شارك هذا الموضوع

الشيخ رائد الستري يوم الثامن من محرم لعام 1442 هـ

شارك الخطيب الحسيني الشيخ رائد الستري يوم الثامن من شهر المحرم الحرام لعام 1442 هـ في المجلس الحسيني بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و تحت عنوان " مشاكل تربوية من ( الآباء و الأمهات ) " ، ابتدأ سماحته بالآية المباركة من سورة الصافات " وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24) " ، نتحدث حول موضوع أسري و تربوي عن بعض الأخطاء التي يمارسها بعض الآباء و الأمهات ، و تجرّ الأبناء الى نوع من ردة الفعل و نوع من العقوق تجاه آبائهم ، لما نفتّش عن بعض أسباب العقوق لدى بعض الأبناء ، نجد التصرف الخاطئ الذي صدر من الأب أو الأم هو سبب ذلك العقوق .


أولًا : ما يرتبط بالدور الأبوي ( الأب والأم ) و أهميته ، القرآن الكريم به جملة من النصوص التي أكدت على دور الأبوين ، من سورة التحريم " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) " المولى عز وجل يشير الى دورهام على الآباء أن يقوموا به ، وهو دور يسبب الوقاية من دخول النار ، وهذا الدور الأبوي متمثل في التوجيه و الارشاد و غرس الصفات الحسنة ، " " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، " ، و يقول المولى عز وجل في الآية التي ابتدأنا بها المجلس " وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ " ، أي أننا يوف نُسئَل عن كل مسؤولية أُنيطت لنا ، و التربية مسؤولية أنيطت بنا نحن الآباء و الأمهات .


من مستدرك الوسائل ج12 ، عن الإمام الصادق ( ع ) : " لا يزال المؤمن يورث أهل بيته العلم والأدب الصالح حتى يدخلهم الجنة [جميعا] حتى لا يفقد فيها منهم صغيرا ولا كبيرا ولا خادما ولا جارا، ولا يزال العبد العاصي يورث أهل بيته الأدب السئ حتى يدخلهم النار جميعا حتى لا يفقد فيها منهم صغيرا ولا كبيرا ولا خادما ولا جارا " ، فالتربية الحسنة هي سبب كبير لحسن العاقبة ، متى ما تقاعس الأبوان كان ذلك سببًا للمشكلات عند الأبناء ، تؤكد الدراسات الإجتماعية و النفسية أن الجزء الأكبر من الصفات أو ما يقارب 40% الى 60 % من تلك الصفات يورثها الأبناء من آبائهم .


ثانيًا : أهم الأخطاء التي يرتكبها الآباء في تعاملهم مع أبنائهم ، الخطأ الأول : انعدام الحوار و انعدام وسيلة التواصل مع الأولاد ، تنعدم الطريقة المثلى للتحاور و التحدث معهم ، وعادة انعدام الوسيلة يأتي من الاهمال فتصنع فجوة بين الآباء و الأبناء ، مما يعرضهم الى أن يعالجوا تلك المشكلة معالجة ذاتية مع افتقارهم للخبرة و الحكمة ، فيعالجوها بطريقة سيئة في هذا الإطار، ويؤكد الإسلام على موضوع الجلوس مع الأبناء لأنه يهيئ الأرضية ويؤسس الى بقاء القرب بينهم . عن النبي ( ص ) " جلوس المرء عند عياله أحب إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا " لأن بناء الأفراد في المجتمع هو الذي يغذي المسجد ، فعمارة المسجد ليست بالبناء بل بالمصلين الذين يطيعون الله في كل بقعة و ليس في المسجد فحسب ، ولذا ندعو لابقاء التواصل بين الآباء و الأبناء و لما تجد شيئًا من الإبتعاد ، بادر أنت أيها الأب لكسر ذلك التباعد . واصنع علاقة خاصة وابقَ على قربٍ من مشاكلهم و همومهم .


الخطأ الثاني : عدم قبول الفوارق الفردية بين الأبناء ، فيريد الأبوين جميع أبنائهم قالبًا واحدًا . يكونوا نشطين و متفوقين و بمثل الميول ، ولكن هذا لن يحصل ، و يتحدث الله عز وجل في سورة هود " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) " ، الإختلاف في الصفات و الميول و الجوانب البدنية و العقلية والعاطفية و النفسية و قوة الإدراك الذهنية أمرًا طبيعيًّا . نحن تتعامل مع أولاد مختلفين ولو تشابهوا في بعض الصفات . لابدّ من تقدير الولد الذي يبذل كل الجهد ولو لم يصل الى المستوى الذي رسمته ، وأن تبارك له جهده ايمانًا بالفوارق الفردية .


الخطأ الثالث : المقارنة مع الغير ، فان المقارنات تهدم الثقة في النفس وتستبدل المودة بنوعٍ من الكره و الضغينة . لا تسعَ و لا تقم بالمقارات ، ان كان ولابد فركّز على المقارنة بشكل عام و في الأفكار و لكن لا تقارن في جوانب الشخصية . و تجنب تلك الأمور المستفزة ، ولأن المقارنة هي من تسقط الأبوين في الخطأ الرابع و هو التمييز . المقارنةُ عملٌ لفظيٌّ ، أمّا التمييزُ فعلٌ سلوكيٌّ ، تجنّب التمييز في العواطف و اظهار المشاعر و تجنّب التمييز في العطاء المعيشي . من سورة النحل " ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)".


ينقل النعمان بن بشير : أعطاني أبي عطية ، فقالت أمي عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد النبي ( ص )، فأتى النبي ( ص ) فقال : إني أعطيت ابني من عمرة عطية فأمرتني أن أشهدك ، فقال ( ص ) : أعطيت كل ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال ( ص ) : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، لا أشهد على جور . النبي ( ص ) يشير الى جنبات أخلاقية واشكالات تربوية وهي ان هذه الهبة قد تكون سببًا الى الحقد بين الأخوة ، ولذا نجد -مع الأسف- بعض الاحقاد بين الأخوة ، لأن الآباء هم من مارسوا التمييز و لم يكونوا منصفين مع أبنائهم . لابدّ في بعض الأحيان من شرح الظروف للأبناء لتفهم موقفك و تصرفك في التمييز ان كنت مضطرًا . حاول أن تساوي قدر الإمكان في الصرف وفي التقبيل و في الهدايا و في كل شيء ، و اشرح موقفك لهم دائمًا . ثالثًا : هذه التصرفات تسبب العقوق لدى الأبناء ، فبعد الأخطاء تحصل العقوق ، وفي بعض الاحيان نكون نحن السبب في ذلك .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع