق بين شكر الله وشكر والديه والله عز وجل يقول: " أن اشكر لي ولوالديك " [لقمان: ١٤]). ، هناك رابط بين شكر الوالدين و شكر الله تعالى ، نحن نتوجه لله بالشكر و العبادة باعتباره هو الذي خلقنا و رزقنا و أنعم علينا ، و نتوجه بالشكر لأبوينا باعتبار أن الوالدين بذلا و ضحيا بأنفسهما في سبيل الإنسان ، ونجد في ان الشريعة أوصت الولدين أن يبرّ والديه و لم توصِ الأبوين ببر الوالدين ، وذلك ليس عبثًا ، انما من ورائه قوانين الهية تكوينية ، لأن الأبوين يشعرون بأن هذا الولد قطعة منهما وجزء من كيانهما ، و لكن الولد لا يحس بذلك تجاه أبويه ، فعمل على ضبط العلاقة الأسرية وانسجامها عن طريق الأوامر الالهية ، والتي كلما تذلل الإنسان في تطبيقها ارتفع شأنه عند الله .


" َلا تَعْلَمُونَ شَيْئًا " يقول أهل المنطق بأن العلم هو حصول صورة الشيء في ذهن الإنسان ، وهذه الأشياء تدخل الى الإنسان عن طريق مدخلات خارجية من حواس خمس ، فيتحصل على صور أولية للشيء في ذهنه ، نقول أن الطفل حينما يولد ، يولد خاليًا من المعلومات الا الأساسية و الفطرية ، و نقصد بالأساسية منها قانون السببية فانها تولد مع الإنسان فيسأل الطفل عن سبب كل شيء ، فلا يتعرف الإنسان على الجزيئات في العالم الخارجي الا عن طريق اكتساب و تحصيل ، فيساهم المجتمع و البيئة في تحصيله و تكوينه أيضًا .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع